- مئات الأساتذة ورؤساء الجامعات في تونس يعربون عن استعدادهم للمشاركة، بالتعاون مع سفارة فلسطين ووزارة التعليم العالي الفلسطينية، لضمان استمرارية التعليم رغم الدمار الذي لحق بالمؤسسات الجامعية.
- الدروس ستبدأ عبر المنصات الإلكترونية بمجرد توفير البنية التحتية، مع التزام بالاستمرار حتى استعادة الجامعات الفلسطينية لقدرتها على التعليم الحضوري، معتبرين التعليم مقاومة ضد محاولات الاحتلال لفرض الجهل.
أطلق جامعيون في تونس مبادرة من أجل إنقاذ المسار التعليمي للطلاب الفلسطينيين الذين عطّلت الحرب عامهم الجامعي بعد تدمير الكليات واستشهاد عدد من الأساتذة جراء العدوان الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأعرب مئات الأساتذة الجامعيين التونسيين ورؤساء الجامعات عن استعدادهم للانضمام إلى مبادرة "جامعيون من أجل فلسطين" التي تهدف إلى تقديم الدروس في كافة التخصصات الجامعية لفائدة الطلاب الفلسطينيين عبر منصات خاصة، وفقاً للمناهج الفلسطينية بما يمكن الطلاب من حصولهم على شهادتهم الجامعية.
وقالت منسقة مبادرة "جامعيون من أجل فلسطين" عنان كعروتي، إن "الجامعيين التونسيين يسعون إلى لعب دور متقدم في محاربة مسار التجهيل الذي يسعى الاحتلال الصهيوني إلى فرضه على الفلسطينيين من خلال حرمان الطلاب من متابعة مساراتهم الجامعية باستهداف الكليات وقتل المدرسين". تضيف: "أطلق الجامعيون مبادرة لتعليم الطلاب عن بعد عبر منصات خاصة سيتم وضعها بالتعاون مع وزارة التعليم العالي التونسية". وتؤكد أنه "جرى التواصل مع سفارة دولة فلسطين في تونس من أجل تقديم المقترح وتسهيل التواصل مع وزارة التعليم العالي الفلسطينية من أجل تحديد التخصصات، بما يسمح بتوفير الدروس لفائدة الطلاب وفقاً للمناهج الفلسطينية" .
وتقول: "خلفت الحرب دماراً كبيراً في المؤسسات الجامعية في قطاع غزة. كما استشهد خلال الحرب الجارية أكثر من 200 أستاذ تعليم عال، وهو ما يكشف استهداف الكيان لمنارات التعليم في فلسطين". وترى أن "أشكال مقاومة المحتل متعددة، من بينها عدم السماح للكيان الصهيوني بنفيذ مخططات فرض الجهل والأمية على أجيال من الفلسطينيين من خلال تدمير الجامعات وقتل المدرسين".
وتوضح منسقة المبادرة أن مقاومة مخطط الكيان بالاغتيال الرمزي للعلم في فلسطين مسؤولية ملقاة على عاتق الجامعيين الأحرار، مؤكدة أن أساتذة الجامعات التونسية الذي سجلوا على قائمة المتطوعين للتدريس يعدّون بالمئات. تضيف: "ينضم عشرات الجامعيين يومياً للمبادرة، وسيتم في وقت لاحق ترتيب المبادرة وفق الحاجيات التي سيتم ضبطها بالتنسيق مع سفارة فلسطين في تونس ووزارة التعليم العالي الفلسطينية. كما نجد دعماً مهماً من زملاء لنا في الجامعات الفلسطينية سواء في غزة أو في القطاع". وتشير إلى أن "لقاء سيجمع المسؤولين عن المبادرة مع وزير التعليم العالي التونسي خلال الأسبوع الجاري من أجل توفير الدعم اللوجستي اللازم لإنجاح عملية التدريس عن بعد".
تضيف: "تملك تونس منصة جيدة للتعليم عن بعد جرى تطويرها إبان فيروس كورونا، ويمكن استغلالها في تدريس الطلاب الفلسطينيين الذين سيدعون للتسجيل بعد إتمام كل الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية". ومن المنتظر أن يسمح التعليم عن بعد للطلبة الفلسطينيين بالحصول على شهاداتهم العلمية، وفقاً لمناهج دولتهم في كل التخصصات. تضيف: "لا بد من كسر حواجز الجهل التي يضعها المحتل أمام الطلبة".
وحول انطلاق الدروس ومدتها، تقول إنها "ستنطلق مباشرة بعد توفير المنصات اللازمة"، مؤكدة أن "الإعداد اللوجستي الجيد للمبادرة سيساعد عن تأمين الدروس في ظروف جيدة وتسهيل التحاق أكبر عدد ممكن من الطلبة". وتشير أيضاً إلى أن "مدتها الزمنية لن تكون محددة وغير مرتبطة بالإجازات للسنة الجامعية في تونس. وأعرب الجامعيون على استعدادهم للتدريس في أشهر الإجازة الصيفية، وإلى حين انتهاء الحرب واستعادة الكليات الفلسطينية قدرتها على تأمين التعليم الحضوري والشامل لطلبتها، وهو ما قد يحتاج لسنوات".
ولم تخف كعروتي التحديات التي سيواجهها الجامعيون التونسيون في تأمين الدروس للطلبة وفق المناهج الفلسطينية، مشيرة إلى أن المناهج بين البلدين مختلفة ولغة التدريس، وتعتمد المناهج الفلسطينية على اللغة الإنكليزية بينما تحضر المناهج الفرنسية بكثافة في الجامعات التونسية.
وعلى الرغم من التحديات، تقول إن هذه العقبات تبقى تفاصيل صغيرة أمام الرغبة الجامحة للجامعيين التونسيين في إنقاذ المسار الجامعي لأكبر عدد ممكن من الطلاب الفلسطينيين، معتبرة أن أشكال مقاومة العدو مختلفة من بينها المقاومة العلمية.
ويشغل استكمال المسار الدراسي الذي عطلته الحرب أيضاً أسر الطلبة الفلسطينيين، الذي جرى إجلاؤهم عقب 7 أكتوبر إلى تونس.
وأعرب طلاب سبق أن التقتهم "العربي الجديد" عن رغبتهم في الاندماج في جامعات تونسية تعتمد اللغة الإنكليزية في التدريس، وذلك أن التكوين الذي تلقوه في قطاع غزة لا يسمح لهم بمواصلة التعليم في كليات تدرّس باللغة الفرنسية.
ويُعدّ الالتحاق بالمؤسسات التعليمية مطلباً أساسياً لتلك الأسر التي أُجلِيَت من غزة بعدما خسر أبناؤها عامهم الدراسي، وسط مخاوف من تعثر مسارهم الدراسي نتيجة اختلاف المناهج بين البلدين.
ويعمل الهلال الأحمر التونسي على مسألة الإدماج التعليمي للأسر العائدة من غزة في إطار خطة متكاملة ينفذها على مراحل، وتشمل السكن والتعليم والتشغيل، وفق المتحدثة باسم المنظمة، بثينة قراقبة. وتؤكد لـ"العربي الجديد" أن "إجلاء التونسيين من غزة تزامن مع منتصف العام الدراسي في تونس، ما جعل إلحاقهم بالمدارس والجامعات صعباً".