أطباء ليبيا يهددون بالتصعيد لنيل حقوقهم

27 مارس 2023
يعاني أطباء ليبيا بسبب نقص الخدمات في المستشفيات (كريس هوندروس/ Getty)
+ الخط -

يستعدّ أطباء ليبيا لبدء إضراب مفتوح خلال الأيام القليلة المقبلة، وتصعيد احتجاجاتهم، بسبب ما يعتبرونه إجحافاً مالياً بحقهم، في ظل تدنّي أجورهم وتأخر صرفها. وهدّد الأطباء "بتقديم استقالات جماعية والهجرة إلى الخارج"، بحسب بيان أصدرته النقابة العام للأطباء في ليبيا في التاسع من الشهر الجاري.
وجاء البيان بعدما نظم عدد من الأطباء وقفة احتجاجية أمام مقر مجلس الوزراء في التاسع من الشهر الجاري، أعلنوا خلالها عن استيائهم، وعدم موافقتهم على جدول رواتب الأطباء الذي أصدرته الحكومة في طرابلس، معتبرين أنّ الجدول تضمن "عيوباً وأخطاء وإجحافاً" في حقهم، وطالبوا المسؤولين الحكوميين "بسرعة إعادة دراسته وتقييمه وفقاً للمؤهلات العلمية والتدرج الوظيفي والأقدمية، ثم وضعه موضع التنفيذ خدمة للصالح العام". وقال المحتجون إن "هذه الوقفة ليست الوحيدة، بل هناك وقفات احتجاجية مشابهة ومتضامنة معها في مختلف مناطق ليبيا ومدنها شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، تنادي بأعلى صوتها وتطالب بتلك الحقوق المشروعة نفسها". وحدّد الأطباء المحتجون مطالبهم، وهي: إعادة النظر في رواتبهم، وتوفير المعدات والمستلزمات الطبية، وبيئة ملائمة للعمل، ودفع مستحقات العاملين خلال جائحة كورونا، واعتبار العناصر الطبية التي توفيت خلال العمل شهداء واجب، وصرف رواتب الأطباء. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

كما طالب الأطباء بضرورة منح الأطباء أساتذة الجامعات علاوة للتدريس، وتوفير التأمين الطبي للعناصر الطبية والعناصر الطبية المساعدة، بالإضافة إلى مطلب عام يتمثل في مكافحة الفساد، والنهوض بقطاع الصحة. وشدد المحتجون، في كلمتهم خلال الوقفة، على "أهمية إعادة النظر في هذا الجدول تفادياً لأية نتائج سلبية تنعكس مباشرة على القطاع والمواطن"، مهددين "بإضراب شامل، والتصعيد بتقديم استقالات جماعية، والتقاعد الاختياري، والتوجه والهجرة إلى الخارج"، وخصوصاً في صفوف المتخصصين والاستشاريين وأصحاب الشهادات العليا والتخصصات النادرة، التي يعد القطاع الصحي في أمس الحاجة إليها، مشيرين إلى أن أقساماً في بعض المستشفيات "لوحت بإيقاف العمل خلال الفترة المقبلة في حال عدم تنفيذ المطالب".
ويؤكد عضو نقابة الأطباء، حسن شنيبه، مشروعية مطالب الأطباء والأطباء المساعدين والكوادر الطبية كافة بشأن رفع أجورهم، إلا أنه نفى أن تكون الاحتجاجات في أي شكل سواء بالإضراب الشامل أو الاستقالات على صلة بالمطالب المادية فقط. ويقول لـ "العربي الجديد" إن "تحسين الوضع في المرافق الصحية والخدمات فيها هما من أهم المطالب، بل ولها الأولوية قبل رواتبنا"، مشيراً إلى أن المستشفيات والمراكز الصحية العامة "تعيش حالة انهيار مستمرة، ما يؤثر على وضع المواطن أيضاً".

الحكومات متهمة بالتورط في تدمير المنظومة الصحة (غراتيان دي موستيير/ Getty)
الحكومات متهمة بالتورط في تدمير المنظومة الصحية (غراتيان دي موستيير/ Getty)

ويسأل شنيبه: "لصالح من يُدمّر القطاع الصحي العام؟ أعتقد أن أي ليبي لن يحار وهو يرى المصحات الخاصة تنتشر وتتزايد كل يوم، وأصحابها تجار ليس لهم علاقة بمهنة الطب ولا الصحة بشكل عام، وهؤلاء لا هدف لهم إلا الربح". يضيف: "الطبيب الذي يتمتع بخبرة تفوق العشرين عاماً لن يقبل الاستمرار في مستشفى يتقاضى من خلاله راتباً متدنياً لا يليق بمهنته ولا خبرته وعلمه. بالتالي، سيضطر للذهاب إلى القطاع الخاص".
ويتهم شنيبه الحكومات بالتورط في تدمير منظومة الصحة. ويقول إن "الوضع مشبوه، ويمكن أن يكون هناك مسؤولون في الحكومات على صلة بأولئك التجار. المنظومة الصحية، بما فيها الأجهزة المسؤولة، مسؤولة عن استيراد الدواء وتجهيزات المستشفيات، لكن توكل مهمة الاستيراد للتجار والشركات الخاصة، ما يعطّل دور الأجهزة الحكومية".
إلى ذلك، تقول الطبيبة سندس مطير إن مسؤولي وزارة الصحة بطرابلس التقوا ممثلي نقابة الأطباء، وبحثوا إمكانية العمل على تطبيق القوانين الصادرة عن مجلس النواب بشأن رفع رواتب القطاع الصحي أسوة برواتب القطاعات الأخرى، أو تضمين أوضاع الأطباء في لجنة الجدول الموحد للرواتب. تضيف: "طُبّقت على الأطباء معايير مجحفة في الجدول الموحد، وأصبح راتب الطبيب الذي يحمل شهادة عليا أو خبرة طويلة كراتب أي موظف لا يقدم أي خدمة في أي جهاز حكومي"، مشيرة إلى أن لمهنة الطبيب اعتبارات عدة، ومنها المخاطر التي يواجهها والمسؤوليات الكبيرة إزاء حياة المريض.

وتتابع مطير حديثها لـ "العربي الجديد" قائلة إنه "ما من تبرير لعدم صرف مكافآت الأطباء والممرضين خلال أزمة كورونا. هؤلاء ضحوا بأرواحهم، ومنهم من توفي مصاباً بالمرض. كانت الأزمة مفصلية. هناك زملاء لنا بالفعل تركوا المهنة، وفضلوا مغادرة البلاد إلى دول أخرى تقدر خبراتهم. ليس من السهل على الطبيب أن يترك بلده ومواطنيه وهو يرى المستشفيات والمهنة تنهار كل يوم".
وليست هذه المرة الأولى التي يُعلن فيها أطباء ليبيا عزمهم الإضراب عن العمل. ففي يونيو/ حزيران عام 2021، دخلت المؤسسات الصحية في إضراب جزئي بناء على دعوة النقابة العامة للأطباء، وأغلقت العيادات الخارجية في المستشفيات والمراكز العامة لمدة أسبوع. وفي يونيو/ حزيران من العام نفسه، بدأ الأطباء إضراباً عاماً، قبل أن يعلنوا تعليقهم الإضراب بعد يومين، بناء على وعود حكومية بالنظر في مطالبهم.

المساهمون