يزداد التكافل الاجتماعي بالصومال في المناسبات الدينية، لا سيّما خلال عيد الأضحى، حين يبرز تضامن المقتدرين مع المحتاجين، عبر توزيع الأضاحي ولحومها. وتحرص الأسر الميسورة على شراء الأضاحي قبل حلول العيد، إذ تتوفّر حينها بأسعار معقولة قبل اشتداد المنافسة، بغرض إيصال أكبر عدد منها إلى الأسر المحتاجة.
ويبدأ التكافل في أوّل أيام العيد ما بين الأقارب والجيران من خلال توزيع الأضاحي وإقامة ولائم اللحوم، وصولاً إلى الصوماليين المعوزين في مناطق نائية. وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الماشية في العاصمة مقديشو، فإنّ الأسر لا تفوّت فرصة إدخال فرحة العيد إلى قلوب المحتاجين.
وإلى جانب التكافل الأسري، تسعى المؤسسات الخيرية في الصومال إلى تأمين الأضاحي وتوزيعها على المخيّمات في ضواحي العاصمة لإسعاد اللاجئين في العيد.
في سوق المواشي الواقع غربي مقديشو، تعمد الأسر إلى اختيار الماشية التي استوفت شروط الأضحية، فتشتريها لها وللمحتاجين من الأقارب والجيران وإن كانت أثمانها عالية.
في هذا الإطار، يقول فارح عبدي جامع، الذي قصد سوق المواشي واشترى أضحية لتوزيعها على جيرانه المحتاجين، لوكالة الأناضول إنّ "حركة سوق المواشي لم تهدأ طيلة الأيام الماضية. فالمقتدرون يسعون إلى شراء الأضحية لهم وللأسر المحتاجة، بهدف تعميم البهجة في مناسبة العيد في كلّ البيوت، الأمر الذي يعبّر عن مدى التكافل في التقاليد الصومالية". ويشير جامع إلى أنّ "العيد فرصة لإحياء العادات الحميدة من قبيل زيارة الأقارب والتواصل معهم".
من جهتها، تشكو حمدية سعيد من الارتفاع الكبير في أسعار الماشية، وتقول لوكالة الأناضول إنّ "فرحة العيد كادت أن تتبدّد" لولا حرصها على إهداء الأضاحي في العيد. وقد اشترت سعيد خروف العيد لتوزيع لحمه على أسرتها وجيرانها المحتاجين، مشدّدة على أنّ "الجميع يحرص على إسعاد الآخرين، خصوصاً في العيد، تطبيقاً للتعاليم الإسلامية والتقاليد الصومالية".
وفي كلّ عيد أضحى تحرص أسر صومالية كثيرة على التأكد من أعداد المحتاجين في أحيائها قبل التوجّه إلى سوق الماشية، في حين يعمد آخرون إلى شراء الأضاحي لتوزيعها على الأسر المعوزة من دون اللجوء إلى التعداد.
وللأطفال دور كبير في عيد الأضحى، بحسب تقاليد الصومال، فهم يشاركون كذلك في عملية التكافل ما بين الأسر، من خلال توزيع اللحوم على مستحقّيها، فيزرع أهاليهم بذلك ثقافة التضامن في نفوسهم.
يقول فارح عبدي لوكالة الأناضول إنّ "الأطفال كنز ثمين في المجتمع، وتعويدهم على أعمال التكافل وإعلاء القيم الإنسانية يدفع في اتجاه صلاحهم مستقبلاً". ويبدو ابنه محمد فارح عبدي سعيداً وهو يستعدّ للمهمة التي تنتظره في خلال أيام العيد، ويخبر أنّه يتشارك مع "أصدقائي فرحة العيد، وفي كلّ عام نوصل لحوم الأضاحي إلى الأسر المحتاجة".
يُذكر أنّه بعد ذبح الأضحية، فور انتهاء صلاة العيد، تعمد الأسر إلى تقسيم اللحوم إلى أجزاء حصص، بحسب أعداد الأسر المحتاجة المستهدَفة، فيأتي حينها دور الأطفال لحمل أكياس اللحوم وتسليمها للمعوزين.
وتشيع في منازل الصوماليين "ولائم عيد الأضحى"، فيجتمع الأقارب في منزل أكبرهم سنّاً، تعويضاً عن إهمال هذه التجمّعات، إذ تحول مشاغل الحياة، في العادة، دون ذلك.
ويتنقل أفراد الأسر من منزل إلى آخر لقضاء أيام العيد، ووفقاً للتقاليد المحلية يتناول الزائرون صباحاً الحلوى والبسكويت قبل ذبح الأضحية، لتُقام بعد ذلك المائدة الكبرى التي يجتمعون حولها. أمّا ختام الزيارات فيكون بجلسات الشاي الصومالي مساءً.
تفيد آمنة علي بأنّها وأولادها الخمسة "مطمئنّون، إذ إنّنا سوف نحصل على أضحية هذا العام. فالجيران الميسورون وغيرهم يعملون على إيصال الأضاحي إلى كلّ منزل، وبالتالي يتذوّق الجميع طعم العيد".
آمنة التي تحرص كذلك على تنظيم وليمة لأهلها في ثاني أيام العيد، تقول لوكالة الأناضول إنّها تستلم لحوم الأضحية من أهل الخير في اليوم الأوّل، ثمّ يجتمع أقاربها في منزلها "لقضاء لحظات العيد السعيدة من دون الشعور بأيّ نقص".
(الأناضول)