أدوية مفقودة في تونس

03 فبراير 2022
يعمد بعض المواطنين إلى تخزين أدوية الأمراض المزمنة (الشاذلي بن إبراهيم/ Getty)
+ الخط -

تُحبط عناصر الشرطة يومياً عمليات تهريب كميات كبيرة من الأدوية المستوردة أو المصنّعة محلياً على الحدود التونسية مع ليبيا والجزائر، علماً أنّ الأسواق الداخلية تشهد نقصاً كبيراً في الأدوية. ويتحدث صيادلة عن فقدان أكثر من 500 نوع دواء. 
وخلال الأشهر الأخيرة، كثرت شكاوى المواطنين بسبب نقص الأدوية في الصيدليات، خصوصاً أدوية الأمراض المزمنة وأمراض السرطان، سواء المستوردة أو المصنعة محلياً. 
أزمة الأدوية في تونس ليست جديدة وتعود إلى خمس سنوات مضت، الأمر الذي يؤثر على القطاع الصحي بشكل كبير. على سبيل المثال، أوقفت بعض العمليات الجراحية بسبب عدم توفر أدوية أساسية منها أدوية التخدير. وزاد الأمر سوءاً مع تفشي فيروس كورونا الجديد الذي أنهك المستشفيات الحكومية.
وتتفاقم هذه الأزمة يوماً بعد يوم. وبات المصابون بالأمراض المزمنة يبحثون عن بدائل لتأمين الأدوية المفقودة من خلال الاستعانة بأشخاص خارج تونس أو غير ذلك. وتقول فاطمة السليماني المصابة بأحد أنواع السرطان إنّها لا تجد معظم أدويتها في الصيدليات أو مراكز الصحة الحكومية، ما دفعها إلى التواصل مع من يمكن أن يوفر لها الأدوية على مواقع التواصل أو الجمعيات، هي التي قد تبقى نحو شهرين من دون أن تتناول أدويتها. 

من جهته، يقول رئيس جمعية الصيادلة ناظم الشاكري لـ "العربي الجديد" إنّ "الجمعية على اطلاع دائم على أزمة الأدوية الحادّة التي تشهدها تونس اليوم. وعلى مدى السنوات الثلاث الأخيرة، سجل فقدان نحو 300 نوع من الأدوية. وخلال الأشهر الأخيرة، سجل فقدان أكثر من 500 نوع من الأدوية، من بينها أدوية الأمراض المزمنة". يضيف أنّ "الجمعية سبق أن نبهت أكثر من مرّة إلى ضرورة إيجاد حلّ لأزمة فقدان الأدوية، بالإضافة إلى أزمة ديون الصيدلية المركزية لدى المستشفيات ومراكز الصحة الحكومية التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة".

كما يشير إلى عجز الصندوق الوطني للتأمين على المرض عن تسديد ديونه للصيدلية المركزية ومراكز الصحة الحكومية،  بسبب إفلاسه نتيجة الفشل في إحداث توازن في التغطية الصحية بين قيمة إرجاع مصاريف العلاج والأدوية وبين ما يحققه من ربح. أمر جعل الصيدلية المركزية غير قادرة على استيراد كميات كافية من الأدوية التي نحتاجها في الصيدليات". 
وفي عام 2020، أعلنت وزارة الصحة أنّ السيولة المالية التي تعاني منها الصيدلية المركزية تعد المشكلة الكبرى التي تعيق توفير جميع أنواع الأدوية، فقد فاقت ديونها 300 مليون دولار. من جهة أخرى، تواجه المختبرات التونسية مشاكل كبيرة للحصول على المواد الأولية لصناعة الأدوية المحلية.
العديد من المرضى أطلقوا مبادرات وحملات على مواقع التواصل للبحث عن أدوية مفقودة يحتاجون إليها، ومعظمهم يبحثون عن أدوية خاصة بالأمراض المزمنة على غرار السكري وضغط الدم والكولسترول، في وقت يبحث العديد من المرضى عن أدوية السرطان.

من جهته، يقول أحد مرضى السكري، ويدعى عيسى الرابحي، إنّه يضطر إلى شراء كميات من أدوية السكري من العديد من الصيدليات وتخزينها لأنّ بقاءه ليوم واحد من دون أخذ الإنسولين مرتين في اليوم يؤثر على صحته. وهذه المعاناة بدأت قبل نحو سنتين، وأحياناً لا يجد بديلاً عن حقن الإنسولين.  

وتمتنع بعض الصيدليات عن بيع أكثر من علبة واحدة من العديد من أنواع الأدوية، لا سيما الأدوية المسكنة وأدوية السعال والأدوية المخفضة لارتفاع درجة حرارة الجسم وبعض الفيتامينات، بسبب الإقبال الكبير عليها في فصل الشتاء بالإضافة إلى مرضى كورونا، في محاولة لمساعدة جميع المرضى بما تيسر.
من جهته، يقول عبد المنعم، الذي يملك صيدلية، إنّ غالبية الصيدليات تتبع هذه القاعدة لتوفير الأدوية إلى أكبر عدد ممكن من الناس، لا سيما أنّ العديد من الأشخاص باتوا يعمدون إلى تخزين كميات تفوق حاجتهم مخافة فقدانها من السوق. ويشير إلى أن هناك بدائل للعديد من الأدوية التي فقدت في الآونة الأخيرة، إلا أن هذا لا يشمل كل الأدوية ولا يمكن إعطاء المريض دواء مختلفاً من دون وصفة طبية كون الطبيب أدرى بحالة مريضه الصحية. ويلفت إلى أن بعض الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة يسعون إلى شراء كميات من الأدوية تكفيهم لشهرين خشية فقدانها من السوق الأمر الذي يؤثر على صحتهم، خصوصاً مرضى السكري والقلب وضغط الدم.

المساهمون