يسعى الفتى الفلسطيني محمد شحادة من مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، برفقة عدد من أصدقائه، إلى التفوّق على زملائهم وزميلاتهم من خلال طرح روبوت يُحاكي عقل الإنسان، بعد تعريف القطع الإلكترونية على بعض إشارات المُرور التي تحكم عمله وحركته.
وعُرِض الروبوت، وإلى جانبه العديد من المُجسّمات الإلكترونية، خلال معرض "أطفال غزة يبرمجون"، والذي أقامته جمعية "الثقافة والفكر الحُر"، اليوم الثلاثاء، في مدينة خان يونس، بالتعاون مع مديريات وزارة التربية والتعليم العالي، وبمُشاركة عشرات الأطفال الذين عرضوا مُنتجاتهم العلمية الإلكترونية.
ويوضح شحادة (15 عاماً)، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه تمت برمجة الروبوت ليسهل التعرف إلى إشارات المرور والعديد من الإشارات الأخرى، ليصبح كعقل الإنسان المُصغر داخل آلة، وذلك وفق الذكاء الاصطناعي، الذي تم من خلاله تعريف تلك الشرائح الإكترونية، مُبدياً سعادته في نجاح التجربة التي شارك في إنتاجها مع مجموعة زملاء من مدارس ومؤسسات متنوعة.
وتأتي المُنتجات المميزة التي قدّمها الأطفال، كثمرة لمشروع Cfta Tech، الذي يتنافس من خلاله عشرات الطلاب والطالبات في المرحلتين الابتدائية والإعدادية على برمجة الروبوت ومُنتجات الذكاء الاصطناعي، وذلك من مُنطلق إدراك القائمين أهمية مواكبة العالم الرقمي المتجدد والمتغير، بهدف إكساب النشء أهم مهارات القرن الواحد والعشرين، والمتعلقة بـ"البرمجة والمُنتجات العلمية الإلكترونية".
وتميّزت الطفلة ديما جمعة في تجربة "قوس قزح"، والتي دمجت فيها الألوان داخل أنبوب زجاجي لصناعة القوس الملون، بينما صنعت الطفلة ريتال الشاعر "العصير السحري"، وتقول إنّ التجربة مكونة من ماء ساخن وملفوف وخل، ويتم تغيير اللون حين تعرض التجربة لمواد قاعدية مختلفة.
ويضمّ المعرض العديد من التجارب التفاعلية، ومنها تجارب صنع البلورات، وانفجار الألوان بالحليب، والبالون الذي لا ينفجر رغم تعرضه للنار بسبب ما يحتويه من ماء، وفق شرح الطالبة ليان طباسي، إلى جانب تجربة البراكين الملونة الناتجة عن تفاعل المواد الكيميائية المُتاحة في البيت، وأيضاً تجربة انكسار الضوء والخداع البصري، وتجربة الضغط الجوي، فيما قدمت الطالبتان ملاك وياسمين صادق تجربة مُحاكاة البرق، والتي تم فيها توليد الشحنات الساكنة.
ويحتوي معرض "أطفال غزة يبرمجون" على العديد من الزوايا المتنوعة، ومن بينها زوايا الحصاد البرمجي، واشتملت على مجموعة من مُنتجات الأطفال حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتمييز الأشياء، والتعرف إلى لغة الإشارة، والتعرف إلى الخرائط، وإلى الوجه، إلى جانب مجموعة من روبوتات الذكاء الاصطناعي التي احتوت على الأكواد البرمجية، وأيضاً البرمجة التعليمية والفيديو والمونتاج الذي استُخدِم فيه برنامج "ستوب موشن"، والبرامج البسيطة، علاوة على العديد من الوسائل التعليمية التي تُساعِد الأطفال على التعاون، والعديد من القيم المُجتمعية والسلوكية والقيم المنهجية واللامنهجية.
ولم يغفل المعرض الذي يشارك فيه قرابة مائة طفل، تجسيد التجارب العلمية باستخدام فنون العلوم والكيمياء والتفاعلات الحيوية وكيفية عمل مواد الحفظ التاريخي للأشياء، فيما ضم زاوية خاصة بأفلام الفيديو التي تناقش حقوق الأطفال.
وقد عكست متطلبات الأطفال في قطاع غزة المحاصر في الجانب الإلكتروني والتأثير السلبي لمنع السفر، وعدم توفر القطع الإلكترونية الهامة.
ويوضح منسق المعرض يوسف ضاهر أنّ الفكرة جاءت نتيجة تدريب الأطفال على الاستخدام الآمن للإنترنت، ومفاهيم التكنولوجيا والإنترنت والفيديو والمونتاج بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، فيما أنتج الأطفال العديد من المُنتجات التي ناقشت عدة قضايا، وعكست الكثير من المفاهيم.
ويشير ضاهر، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ المعرض "يأتي لتحدي العديد من العوائق المفروضة على قطاع غزة بفعل تواصل الحصار الإسرائيلي منذ خمسة عشر عاماً، والذي أثّر سلباً على مختلف نواحي الحياة، بما فيها الأطفال والتعليم، إذ يتم من خلاله التأكيد على قدرات الأطفال ومهاراتهم في المجال البرمجي، والتي ستنتقل لمئات الأطفال الآخرين".
ويحمل المعرض رسالة للعالم، وفق ضاهر، مفادها أنّ "الأطفال يرغبون في مواكبة التطور العلمي والتكنولوجي، وأنهم ليسوا أقل قدراً في مواكبة التطبيقات المتطورة، والتي تعتبر لُغة العالم في الفترة الأخيرة، وأنهم فقط بحاجة إلى وجود وقفة تساهم في تحقيق أحلامهم وطموحاتهم".