"إقصاء" لطلاب المغرب العائدين من أوكرانيا

04 يونيو 2022
لم يدمج الطلاب العائدون من أوكرانيا مباشرة في الجامعات (فاضل سنّا/ فرانس برس)
+ الخط -

"نحن ضحايا حرب فرضت علينا، ولم نقرر مصيرنا. نعيش وضعاً نفسياً صعباً وضغطاً كبيراً بسبب الخوف والقلق على مستقبلنا الدراسي، لأن سنوات من تحصيل العلم قد تذهب سدى". بهذه الكلمات يصف طالب الطب في جامعة كييف، محمد المهدي، معاناة آلاف الطلاب المغاربة العائدين من أوكرانيا الذين يواجهون المجهول بعد أشهر من عودتهم إلى بلدهم. يضيف في حديثه لـ"العربي الجديد": "فقدنا الأمل، ويجب أن تتعامل الدولة مع أوضاعنا كحالات استثنائية، وتتحمل مسؤولياتها، بعدما طالبتنا وزارة الخارجية بالعودة مع إطلاقها وعد دمجنا في الجامعات المغربية، وهو ما لم يتحقق حتى الآن".

وكان 4000 من 7206 طلاب مغاربة هربوا من أوكرانيا قد توجهوا إلى دول أوروبية، وعاد 3206 منهم إلى المغرب، بحسب أرقام أعلنتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، والتي أشارت أيضاً إلى أن 3744 من هؤلاء الطلاب يتابعون تخصصات في الطب والصيدلة وطب الأسنان.

وبعد أكثر من ثلاثة أشهر من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، ما زال مصير هؤلاء الطلاب يلفه الغموض، إذ لم توفر وزارة التعليم العالي أي حل عملي لهم، فيما يرفض الطلاب وأولياء أمورهم اقتراحات الوزارة نفسها اجتياز امتحانات دخول مع اعتماد خيار "إن وان" (ناقص سنة من المستوى الدراسي للطلاب).

وفي وقت تبدو العودة إلى أوكرانيا شبه مستحيلة، في ظل استمرار الحرب، ترفض الجمعية الوطنية لآباء وأمهات الطلاب المغاربة في أوكرانيا ما تصفه بأنها "امتحانات إقصائية، أو اقتراح إن وان"، وتطالب بدمج الطلاب مباشرة في الجامعات والمعاهد العليا في المغرب بلا شروط، وجعل مواصلة الدراسة في بعض دول أوروبا أمراً اختيارياً.

يقول محمد الطويل، والد أحد الطلاب العائدين من أوكرانيا لـ"العربي الجديد": "هناك إجماع على رفض شرط وزارة التعليم العالي إجراء مباراة لدخول الجامعات والمعاهد، كونه إجراء إقصاء مجحف في حق الطلاب، ويسود غموض كبير الإجراءات المعتمدة أو القرارات التي تصدر بلا حوار مع أولياء الطلاب".

ويلفت الطويل إلى أن "ما يُستنتج من تصريحات مسؤولي التعليم العالي هو عدم إمكان دمج طلاب الصيدلة وطب الأسنان العائدين من أوكرانيا في الرباط والدار البيضاء، إذ لم يُقترح أي حل لهم باستثناء إمكان دراستهم في إحدى دول المجر وبلغاريا ورومانيا المجاورة لأوكرانيا، والسؤال الذي يطرحه الطلاب وأولياء أمورهم على المسؤولين هو لماذا التهرب من الحوار الذي يهدف إلى توضيح الإجراءات المتخذة؟".

الصورة
وزارة التعليم العالي تحدثت عن إشكالات في استيعاب الطلاب (فاضل سنّا/ فرانس برس)
وزارة التعليم العالي تحدثت عن إشكالات في استيعاب الطلاب (فاضل سنّا/ فرانس برس)

وقد رفض أولياء الطلاب حل دراسة أبنائهم في دول مجاورة لأوكرانيا، بحجة أن المستوى المعيشي لهذه الدول مرتفع مقارنة بأوكرانيا. ويقول رئيس الجمعية الوطنية لآباء وأمهات الطلاب المغاربة في أوكرانيا، عبد القادر اليوسفي، لـ"العربي الجديد": "لا نملك القدرة على دفع مزيد من الأموال، فتكاليف الدراسة في المجر وبلغاريا وألمانيا أضعاف ما ندفعه لدروس أبنائنا في أوكرانيا". ويشير إلى أن "المسؤولين طبقوا سياسة الآذان الصماء والهروب إلى الأمام، رداً على طلب الجمعية فتح حوار مع وزير التعليم العالي لإيجاد حل ينهي معاناة الطلاب الذين يجب التعامل مع أوضاعهم باعتبارها حالات استثنائية".

وكان وزير التعليم العالي عبد اللطيف ميراوي قد أوضح خلال اجتماع عقدته لجنة التعليم والثقافة في مجلس النواب الشهر الماضي إلى أن إشكالات تحيط بملفات الطلاب المغاربة القادمين من أوكرانيا، خصوصاً أولئك الذين يتخصصون في طب الأسنان والصيدلة، ويتجاوز عددهم القدرة الاستيعابية للكليات الوطنية المعنية، في حين يواجه من يدرسون الطب العام والهندسة والاقتصاد إشكالات أقل. وذكر أن اتصالات أجريت مع الهيئات الدبلوماسية في دول صديقة بأوروبا الشرقية، مثل المجر وبلغاريا، التي يتوفر فيها نظام تعليمي مماثل لأوكرانيا لدرس إمكان استقبال طلاب مغاربة.

إلى ذلك، أبدى مسؤول في وزارة التعليم العالي، طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول الحديث إلى الصحافة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، تفهمه رغبة أولياء الأمور في تسريع حل مشكلات أبنائهم، ونفى تراجع الوزارة عن قرار دمج الطلاب المغاربة القادمين من أوكرانيا في الجامعات والمعاهد المغربية، لكنه شدد على أن الأمر "يتطلب إجراءات ومراحل محددة، والوزارة تعمل منذ بداية الأزمة لإيجاد حلول مناسبة لمساعدة هؤلاء الطلاب في استكمال دراستهم".