صمت الأحزاب التونسية بعد الانتخابات: فترة المراجعات لم تبدأ

19 أكتوبر 2024
تظاهرة مطالبة بالحريات في تونس، 4 أكتوبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- المرحلة السياسية بعد الانتخابات الرئاسية في تونس: بعد فوز قيس سعيّد بولاية ثانية، تعيش الأحزاب فترة صمت وتأمل، مع دعوات لمراجعة المرحلة السابقة والنضال من أجل الحقوق والحريات، بما في ذلك إطلاق سراح السجناء السياسيين.

- التحديات والمراجعات المستقبلية للأحزاب التونسية: تواجه الأحزاب تحديات كبيرة، مع ضرورة مراجعة استراتيجياتها وفهم أسباب فشلها، وسط دعوات لاجتماعات ونقاشات حول الوضع الحالي وتقديم برنامج سياسي جديد.

- دور المجتمع المدني والنضال من أجل الحقوق: تستمر منظمات المجتمع المدني في رصد انتهاكات حقوق الإنسان، مع التركيز على حرية التعبير، وتعتبر هذه المرحلة فرصة لتقييم الخطوات المستقبلية ومواجهة التحديات السياسية.

تستعد أحزاب ومنظمات تونسية للتحضير لمرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 6 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، وفاز بها الرئيس قيس سعيّد بولاية ثانية. وتتواصل فترة الصمت في أوساط الأحزاب التونسية المعارضة بعد الانتخابات في ظل احتمال مباشرتها قريباً التشاور والاجتماع لتحديد مستقبلها وخطواتها المقبلة. ويشدد العديد من القوى على ضرورة مواصلة النضال من أجل الدفاع عن الحقوق والحريات في تونس والمطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين، ونشطاء الرأي المسجونين على خلفية المرسوم 54، وسط دعوات مراجعة المرحلة السابقة.

الأحزاب التونسية أمام مراجعات جدّية

وأكد الأمين العام لحزب العمّال حمة الهمامي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هناك مرحلة من الصمت من قِبل الأحزاب التونسية والمنظمات وحتى السلطة"، موضحاً أنه "من الطبيعي جداً بعد انتخابات الرئاسة، التي يمكن تسميتها بالبيعة لأنها خالية من أدنى شروط الانتخابات النزيهة، فإن هذه المرحلة يمكن القول إنها الانقلاب الثاني بعد 25 يوليو/تموز 2021، خصوصاً أنه تمّ ضرب جميع المؤسسات من قضاء وإعلام وهيئة انتخابات، وبالتالي فإن ما بعد 6 أكتوبر هو استمرار لما قبله من توجهات". وأشار إلى أنه "من الطبيعي أن تجري مختلف القوى مراجعة ذاتية بحسب الوضع الجديد، وهناك نقاشات تدور حول ما يجب فعله مستقبلا".

حمة الهمامي: الهدنة يجب أن تقوم بها السلطة التي سبق أن أعلنت الحرب ضد الجميع

وبيّن الهمامي أن "الدفاع عن الحقوق والحريات متواصل، فهناك محاكمات مستمرة، وموازنة 2025 ستطرح تحديات عدة، إذ تنتظر الشعب التونسي أوضاع أصعب ستشغله، إلى جانب تداعيات القضية الفلسطينية، لأن مصير المواجهات في المنطقة ستكون له انعكاسات على الوضع العام ككل وعلى تونس".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وفي ما يتعلق ببعض الدعوات إلى هدنة سياسية، رأى الهمامي أن "الهدنة يجب أن تقوم بها السلطة التي سبق أن أعلنت الحرب ضد الجميع، من معارضة وأحزاب، واستبدلت النظام الديمقراطي بحكم فردي بيد قيس سعيّد". وبيّن أنه "طالما أن المساجين لا يزالون في الزنازين وحرية التعبير مهددة، فلا يمكن الحديث عن أي هدنة". وأضاف أن "الشعب التونسي معني بالتصدي للانتهاكات وضرب الحريات وغياب أبسط أساسيات العيش، ومواصلة الدفاع عن الحقوق وحرية التعبير"، مؤكداً أن "على المعارضة مضاعفة وتيرة النضال من أجل الدفاع عن مكاسب الثورة وتحقيق الشغل والحرية والكرامة".

من جهته، قال المتحدث باسم الحزب الجمهوري وسام الصغير، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "ما حصل في المسار الانتخابي من مغالبة وإقصاء واعتقال مرشحين وتغيير قانون الانتخابات، كان له تأثير واضح على نتائج الانتخابات، إلا أن الأصوات التي حصل عليها سعيّد تدعو كافة الأحزاب التونسية والقوى والمجموعات السياسية إلى قراءة عميقة في الأرقام، إذ تبيّن أن سعيّد له امتداد شعبي بحصوله على مليونين و400 ألف صوت".

وأضاف الصغير أنه "لا بد من البحث في أسباب فشل المعارضة وعدم قدرتها على إقناع الرأي العام، وأيضاً في نسبة عزوف الشباب، حيث إن نسبة مهمة من الأصوات التي حصل عليها سعيّد في انتخابات 2019 كانت من فئة الشباب ولكن في 2024 لم تتعد النسبة الـ6%، وهذا معطى يجب التوقف عنده، وبالتالي على كل القوى بمختلف توجهاتها قراءة الأرقام جيداً إن أرادت أن تكون لها جدية في التعامل مع الاستحقاقات المقبلة".

ولفت الصغير إلى أن "القوى الحيّة والديمقراطية بصدد استيعاب ما حصل طيلة المسار الانتخابي، وهي محطة من ضمن محطات عدة، ولكن على مختلف القوى القيام بواجبها، وهناك استعدادات لعقد اجتماعات وخوض نقاشات حول سبل التعامل مع المرحلة المقبلة، خصوصاً أن الاعتقالات متواصلة، والإعلام العمومي في يد السلطة، إذ أصبح يمثل الموقف الرسمي". وتابع أن "المواقف والخطابات السابقة للمعارضة، في علاقة بغياب الإنجازات، لن تتغير لأن الأزمات متواصلة من مياه وفلاحة وصلح جزائي ومشاريع كبرى، وبالتالي فالقوى الوطنية والمدنية ستواصل بالتأكيد تصديها لغياب الإنجازات والمشاريع". وبيّن المتحدث باسم الحزب الجمهوري أن "الأحزاب التونسية المعارضة غير معنية بالهدنة لأن المسؤول عنها، سواء حصلت أو لا، هي منظومة سعيّد"، معرباً عن عدم تفاؤله بأي هدنة "لأن المحاكمات السياسية متواصلة وهناك أحكام قاسية على نشطاء الرأي، وسيتواصل التوجه ذاته".

أحمد النفاتي: يجب الخروج من جبهة المعارضة والتنديد والوقفات الاحتجاجية والمسيرات، لأنها لن تقود إلى أي شيء

معارضة مشتتة تخدم السلطة

أما المتحدث الرسمي باسم حزب العمل والإنجاز أحمد النفاتي، فرأى في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "السلطة السياسية في تونس فرضت سياسة الأمر الواقع"، مبيناً أن "حزب العمل كان يدعو منذ تأسيسه إلى مراجعات وإلى التحضير للانتخابات جيداً، وكان الأجدر أن يكون بشكل جماعي، أو اختيار مرشح موحد، ولكن المعارضة فشلت في تقديم عرض سياسي جديد يقنع التونسيين، وبالتالي يتحمل الجميع اليوم المسؤولية".

وبيّن النفاتي أن "المرحلة المقبلة ستكون فرصة أمام مختلف القوى للقيام بمراجعات حقيقية والخروج من جبهة المعارضة والتنديد والوقفات الاحتجاجية والمسيرات، لأنها لن تقود إلى أي شيء". وبرأيه، فإن "الحلّ هو الجلوس إلى طاولة واحدة والقيام بمراجعات جدّية وتقديم برنامج حكم، وكل هذا يستدعي مراجعات عميقة وتحديد الأفكار والأشخاص والمشاريع". وحول دعوات التهدئة مع السلطة، ردّ بأن "هذا الخيار قد تجيب عليه نتائج المراجعات الشجاعة: إما هدنة، أو معارضة إيجابية أو سلبية، أو مقاطعة، وهو ما سيتضح مستقبلاً، ولكن المعارضة مطالبة بوقفة شجاعة ستحدد مستقبلها".

وحذّر من أن "الخلافات الحزبية والسياسية ستقود إلى مزيد من التشتت ولن تبني أرضاً خصبة للديمقراطية لتعيش بمقومات سليمة، فاليسار مشتت في أحزاب عدة، وهناك انقسام بين الدساترة والتجمعيين، وبين القوميين والإسلاميين، وبالتالي فإن مختلف العائلات السياسية منقسمة وهو ما استفادت منه السلطة التي لم تجد كيانات قوية بل أحزاباً مشتتة". وأضاف: "في الحقيقة فشلت المعارضة في تقديم عرض يقنع التونسيين، وربما كان خطاب السلطة مقبولاً أكثر ومقنعاً لجزء هام من المواطنين".

من جهتها، رأت الناشطة الحقوقية عن جمعية تقاطع وعضو الشبكة التونسية للحقوق والحريات مي العبيدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "العمل والنضال للدفاع عن الحقوق والحريات متواصل، وسيتم في جمعية تقاطع رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، خصوصاً أن الإحالات على القضاء بسبب المرسوم 54 و86 مستمرة"، موضحة أنه "لن يتم التفريط في أهم مكسب، ولن يتم التراجع، ولا بد من إعادة افتكاك حرية التعبير". وبيّنت العبيدي أن "في الشبكة التونسية للحقوق والحرّيات، لم يتم تقرير خطوات العمل مستقبلاً، إذ هي مرحلة استعادة أنفاس، وستتم مواصلة العمل الذي انطلق قبل 6 أكتوبر". وتابعت أن "الشبكة لم تقدم أي رأي بعد الانتخابات، ولكن بعد الوقفات والتحركات كان لا بد من وقفة تأمل، ولكن ستكون هناك اجتماعات وقرارات وتحركات جديدة".

المساهمون