أمنيات أهالي غزة في العام الجديد... توقف الحرب واستعادة الحياة

31 ديسمبر 2024
يلهون بمخيم النزوح في دير البلح. 26 ديسمبر 2024 (مجدي فتحي/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يتمنى أهالي غزة انتهاء الحرب وعودة الحياة الطبيعية، بما في ذلك السير في الشوارع، وذهاب الأطفال إلى المدارس، والصلاة في المساجد، وتوفر العلاج في المستشفيات، رغم إدراكهم أن ذلك قد يستغرق سنوات.

- تعبر شروق وليد عن رغبتها في العودة إلى منزلها بعد العيش في خيام وبيوت بالإيجار، مشيرة إلى أن الحرب حرمتها من أبسط حقوقها.

- يعبر عماد مزهر وزوجته مها عن أملهما في عودة الحياة الطبيعية، حيث يتمنى عماد العودة لعمله كخياط، بينما تركز مها على انتظام دراسة أطفالها.

لم توفّر دولة الاحتلال جريمة حرب لم ترتكبها في غزة

يتمنى الغزيون ذهاب الأطفال إلى المدارس والصلاة بالمساجد

لا يجد المرضى والمصابون في غزة مكاناً للعلاج أو الاحتماء

تدور أمنيات أهالي قطاع غزة في العام الجديد حول انتهاء الحرب وتوقف شلال الدم، وأن تعود عجلة الحياة المتوقفة للدوران، وتختفي أصوات الصواريخ، وينتهي الرعب المنتشر في كل مكان، ويعود روتين الحياة إلى ما كان عليه قبل الحرب، والعودة إلى ما تبقى من منازلهم، حتى لو كانت ركاماً.
يحن الأهالي النازحون إلى السير في الشوارع التي أصبحت مجرفة ومليئة بالحفر، وإلى ذهاب الأطفال إلى المدارس، والصلاة في المساجد، وتوفر العلاج بالمستشفيات، ويأملون انتهاء طوابير المياه والطعام، رغم إدراكهم أنها أمنيات يحتاج بعضها إلى سنوات طويلة للتحقق.
تتنقل شروق وليد منذ نحو العام بين خيام وبيوت بالإيجار في مدن جنوب قطاع غزة، وتتمنى أن يحمل العام الجديد "اتفاق تهدئة" كي تتمكن من العودة إلى منزلها في مدينة غزة الذي اشترته قبل الحرب بعامين، بعد أكثر من عشر سنوات من العيش في بيوت بالإيجار.
تقول شروق لـ"العربي الجديد" وهي أم وربة منزل: "نتمنى أن تنتهي الحرب التي جعلتنا نفقد أحبابنا، وغيرت حياتنا، وأبعدتنا عن بيوتنا، فالبعد عن البيت قسراً هو حرمان من أبسط الحقوق، ومن الأمان. اشتقت لبيتي، وعندما أشاهد صوره في الهاتف أتمعن في التفاصيل، وأستحضر الذكريات، وأتذكر بحزن سهراتنا الجميلة، وكيف عانينا لشرائه، ودفعنا كل ما نملك في مقابله".
تضيف: "أمنيتي الثانية بعد توقف الحرب، هي انتهاء أوجاع النوم على الأرض، وهي مشكلة يعانيها غالبية النازحين. أصبحت حقوقنا البسيطة كالاغتسال بالمياه الساخنة، أو استعمال دورة المياه بشكل آدمي، والجلوس مع العائلة، أو الخروج للتنزه أمنيات صعبة".
بدوره، يصف عماد مزهر (42 سنة) الذي كان يسير مع زوجته بسوق وسط مدينة خانيونس، عام 2024 بأنه "أسوأ الأعوام في حياته"، متمنياً، أن يحمل عام 2025 بداية جديدة تنهي المأساة التي يعيشها القطاع. ويقول لـ"العربي الجديد": "أصبحنا نتمنى أن نعيش كما كان عليه الحال قبل الحرب بسبب الإبادة والوحشية الإسرائيلية التي مورست علينا. كانت حياتنا على بساطتها جميلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وكان لدينا تعليم، وصحة، ونشارك في المناسبات الاجتماعية، ونتزاور، ونعمر بيوتنا ووطننا".

يهدد البرد حياة كل أطفال غزة، 27 ديسمبر 2024 (أشرف عمرة/ الأناضول)
البرد يهدد الكبار والصغار في غزة. 27 ديسمبر 2024 (أشرف أبو عمرة/الأناضول)

يتابع مزهر: "كنت أعمل خياطاً، وكنت سعيداً بعملي، والآن لا أملك شيئاً، إذ توقف العمل، واحترق منزلي، تراني أسير، لكني أعيش الصدمة مع نفسي، وقد عانينا للحصول على كل شيء، حتى أن الطحين نفد لدي منذ شهر ونصف".
وتقول زوجته مها مزهر (37 سنة): "أمنيتي أن تنتظم الدراسة، فأولادي كانوا من الأوائل، وأحدهم كان بالصف الأول، وبالكاد يتذكر الحروف. التعليم بالنسبة لي أهم شيء. الآن وين مستقبلهم؟". تضيف لـ"العربي الجديد": "نتمنى أن تعود حياتنا إلى روتينها الطبيعي. نزحت إلى محافظة رفح في مطلع 2024، ثم عدت لمنزلنا في محافظة خانيونس، فوجدته محترقاً، وقد احترقت معه أمنياتي وأحلامي".
عقب عودتها إلى المنزل، لم تجد مزهر ملابس أطفالها الشتوية، وباتت كسوتهم أمنية صعبة المنال في ظل ارتفاع أسعار الملابس، وهم يبقون بملابس صيفية رغم البرد، وتصيبهم الأمراض الصدرية والجلدية لغياب البيئة الصحية، وقد حرموا من اللعب في الأرض المجاورة لمنزلهم التي احتلتها مياه الصرف الصحي.

الحصول على الماء مهمة يومية. 11 ديسمبر 2024 (عمر القطاع/فرانس برس)
جلب الماء مهمة يومية شاقة. 11 ديسمبر 2024 (عمر القطاع/فرانس برس)

ينتظر الستيني فتحي أبو النجا الذي يسكن في شرقي مدينة خانيونس، انفراج الحال وتوقف الحرب، واليوم الذي ينام فيه بلا خوف من إطلاق آليات الاحتلال الرصاص، أو أصوات القصف. يقول أثناء تجواله في السوق لـ"العربي الجديد": "رغم كل ما مررنا به من قتل وتجويع وتشريد، إلا أنني على يقين من أن فرج الله قريب، وأن هذه الحرب ستنتهي".
في مكان آخر، يصطف الطفل عبد الله أبو طه (9 سنوات) في طابور لتعبئة المياه بوسط مدينة خانيونس، وسبقت إجابته عن أمنيته خلال العام الجديد ضحكة بريئة ممزوجة بالقهر. يقول: "أتمنى أن لا أقف في طابور المياه، لأنني منذ عام آتي إلى هنا يومياً. أريد لعب كرة القدم كباقي الأطفال".
وتضيف شقيقته ريما (10 سنوات) أمنية أخرى، هي أن تجد ألعابها ومنزلها الواقع بمدينة رفح سليماً، وأن تنتهي رحلة النزوح.
على مسافة قريبة، يحلم الطفل وليد القهوجي (9 سنوات) بأن يتخلص من الملابس البالية التي يرتديها، ويحكي لـ"العربي الجديد": "جئت إلى هنا قادماً من شرق مدينة خانيونس، لإحضار حفاظات أطفال لشقيقي الصغير، فأبي لا يعمل، وأصبح كل همنا توفير المستلزمات اليومية". ينظر بعيون حزينة نحو ملابس معلقة على واجهة أحد المحال، ويقول: "أريد أن أرتدي ملابس جديدة مثل تلك المعروضة في المحال التجارية".

ولا يستطيع غالبية النازحين شراء ملابس شتوية لأطفالهم نتيجة ارتفاع أسعارها، إذ تتراوح الأسعار ما بين 50 إلى 70 دولاراً، علما أن سعرها قبل الحرب كان لا يتجاوز 15 دولاراً.
تبدو أمنية المصاب محمود وصفي ناصر (34 سنة) مختلفة عن الأمنيات السابقة، فهو لا يعرف ماذا سيحدث معه خلال الأيام القليلة القادمة، إذ لا يتوفر مكان لاستكمال علاجه منذ اقتحام جيش الاحتلال لمستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة.
يعيش ناصر ظروفاً هي الأقسى، فبينما لا يتوقف القصف، وتهتز الأسرّة والجدران باستمرار، وتطلق مسيرّات الاحتلال نيرانها على النوافذ، لا يجد المرضى والمصابون مكاناً للعلاج أو الاحتماء. يقول لـ"العربي الجديد": "أمنيتي كحال كل الناس أن تتوقف الحرب، وأن أستطيع النوم من جديد بدلاً من الكابوس المستمر الذي نعيشه. أتمنى أن أستطيع النوم من دون التفكير بروبوت متفجر أو قذائف مدفعية أو اقتحام مفاجئ لجيش الاحتلال. في الشتاء تتقارب الأوقات، ولكن الوقت لدينا يتباعد، فالشهر بسنة، واليوم بأسبوع، والساعة بيوم، ويمر الليل ببطء، وكأن الساعة تتوقف ليلاً".