حذّر اتحاد معني بشؤون الأساتذة الجامعيين التونسيين، اليوم الأربعاء، من الوضع الصعب في الجامعات التونسية الذي يُنذر بالانفجار نتيجة سوء ظروف العمل وتجاوزات في مناظرات الانتداب وارتقاء كوادر التدريس، مطالباً السلطات بالتدخل السريع من أجل إنقاذ منظومة التعليم العالي في تونس.
ونبّه اتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين (إجابة) من خروقات إجرائية وشكلية، من بينها "التتبعات الجزائية في المناظرات المتعلقة برتبة الدخول لأستاذ محاضر ورتبة الارتقاء إلى أستاذ محاضر". وانتقد بيان أصدره الاتحاد "تدهور الوضعية المادية للأستاذ الجامعي، وتواصل تردّي الوضع بالجامعة العمومية بسبب النقص الفادح في الإمكانيات والتخفيض المتواصل لميزانيات البحث العلمي والتعليم العالي العمومي"، محذّراً من "انفجار وشيك داخل الكليات".
وقال المتحدث الرسمي باسم "إجابة" زياد بن عمر، لـ"العربي الجديد"، إنّ "البيان بعث برسائل إلى السلطات من أجل تدخّل سريع لتدارك الوضع الصعب في الجامعات التونسية، التي باتت تشكو قصوراً في أداء وظيفتها الأساسية". وأوضح بن عمر أنّ "بيان الاتحاد جاء عقب اجتماعات مع الأساتذة الجامعيين استمرّت يومَين، شُخّص في خلالها الوضع الصعب الذي آلت إليه مؤسسات التعليم العالي، مع خروقات كبيرة في مناظرات الانتداب والترقيات".
وفي هذا العام، لم تجد الجامعات التونسية لها مكاناً ضمن "تصنيف شنغهاي" الأكاديمي للجامعات العالمية، علماً أنّ "جامعة تونس المنار" بقيت مدرجة في هذا التصنيف لسنوات عدّة. يأتي ذلك في حين تشهد تونس تراجعاً كبيراً في الخدمات العامة، بما في ذلك خدمة التعليم التي يفاقمها نزيف هجرة الجامعيين.
يُذكر أنّ "جامعة تونس المنار" هي مؤسسة التعليم العالي التونسية الأولى التي وجدت لها مكاناً في الترتيب العالمي للجامعات في عام 2018، منذ تأسيس "تصنيف شنغهاي" في عام 2003. وهي تضمّ أربع كليات وتسعة معاهد عليا والمدرسة الوطنية للمهندسين ومدرسة عليا لعلوم وتقنيات الصحة. و"تصنيف شنغهاي" يعتمد على مؤشّرات عدّة تتعلق بجودة التكوين والمؤسسة وعدد البحوث المنشورة في المجلات العلمية المحكمة في العالم.
وفسّر بن عمر خروج الجامعات التونسية من التصنيفات الدولية بأنّه "النتيجة الطبيعية لسياسة تفقير الجامعات والتقليص المتواصل في موازنات التعليم العالي والبحث العلمي وتهجير الأساتذة الجامعيين"، وأضاف أنّ "الجامعة التونسية تعرّضت في السنوات الماضية إلى تهجير قسري لكفاءاتها، إذ إنّ نحو أربعة آلاف أستاذ باحث جامعي هاجروا للعمل في دول أجنبية من مجموع 12 ألف أستاذ".
ولفت بن عمر في سياق متصل إلى أنّ "ميزانية البحث العلمي تراجعت في تونس بنحو 75% منذ ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، وهو ما تسبّب في إغلاق أبواب المشاركة في البحوث لحاملي شهادات الدكتوراه ومساهمتهم في نشر المقالات العلمية التي تؤخذ بالاعتبار في تصنيف الجامعات".
ويرى بن عمر أنّه "من المرجّح أن تتصاعد أزمة التعليم العالي في تونس، في ظلّ غياب السياسات والتخطيط للارتقاء بالجامعة التونسية واستعادة دورها كقاطرة اقتصادية واجتماعية"، وطالب بـ"فرض منافسة شريفة بين قطاعَي التعليم الخاص والعام، ومنع دخول الجامعات الأجنبية الخاصة إلى تونس"، مشيراً إلى أنّ "الجامعة التونسية الحكومية ما زالت صامدة على الرغم من النزيف".