إنكلترا تطلق تجربة أول لقاح للسرطان في العالم: "لحظة تاريخية للمرضى"

01 يونيو 2024
مريضة تخضع للعلاج من سرطان الثديفي في إحدى مستشفيات إنكلترا، في 12 فبراير 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الخدمة الصحية الوطنية في إنكلترا تبدأ تجربة أول لقاح للسرطان في العالم، مصمم لمنع عودة المرض بتحفيز جهاز المناعة.
- اللقاح، المطور بتقنية mRNA من قبل "بيونتيك" و"جينيتيك"، يهدف لتقليل فرص عودة السرطان، مع اتفاقية لتوفير العلاج لـ10,000 مريض بحلول 2030.
- التجربة تستهدف مرضى سرطان القولون والمستقيم، مع أول مريض في إنكلترا يعبر عن أمله في المساهمة بمستقبل العلاج، وخطط لتوسيع التجارب لأنواع أخرى من السرطان.
كشفت الخدمة الصحية الوطنية في إنكلترا، الجمعة، عن إطلاق تجربة أول لقاح للسرطان في العالم، من شأنه أن يساعد في منع عودة المرض بعد الجراحة، ما يحمل آمالاً كبيرة للمرضى ويمثل تجربة جديدة تفتح آفاقاً علاجية مستقبلية. وصُمّمت الجرعات للتعامل مع نوع الورم الموجود وقتل الخلايا السرطانية عن طريق تحفيز جهاز المناعة.

ويُمثل السرطان سبباً رئيسياً للوفاة في جميع أنحاء العالم، وقد أزهق أرواح 10 ملايين شخص تقريباً في عام 2020، أو ما يعادل وفاة واحدة تقريباً من كل 6 وفيات. ويُعزى حوالي ثلث الوفيات الناجمة عنه إلى تعاطي التبغ، وارتفاع منسب كتلة الجسم، وتعاطي الكحول، وانخفاض مدخول الجسم من الفواكه والخضروات، وقلّة ممارسة النشاط البدني، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
 

أول لقاح للسرطان

وبحسب الخدمة الصحية الوطنية في إنكلترا، فإن اللقاح الجديد شكل من أشكال العلاج المناعي، وهو مصمم لتحفيز جهاز المناعة في الجسم حتى يتمكن من تحديد موقع الخلايا السرطانية ومكافحتها، مما يقلّل من فرص عودة المرض ثانية. وعكس اللقاحات الخاصة بأمراض مثل الإنفلونزا أو كوفيد-19، التي تؤخَذ لمنع شخص ما من الإصابة بالمرض، يعالج لقاح السرطان الأشخاص الذين يعانون بالفعل المرض.
وقال المدير التنفيذي للأبحاث والابتكار في مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، إيان فوكس: "إنه من لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال، ويقوم بتنبيه الجهاز المناعي ومن ثم اكتشاف السرطان واستهدافه في مراحله الأولى، ويحتوي اللقاح على جزء غير ضار من الجرثومة أو الفيروس (مثل البروتين، أو شكل ميت أو ضعيف من الجرثومة، أو قطعة من مادتها الوراثية)، التي يتعرف إليها الجهاز المناعي على أنها غريبة ويستجيب لها من طريق إنتاج الأجسام المضادة".
وأضاف: "يقوم الجهاز المناعي بعد ذلك بإنشاء خلايا ذاكرة "تتذكر" الجرثومة ويمكنها إنتاج هذه الأجسام المضادة بسرعة، التي تبقى في الجسم لفترة طويلة، إذا غزت الجرثومة الجسم في المستقبل، فيمكن لجهاز المناعة التعرف إليها بسرعة ومهاجمتها باستخدام خلايا الذاكرة والأجسام المضادة، ما يمنع الشخص من الإصابة بالمرض أو يقلل من شدته". وأشار فوكس إلى أنّ أول لقاح للسرطان سيُستخدَم جنباً إلى جنب مع الجراحة والعلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي لمنع عودة السرطان، وقد تكون له آثار جانبية أقل من العلاجات الأخرى. بحسب ما جاء في وكالة الأنباء القطرية "قنا".
اللقاح الذي يستخدم تقنية الحمض النووي الريبي المرسال mRNA طوّرته شركتا التكنولوجيا الحيوية الألمانية "بيونتيك" و"جينيتيك". وينتظر أن تقدم شركة التكنولوجيا الحيوية الألمانية، اليوم السبت، بيانات أولية جديدة في المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري في شيكاغو حول كيف يمكن أن يساعد قياس الحمض النووي للورم المنتشر في الكشف المبكر عن سرطان القولون والمستقيم.

ويعدّ سرطان القولون والمستقيم ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعاً في العالم، حيث يمثل حوالي 10 في المائة من جميع حالات السرطان، والسبب الرئيسي الثاني للوفيات الناجمة عن السرطان في العالم. ويصيب أساساً الأفراد الأكبر سناً، حيث تحدث غالبية الحالات لدى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 50 عاماً فما فوق، بحسب معطيات منظمة الصحة.

"لحظة تاريخية للمرضى"

من جانبها، أشادت رئيسة هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنكلترا، أماندا بريتشارد، بالتطور ووصفته بأنه "لحظة تاريخية" للمرضى. وقالت: "إن هيئة الخدمات الصحية الوطنية في وضع فريد لتقديم هذا النوع من الأبحاث الرائدة عالمياً من حيث الحجم والنطاق"، وفقاً لما نقلت عنها صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أمس الجمعة.
 
ووفقاً للمصدر نفسه، لا تزال الأبحاث حول لقاحات السرطان في مرحلة مبكرة، لكن التجارب أظهرت بالفعل أنها يمكن أن تكون فعالة في قتل أي خلايا سرطانية متبقية بعد الجراحة وتقليل خطر عودة السرطان كثيراً. وقد قامت هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنكلترا بتسجيل عشرات المرضى في منصتها الجديدة لإطلاق لقاحات السرطان، مع خطط لتسجيل الآلاف في 30 موقعاً مختلفاً في إنكلترا. وتوقع المسؤولون أن تتمحور التجارب الأولية حول سرطان القولون والمستقيم والجلد والرئة والمثانة والبنكرياس والكلى، ولكن يمكن إضافة أنواع أخرى من السرطان في المستقبل.
وبحسب الصحيفة، سيحصل المرضى الذين يستوفون معايير الأهلية ويوافقون على إجراء فحص دم وتحليل عينة من أنسجة السرطان لديهم على إمكانية الوصول الفوري إلى التجارب السريرية للقاحات الجديدة التي يقول الخبراء إنها تمثل فرصة حقيقية وفجراً جديداً لعلاج السرطان.
وشارك أول مريض انضم إلى منصة إطلاق أول لقاح للسرطان من هيئة الخدمات الصحية الوطنية في برمنغهام، إليوت بفيبفي (55 عاماً) تجربته وهو مشخص بالإصابة بسرطان القولون والمستقيم، وخضع لعملية جراحية لإزالة الورم و30 سم من الأمعاء الغليظة، أعقبها العلاج الكيميائي.
 
وقال إليوت بفيبفي: "من خلال إمكانات هذه التجربة، إذا نجحت، فقد تساعد الآلاف، إن لم يكن الملايين من الأشخاص المرضى، حتى يكون لديهم الأمل". مشيراً إلى أهمية اللقاح للمرضى في المستقبل. وأضاف: "لكوني جزءاً من هذه التجربة فهذا قرار مهم حقّاً في حياتي، لي ولعائلتي، بعد أن مررت بصعوبة التشخيص والعلاج الكيميائي المنهك، كان من الرائع أن أكون قادراً على المشاركة في شيء يمكن أن يؤدي إلى طريقة جديدة لعلاج السرطان، وإذا كان بإمكان الآخرين الاستفادة مما قد تكتشفه التجربة، فهذا أمر رائع أيضاً". وفقاً لما نقلت عنه الصحيفة البريطانية.
 

من جهتها، أوضحت المحققة الرئيسية في التجربة الدكتورة فيكتوريا كونين تفاؤلها بالنتائج المحتملة للقاح، مشيرة إلى أن من السابق لأوانه الحديث عن فعالية اللقاح الكاملة في العلاج، إذ ما زالت التجربة تحتاج إلى المزيد من البيانات حول الاستجابة.
يذكر أن عشرات الآلاف من أطباء الأورام والباحثين الصحيين والعلماء سيناقشون تجربة أول لقاح للسرطان ضمن فعاليات في المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري المنعقد في شيكاغو إلى غاية 4 يونيو/ حزيران الجاري.

 
المساهمون