عجزت إسرائيل - عبر التخريب في المدينة المقدسة وفي كل فلسطين- عن إثبات أي وجود لأي أثر يؤكد الوعد الإلهي. وما تبقى هو وعد بلفور الاستعماري.
احتفال المستعمرين البريطانيين بمضي مائة عام على الوعد الاستعماري دلل على أن الاستعمار هو الاستعمار، وأن الاغتصاب والاحتلال الاستيطاني لا يزال نهج الاستعمار القديم والجديد، وأن الإدارة الأميركية، خصوصاً في عهد دونالد ترامب، هي الحارس الأمين لهذه التركة الإمبريالية.
القرار الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يؤكد أن إسرائيل هي الحليف الأساس للاستعمار القديم والجديد، وأن الحكام العرب مجرد "زبائن" وأتباع بحاجة للحماية من شعوبهم وأمتهم؛ وفي سبيل هذه الحماية يقدمون " قدس أقداسهم!".
لا ينبغي أن نقرأ الأمر، سواء وعد بلفور، أو الاحتفال البريطاني بذكراه العدوانية، أو قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، في فصول المؤامرة رغم وجودها الواضح والفاضح، وإنما أيضاً في التبعية المذلة للحكام العرب، أو بالأحرى ما تبقى منهم، وفي خلافاتهم ضد بعضهم، وصراعاتهم المميتة داخل كل قُطِر على حدة، وفي العلاقات العلنية والمستترة مع المحتلين الإسرائيليين، وبالأساس حربهم المسعرة ضد الربيع العربي، وهي معركة يتقاسمونها مع إسرائيل.
جرائم الاستعمار، والاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ضد القرارات الدولية، والاعتداء على المقدس - هي الإرهاب الأكبر الذي يصنع الإرهاب وينشره في مختلف بلدان العالم. وقد يكون الاعتراف نذر انتفاضة فلسطينية وعربية وإسلامية أوسع وأشمل.