في وقت يكافح فيه المجتمع الدولي انتشار الأمراض على غرار إيبولا وجدري القرود وحتى فيروس كورونا، تزداد المخاوف بعد زيادة أعداد الإصابات بمرض الكوليرا في ظل نقص العلاجات.
شركة Shantha Biotechnics، وهي شركة هندية مملوكة بالكامل لشركة الأدوية الفرنسية Sanofi، والتي تنتج لقاح شانتشول المضاد للكوليرا، ستتوقف عن العمل في غضون أشهر، ما يعني توقف إمداد اللقاح بحلول نهاية عام 2023، مما يثير قلق مسؤولي الصحة الدوليين، بحسب ما تورده صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، اليوم السبت.
هذه الخطوة وصفها رئيس فريق مكافحة الكوليرا وأمراض الإسهال الوبائي في منظمة الصحة العالمية فيليب باربوزا، بـ"الخطيرة"، وقد ناشدت منظمة الصحة العالمية الشركة العودة عن قرارها.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، يوجد حالياً 3 لقاحات فموية مضادة للكوليرا من اللقاحات التي اختبرت المنظمة صلاحيتها مسبقاً، علماً أنه يلزم أخذ جرعتين من هذه اللقاحات الثلاثة جميعها من أجل توفير حماية كاملة، وهي:
- لقاح ديوكورال (Dukoral)
- لقاح شانتشول (Shanchol)
- ولقاح يوفيتشول-بلس (Euvichol-Plus)
ويعد اللقاحان شانتشول ويوفيتشول-بلس، متطابقين من حيث التركيب ومن إنتاج شركتين مختلفتين، ولا يحتاجان إلى محلول مخمّد لإعطائهما. ويُعطيان لجميع الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن عام واحد. ويجب أن تكون هناك فترة فاصلة قدرها أسبوعان كحد أدنى بين كل جرعة من هذين اللقاحين، اللذين توفر جرعتان منهما حماية ضد الكوليرا لمدة تصل إلى 3 أعوام، بينما لا توفر جرعة واحدة منهما إلا حماية قصيرة الأجل.
بحسب تصريحات المسؤولين عن الشركة، فإنّ قرار وقف الإنتاح قد اتخذ منذ عامين تقريباً، وتم إبلاغ منظمة الصحة العالمية بوقف الإمدادات. ولم تأخذ في الاعتبار مطالبات منظمة الصحة بالعدول عن هذا القرار. وكان مدير المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس، قد طالب بضرورة إيجاد العلاجات الفورية لمرض الكوليرا، وتوزيعها على الدول التي تعاني من ارتفاع في معدلات الإصابة بالمرض.
وافقت منظمة الصحة العالمية على لقاح شانتشول عام 2011، ومنذ ذلك الحين تم شحنه إلى 25 دولة. ووزعت ملايين الجرعات من اللقاح في العديد من المناطق، ومن بينها المناطق شديدة الخطورة. بالتالي، فإنّ توقف الشركة عن إرسال الإمدادات الصحية سيخلق فجوة كبيرة في حال انتشر المرض دولياً.
-
متى بدأ تفشي الكوليرا في 2022؟
بدأت أزمة الكوليرا تثير مخاوف المجتمع الدولي، إثر ارتفاع الإصابات ولا سيما في كل من سورية ولبنان ودول أخرى في العالم، أخيراً، ووصلت الإصابات إلى أكثر من 13 ألف إصابة مشتبهاً فيها، في جميع المحافظات السورية تقريباً، وبعض المناطق اللبنانية.
وبدأ تفشي الكوليرا تحديداً في سورية، منذ نهاية أغسطس/ آب الماضي، وأدى بحسب التقارير إلى وفاة ما لا يقل عن 60 شخصاً، فيما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، في أكتوبر/ تشرين الأول، رصد أولى الحالات، والتي وصلت بحسب آخر التقارير، إلى 5 إصابات مع تسجيل وفاة.
ويعود تفشي الكوليرا إلى استهلاك المياه الملوثة وري الحقول بمصادر ملوثة في الشمال الشرقي من الأراضي الزراعية السورية، إلى جانب حلب المجاورة التي تعتبر من أكثر المناطق تضرراً، وهو ما أكده رئيس وحدة الكوارث والمناخ والأزمات في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر حسام فيصل.
-
ما هو الكوليرا؟
تنتج عدوى الكوليرا بسبب أحد أنواع البكتيريا التي تسبب الإسهال وتنجم عن تناول الأطعمة أو شرب المياه الملوّثة بضمات بكتيريا الكوليرا. ولا تزال الكوليرا تشكّل تهديداً عالمياً للصحة العامة ومؤشراً على انعدام المساواة وانعدام التنمية الاجتماعية. وغالباً ما تكون العدوى خفيفة أو بدون أعراض، ولكنها قد تكون شديدة في بعض الأحيان وتهدد الحياة، بحسب ما جاء في تعريف منظمة الصحة العالمية.
وعلى الرغم من سهولة علاجها، تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أنّ الكوليرا تقتل ما يصل إلى 143 ألف شخص سنوياً في أفقر دول العالم، فيما يقدر الباحثون أنّ ما بين 1.3 إلى 4 ملايين حالة إصابة تحصل سنوياً بالوباء.
وما زال الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي الأساسي غير مكتمل في العديد من الدول، وتكافح دول من بينها هايتي وسورية ولبنان ونيجيريا وملاوي وإثيوبيا تفشي المرض الآن.
وتحتاج الحالات الشديدة إلى علاج سريع بالسوائل الوريدية والمضادات الحيوية، ويجب استخدام لقاحات الكوليرا الفموية جنباً إلى جنب مع التحسينات في المياه والصرف الصحي للسيطرة على تفشي الكوليرا والوقاية في المناطق المعروفة بأنها عالية الخطورة للإصابة بالكوليرا.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، يستغرق ظهور العوارض ما بين 12 ساعة و5 أيام على الشخص بعد تناول طعام أو مياه ملوثة. وتؤثر الكوليرا على كل من الأطفال والبالغين ويمكن أن تقتل في غضون ساعات إذا لم يتم علاجها.
بالإضافة إلى أنّ تلوث المياه يعد السبب الرئيسي لانتشار الوباء، إلا أنّ غيبريسوس لفت إلى أنّ أزمة المناخ تلعب دوراً في انتشار الكوليرا، إذ أدت الأحداث المناخية القاسية مثل الفيضانات والأعاصير والجفاف إلى تقليل وصول الناس إلى المياه النظيفة. وقال إنّ ما يثير القلق بشكل خاص هو متوسط معدل الوفيات بسبب المرض، والذي بلغ هذا العام، وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، ما يقرب من ثلاثة أضعاف معدل السنوات الخمس الماضية.
- هكذا ينتشر الكوليرا حول العالم
في لبنان، اكتُشفت حالات إصابة بالكوليرا في المناطق الريفية على الحدود مع سورية، ويعود السبب في ذلك إلى حركة الانتقال بين البلدين. وقالت مديرة البرامج في منظمة الصحة العالمية أليسار راضي، لصحيفة "لوموند" الفرنسية، إنّ لبنان معرّض بشدة لخطر انتشار الكوليرا وأمراض الإسهال الحاد، بسبب نقص المياه النظيفة في المناطق النائية.
وفي هايتي، تم الإبلاغ عن 32 حالة مؤكدة مخبرياً بالإضافة إلى 224 حالة في مناطق مختلفة من الدولة. وأدخل ما مجموعه 189 حالة إلى المستشفى، وأبلغ عن 16 حالة. وكانت الفئة العمرية الأكثر تضرراً من 1 إلى 4 سنوات.
أما في ملاوي الواقعة شرقي أفريقيا، فقد تسبب المرض في مقتل 110 أشخاص وإصابة ما يقرب من 4000 منذ مارس/ آذار الماضي، عندما تم الإبلاغ عن الحالة الأولى، وفقاً لوزير الصحة في ملاوي خومبيز تشيبوندا.