أوكرانيا تحقق في ترحيل أطفال قسراً إلى روسيا باعتباره جريمة حرب

03 يونيو 2022
تداعيات خطيرة للحرب على أطفال أوكرانيا (بيتا زاوريل/ Getty)
+ الخط -

قالت المدعية العامة الأوكرانية إن المحققين في قضايا جرائم الحرب في بلادها يتحرون صحة مزاعم حول ترحيل أطفال قسراً إلى روسيا خلال الغزو، في إطار مسعى لإعداد لائحة اتهام بالإبادة الجماعية.

وقالت المدعية العامة، إيرينا فِنيديكتوفا، التي تشرف على العديد من التحقيقات في جرائم الحرب في أوكرانيا: "لدينا أكثر من 20 قضية حول نقل أشخاص قسراً" إلى روسيا من مناطق مختلفة عبر الدولة منذ بدء الغزو في 24 فبراير/ شباط.

وأضافت: "منذ الأيام الأولى للحرب، بدأنا هذه القضية المتعلقة بالإبادة الجماعية، وفي خضم الفوضى والدمار اللذين أحدثهما الهجوم الروسي، فإن التركيز على نقل الأطفال هو أفضل وسيلة لجمع الأدلة اللازمة لإدراج الأمر تحت مظلة التعريف القانوني للإبادة الجماعية، لهذا فإن هذا النقل القسري للأطفال مهم جداً بالنسبة لنا".

ويصنف القانون الدولي الإنساني الترحيل الجماعي القسري في أثناء النزاعات على أنه جريمة حرب. ويُعتبر "نقل الأطفال قسراً" على وجه الخصوص بمثابة إبادة جماعية، وهي أخطر جرائم الحرب بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، والتي تحظر الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لمجموعة قومية أو عرقية أو دينية.

وأحجمت فِنيديكتوفا عن تحديد عدد من نقلوا قسراً. غير أن أمينة حقوق الإنسان في أوكرانيا، ليودميلا دِنيسوفا، قالت في منتصف مايو/ أيار إن روسيا نقلت أكثر من 210 آلاف طفل خلال الصراع، من بين أكثر من 1.2 مليون أوكراني قالت كييف إنهم رُحّلوا رغماً عنهم.

ولم يرد متحدث باسم الكرملين على طلب للتعليق على تصريحات فنيديكتوفا، ولا على الأرقام المتعلقة بالأوكرانيين الموجودين على الأراضي الروسية.

وقالت روسيا في السابق إنها تقدم مساعدات إنسانية للراغبين في الفرار من أوكرانيا طواعية، ونقلت وكالة أنباء "تاس" الروسية الرسمية، يوم الإثنين الماضي، عن مسؤول في هيئة لإنفاذ القانون قوله إن "أكثر من 1.55 مليون شخص وصلوا من أراضي أوكرانيا ودونباس عبروا الحدود مع روسيا الاتحادية، ومن بينهم أكثر من 254 ألف طفل".

غيّر الغزو الروسي شكل الحياة في أوكرانيا (Getty)

واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية التي صدقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة في أعقاب محارق النازية تحدد خمسة أفعال يمكن أن تشكل جريمة إذا ارتكبت بقصد الإبادة الجماعية وهي: قتل أعضاء من جماعة، أو إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء الجماعة، أو إخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يُراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً، أو فرض تدابير تستهدف الحيلولة دون إنجاب أطفال داخل الجماعة، أو نقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.

وأوضحت فنيديكتوفا أن التحقيقات الرامية لإقامة أركان قضية إبادة جماعية تشمل ترحيل الأطفال قسراً، وأفعالاً أخرى تستهدف مناطق بشمال أوكرانيا، وصولاً إلى ميكولايف وخِرسون على الساحل الجنوبي، وأن عملية جمع الأدلة تعقدت بسبب الحرب.

وقال مكتب المدعية العامة إنه بالإضافة إلى الإبادة الجماعية يجرى التحقيق في جرائم حرب مزعومة أخرى في مناطق كييف وخاركيف ولفيف وسومي وجيتومير.

وقال مسؤولون أوكرانيون إنهم يحققون في استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية عمداً، والاغتصاب، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القضاء على أيدي القوات الروسية.

وقالت فِنيديكتوفا إن أوكرانيا حددت هوية أكثر من 600 روسي من المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب، وبدأت بالفعل في محاكمة نحو 80 منهم، مضيفة أن عدداً قليلاً منهم محتجزون كأسرى حرب. ولم تذكر ما إذا كان أي منهم متهماً بالترحيل القسري.

ونفت روسيا بشدة أن تكون قواتها قد ارتكبت جرائم حرب في أوكرانيا، واتهمت بدورها القوات الأوكرانية بارتكاب أعمال وحشية تتضمن إساءة معاملة الأسرى، وقالت كييف إنها ستحقق في مزاعم الانتهاكات.

يقول خبراء قانونيون إن إثبات تهم الإبادة الجماعية له معايير صارمة، وإنه لم يتسن إثبات مثل هذه التهم في المحاكم الدولية إلا في ثلاثة نزاعات، هي البوسنة، ورواندا، وكمبوديا، منذ إدراجها في القانون الإنساني.

طلبت أوكرانيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي (Getty)

إلا أن بعض خبراء القانون قالوا إن هناك أدلة متزايدة تدعم قضية ارتكاب إبادة جماعية في أوكرانيا، بما في ذلك منوال من الأعمال الوحشية يمكن أن يحقق المعايير الصارمة المطلوبة لإثبات قصد الإبادة الجماعية.

وقال مسؤولون في أوكرانيا إن محاكمها ستعمل بكامل طاقتها للتعامل مع المئات من قضايا جرائم الحرب المحتملة، والهدف هو إحالة القضايا الكبرى إلى المحكمة الجنائية الدولية التي لديها خبراء في التعامل مع مثل هذه القضايا المعقدة، ولها صلاحية التدخل عندما تحتاج النظم القانونية الوطنية لمساعدة.

وفتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاتها في جرائم الحرب المحتملة في أوكرانيا في أوائل مارس/ آذار، لكن المدعي العام للمحكمة كريم خان أحجم يوم الثلاثاء عن الخوض في تفاصيل بشأن الجرائم التي سيدرسها مكتبه، وقال إن المحكمة أرسلت 42 خبيراً ومدعياً عاماً وموظفاً إلى أوكرانيا، وتعتزم فتح مكتب في كييف.

وجرائم الحرب في أوكرانيا هي محور التحقيقات المحلية، وتنظرهاً أيضا 18 دولة تطبق الولاية القضائية العالمية التي تسمح بإجراء محاكمات تتعلق بأخطر الجرائم الدولية في أي مكان.

(رويترز)