يشكو أهالي مدينة عفرين وضواحيها، شمال غربي سورية، سوء الخدمات، منها المياه التي لا تتوفر وخصوصاً في القرى، الأمر الذي يدفع الجهات المحلية إلى تأمينها، بالإضافة إلى غلاء الأسعار وخصوصاً أسعار الكهرباء، في وقت تسعى فيه المجالس المحلية إلى رأب الصدع وتفعيل الخدمات بالإمكانيات المتاحة.
تصل الكهرباء إلى مراكز مدينة عفرين ونواحيها الست: بلبل، جنديرس، راجو، شران، شيخ الحديد، ومعبطلي، بينما لا تصل إلى القرى التابعة لها. ويقول عبد الله الفهد، وهو أحد السكان المهجّرين من مدينة حمص، لـ"العربي الجديد": "نظام الشركة السورية التركية للطاقة الكهربائية STE غير واضح، كما أن تعاملها مع المواطنين سيئ. وهناك احتقان شعبي ضدها بعد ارتفاع أسعار الكهرباء من 75 قرشاً تركياً إلى ليرتين و50 قرشاً تركياً للكيلوواط. وشهدت عفرين احتجاجات ضد شركة الكهرباء خلال الشهرين الماضيين، وطالب المحتجون بأسعار تتناسب مع دخل المواطن المحدود بمعدل 75 دولاراً شهرياً.
وفي آخر تسعيرة لمنطقة عفرين صدرت بعد اجتماعات مع مدراء الشركة في الثالث من فبراير/ شباط الماضي، أصبح سعر الـ100 كيلوواط ساعة منزلي بـ185 ليرة (نحو 12 دولاراً)، بدلاً من 230 ليرة تركية (نحو 15 دولاراً)، والاشتراك التجاري والصناعي بثلاث ليرات تركية للكيلوواط. وفي الأسبوع الأخير من مارس/ آذار الماضي، عادت التسعيرة للارتفاع إلى 245 ليرة تركية (نحو 17 دولاراً)، لكل 100 كيلوواط، ما يُنذر بتجدّد الاحتجاجات في عفرين. ودعا ناشطون إلى تفعيل وسم #مهجرين_ولسنا_سائحين مع إطفاء الأنوار في كامل عفرين، على مدى 4 أيام، من الساعة التاسعة وحتى العاشرة مساءً.
تتفاوت جودة خدمة الإنترنت من منطقة إلى أخرى في عفرين. وتعمل مجموعة شبكات تحت إدارة شركة واحدة هي "وطن للاتصالات". وفي 24 فبراير/ شباط الماضي، حدّدت الشركة لجميع الصالات سعر 25 ليرة تركية لكل واحد ميغا. ويقول صاحب شبكة "فارس نت" زاهر فرزات، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الخدمة في عفرين أصبحت منذ نحو شهرين أكثر استقراراً بعد تفعيل كابل الألياف الضوئية وتحديد سعر موحّد لكافة الشبكات، وتفعيل خط بديل من مدينة أعزاز"، لافتاً إلى أنَّ جودة الإنترنت تبقى في كلّ منطقة بحسب جهود الصيانة المبذولة من قبل أصحاب الشبكات، والاشتراك الشهري للميغا الواحد هو سبعة دولارات.
من جهتها، تقول الصحافية رنا توتنجي، المقيمة في عفرين، لـ"العربي الجديد"، إنّه على الرغم من تبديل كابلات الألياف الضوئية، "ما زالت خدمة الإنترنت ضعيفة". وتُرجع الشركة سبب ارتفاع السعر إلى تدمير البنى التحتية وإدخال كابل الألياف الضوئية من تركيا مع استبدال التجهيزات القديمة، لافتة إلى صعوبات تكمن في الحصول على خطوط هواتف تركية.
وتقف المواصلات حائلاً أمام رغبة مروة السرميني في الذهاب إلى مركز التعليم والتطوير المهني في عفرين حتى تتمكّن من مواجهة الحياة في ظلّ الغلاء وشح فرص العمل، وتقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "الخدمات المتوفرة في عفرين محدودة، سواء في الجانب التعليمي أو الطبّي أو الاجتماعي، وأشعر بأنني مقيدة في منزلي وأحاول البحث عن فرصة لتطوير نفسي من خلال دورات تدريب مهنية نسوية. لكن للأسف، فهي غير متوفرة في المكان الذي أسكن به في ناحية جندريس"، مشيرة إلى انعدام المواصلات العامّة باستثناء التاكسيات ضمن فترة زمنية محددة من السابعة صباحاً وحتى الثانية ظهراً، "إلا أن التوقيت يتعارض مع مواعيد الدورات"، وتضيف أنه بالنسبة إلى باصات النقل الداخلي، فهي غير متوفرة باستثناء باص نقل قديم يصل بين أحياء عفرين فقط من الثامنة صباحاً وحتى السادسة مساءً. وبالنسبة لبدل التاكسي، فهو 100 ليرة (نحو 7 دولارات) في حال كانت المسافة عشرين دقيقة ذهاباً وإياباً.
يقول أهالي عفرين إنّ أكثر ما يعانون منه هو ارتفاع سعر ربطة الخبز إلى 8 ليرات تركية (نصف دولار أميركي)، لتلك التي تزن 800 غرام. وهناك خبز مدعوم من منظمة "غول" ولا يتجاوز سعر الربطة 4 ليرات تركية. وحول دور المجالس المحلية في تأمين الخبز، يقول مدير المكتب الإعلامي في مجلس مدينة عفرين المحلي أحمد حماحر، لـ"العربي الجديد": "يعمل المجلس على دعم كمية محدّدة من الخبز لا تُلبّي الحاجة بالكامل لكنّها تساعد بعض الأسر عبر بيع الربطة بوزن 700 غرام بليرتين تركيتين، وهو سعر بنصف الكلفة". كما افتتح المجلس بالتعاون مع منظمتي إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد" و"أيادي المسلمين الخيرية"، مخبز عفرين الخيري في 11 فبراير/ شباط الماضي، لتأمين المزيد من الدعم لهذه المادة الأساسية للسكان.
ويشير حماحر إلى أنّ المجلس المحلي يقدم جميع الخدمات التي تناط بالمجالس المحلية في المجالات الخدماتية والطبية والتعليمية والإغاثية، بالإضافة إلى السجلات المدنية والمواصلات وغيرها من الخدمات، ويقول إنّ "ممارسة المجلس لأدواره تصطدم بعدّة صعوبات، وأهمّها ضعف الإمكانيات المادية قياساً بالاحتياجات، وعدم الاستقرار الاقتصادي وزيادة أسعار الطاقة، بالإضافة إلى واقع المدينة التي شهدت دماراً وفقداناً لمقومات الحياة قبل إدارة المعارضة لها في 18 مارس/ آذار 2018".
ويقول إن الوضع في المنطقة يُعد الأفضل كونها "الأفضل قياساً بالمجالس المحلية الأخرى"، آخذاً في الاعتبار "الفارق في الإمكانيات والموارد"، مضيفاً أنّ وضع المياه يُعدّ الأفضل والأقل كلفةً في الشمال السوري وهناك مساع لتأمين المياه بشكل يومي. كما يتابع المجلس المحلي موضوع الكهرباء وتحديد السعر بما يلائم الوضع العام وسعر المصدر، في وقت يستمر المجلس فيه بتأهيل الشوارع ورصفها وتأمين البنية التحتية، مشيراً إلى أنَّ الشكاوى المقدّمة للمجلس تتمحور بمعظمها حول الغلاء كالخبز والطاقة وقلة فرص العمل.
ويقدّر عدد سكان مدينة عفرين، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، في مايو/ أيار عام 2021، بـ102.737 نسمة، (66.019 نازحاً و36.718 مقيماً). ويقول الناشط أحمد عبارة، لـ"العربي الجديد"، إنّ المقيمين في منطقة عفرين (ريف ومدينة) من سكانها الأصليين لا تتجاوز نسبتهم 20 في المائة. أما المهجّرون فنسبتهم نحو 80 في المائة.