أزمات اللاجئين السودانيين تتفاقم في ليبيا

22 ابريل 2024
فرّ عشرات آلاف السودانيين إلى ليبيا منذ بداية الحرب (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مدينة الكفرة الليبية تواجه أزمة صحية حادة بسبب تدفق أكثر من 50 ألف لاجئ سوداني، مما يضع ضغطًا كبيرًا على المرافق الصحية المحلية التي تعاني من نقص في الكوادر الطبية والأدوية، وتسجيل إصابات بأمراض معدية.
- وزارة الصحة في الحكومة المكلفة من مجلس النواب تعاقدت مع 53 عنصرًا طبيًا من السودان لتحسين الوضع الصحي، شملت تخصصات متنوعة لمواجهة الأزمة.
- الأزمة الصحية معقدة بسبب النقص في التجهيزات والمعدات الطبية وتفاقم الوضع بوجود نازحين لم يخضعوا للكشف الطبي، مما يزيد من خطر تفشي الأمراض المعدية ويبرز دور المنظمات الدولية والحكومتين في ليبيا لتوفير الدعم اللازم.

تعيش مدينة الكفرة الليبية أزمة صحية بعد الكشف عن مئات الإصابات بأمراض معدية بين اللاجئين الفارين من الحروب الدائرة في السودان، بخاصة مع تزايد الأعداد في المنطقة الحدودية، وسط مخاوف من تفشي هذه الأمراض بين سكان المنطقة التي تعاني من تردي إمكانات مراكزها الصحية.
وتحولت الكفرة إلى وجهة للاجئين السودانيين منذ اندلاع الحرب، ووفق تصريحات مسؤولي المدينة، فإن متوسط التوافد اليومي يبلغ 1500 لاجئ، وإن العدد الإجمالي منذ بداية الأزمة تجاوز 50 ألف لاجئ.
وكشف مدير مستشفى الكفرة، إسماعيل العيطة، عن تسجيل فريق الأطباء 845 إصابة بالتهاب الكبد الوبائي، و130 إصابة بالملاريا والسل منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مطالباً حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس وحكومة مجلس النواب ببنغازي، بضرورة الاهتمام بتحسين الوضع الصحي في المدينة، مؤكداً أن مستشفى المدينة لم يعد قادراً على توفير الدعم الصحي للنازحين بسبب نقص الكوادر الطبية والأدوية.
وتفيد الناشطة المدنية أسماء القايد، وهي مهتمة بملف النازحين والمهاجرين، بأن وصول أعداد النازحين إلى الكفرة إلى 50 ألف سوداني يعبّر عن حجم الأزمة، مشيرة إلى توجه أعداد أخرى من المهجرين إلى واحات وقرى الجنوب التي لم يشملها هذا الإحصاء. وتضيف القايد لـ"العربي الجديد"، أن "واحات ربيانة والسرير وأم الأرانب وغيرها في الجنوب استقبلت العديد من النازحين السودانيين، كذلك بدأت أعداد النازحين السودانيين تظهر بشكل واضح في أجدابيا الواقعة غرب بنغازي بنحو 150 كيلومتراً. عدم خضوع هؤلاء النازحين للكشف الطبي يمثل خطراً مع إمكانية أن يكونوا مصحوبين بأمراض معدية، والسودانيون من بين الجنسيات المعروفة بالبقاء في البلاد منذ فترات طويلة، ويتعامل معهم المواطن الليبي بشكل مختلف عن الجنسيات الأخرى، ما يجعل إمكانية تفشي الأمراض المعدية مرجح بشكل كبير".
وفي محاولة لتخفيف معاناة النازحين الصحية، أعلنت وزارة الصحة في الحكومة المكلفة من مجلس النواب، في نهاية مارس/آذار الماضي، التعاقد مع 53 عنصراً طبياً من السودان بعد خضوعهم لمقابلة فنية واختبار من لجنة طبية مختصة.
وأشارت الوزارة إلى أن العناصر الطبية السودانية التي جرى التعاقد معها تضم تخصصات الباطنة والجلدية والأطفال وطب الطوارئ والجراحة والتمريض العام وفنيي مختبرات طبية.
وتعلق القايد بالقول: "الإشكال الذي تعانيه الكفرة ليس في العناصر الطبية فقط، بل أيضاً في التجهيزات والمعدات، فمثلاً كيف سيعمل المتخصصون في المختبرات في ظل العجز الكبير في المعدات الذي تعانيه مختبرات مستشفى المدينة؟".
وفي إقرار واضح بوصول المهجرين من السودان إلى مناطق أخرى غير مدينة الكفرة، عقدت حكومة مجلس النواب في نهاية الأسبوع الماضي، اجتماعاً عالي المستوى لبحث ملف تزايد الأعداد في المدن الليبية، خصوصاً في الكفرة وأجدابيا، بحسب بيان نشرته الحكومة على صفحتها في "فيسبوك".
وفي إشارة إلى تفاقم ملف المهجرين، أشار بيان الحكومة إلى أن الاجتماع ناقش ضرورة توجيه نداء للمنظمات الدولية للمساهمة في تخفيف معاناة المهجرين، والمشاركة في فرزهم وإحصائهم وتقديم الإعانات إليهم، ولا سيما الإعانة الصحية.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

وفيما أعلنت سلطات الكفرة المحلية استخراجها أكثر من 18 ألف شهادة صحية للمهجرين من السودان منذ بداية العام الحالي، تلفت القايد إلى أن هذا العدد لا يعبّر عن العدد الفعلي للمهجرين، ما يعني أن أكثرهم لا يزال وضعه الصحي مجهولاً، وتتساءل عن دور حكومتي البلاد في العمل من أجل توفير الدعم الإنساني لهؤلاء المهجرين.
وتضيف: "إنقاذ أرواح هؤلاء النازحين واجب إنساني، ويُعمَل أيضاً على تجنيب البلاد أزمة صحية ووبائية قد تتفجر في أي وقت، ويجب لفت النظر إلى غياب منظمة الهجرة الدولية عن أزمة النازحين السودانيين إلى ليبيا، فتقاريرها لا تتحدث عنهم، ولم تشارك المنظمة في محاولات التعامل مع الأزمات الناتجة من النزوح".
ورغم إشارة تقارير منظمة الهجرة الدولية إلى وصول أكثر من ستة آلاف سوداني إلى شواطئ أوروبا انطلاقاً من ليبيا وتونس، تعتبر القايد أن ذلك مؤشر يجبر المنظمة الدولية على الاهتمام بهذه الأزمة، والمساهمة في حلحلتها.
وخلال الأسبوع الأخير من شهر مارس الماضي، أعلنت أجهزة أمن الكفرة العثور على جثث مهجرين سودانيين في الصحراء، وتوقعت أن يكون هؤلاء قد توفوا خلال رحلة التهجير.
وأوضحت بلدية الكفرة أن فرق جهاز الإسعاف والطوارئ انتشلت 4 جثث تفحمت بسبب احتراق سيارة دفع رباعي كانت تقلّهم على الحدود مع السودان، وذكرت أن 16 راكباً، من بينهم نساء وأطفال، كانوا على متن السيارة، وأن غالبيتهم أصيبوا بحروق متفاوتة، ونُقلوا إلى مستشفى الكفرة ومستشفيات في بنغازي.

المساهمون