6 محطات بارزة خلال عام من الغزو الروسي لأوكرانيا

6 محطات بارزة خلال عام من الغزو الروسي لأوكرانيا

21 فبراير 2023
+ الخط -

بعد مرور عام على الغزو الروسي لأوكرانيا، لم يحسم أي طرف الوضع لمصلحته، لتدخل المنطقة في حرب استنزاف لا تُعرف نهايتها.

فموسكو التي اعتادت على الحروب الخاطفة في كلّ من جورجيا وشبه جزيرة القرم، تخوض حرب استنزاف في أوكرانيا، واضطرت إلى تقليص طموحاتها في البلاد.

أمّا أوكرانيا، المدعومة من حلف شمال الأطلسي "ناتو"، فلم تتمكن من جهتها من استعادة أراضيها كاملة، لكنها حققت بعض الانتصارات بفضل الأسلحة النوعية التي حصلت عليها. ومرّت الحرب خلال هذه الفترة بمراحل عدة، كانت بمثابة نقاط انعطاف في مسار المعارك، وفي كل مرحلة برزت أحداث وأسلحة ساهمت في قلب مجريات الحرب دون أن تحسمها لأي من الطرفين.

  • المحطة الأولى: التقدّم الروسي الشامل

حاولت روسيا إخفاء نيتها بشأن شنّ عملية عسكرية شاملة على أوكرانيا، رغم الشكوك التي كانت تحوم حولها بعد قيامها بمناورات عسكرية مع بيلاروسيا قرب الحدود الشمالية لأوكرانيا.

وفي 24 فبراير/ شباط 2022، شنّ الجيش الروسي هجوماً شاملاً على أوكرانيا من الشمال والشرق والجنوب، وتمكن في ظرف أسابيع من اجتياح مدن وبلدات عدة.

وسيطر الجيش الروسي خلال هذه المرحلة على نحو 20 بالمائة من مساحة أوكرانيا، بما فيها الضواحي الشمالية والشرقية من العاصمة كييف، وعلى محطة تشرنوبيل النووية الخارجة عن الخدمة، ومحطة زابوريجيا النووية لإنتاج الكهرباء، الأكبر من نوعها في أوروبا.

كما اجتاح معظم أجزاء مقاطعة خيرسون في الجنوب، بما فيها عاصمة المقاطعة التي تحمل الاسم نفسه، والمحاذية لشبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو إليها بالقوة في 2014.

فلم يحل ربيع 2022، حتى كانت القوات الروسية في أوكرانيا تشكل قوساً من الشمال إلى الجنوب، يوشك أن يطبق فكاه على كييف.

وكان هذا القوس يمتد من ضواحي كييف ومقاطعة تشيرنيهيف في الشمال، ثم مقاطعات خاركيف، ولوغانسك، ودونيتسك في الشرق، إلى زابوريجيا وخيرسون في الجنوب.

كانت كييف تخوض معركة البقاء بعد أن خسرت أسطولها في البحر الأسود، وجرى تحييد معظم سلاحها الجوي، وتدمير معظم القواعد الجوية، خاصة في النصف الشرقي لنهر دينبرو، الذي يقسم البلاد إلى نصفين.

  • المحطة الثانية: انكماش الطموحات الروسية

سبّب طول جبهة القتال وامتدادها على مئات الكيلومترات، مشاكل لوجيستية للجيش الروسي، حيث وجدت عدة وحدات عسكرية نقصاً في الإمداد بالذخيرة والوقود والتموين، ما صعّب تقدمها، بل جعلها هدفاً سهلاً للقوات الأوكرانية.

وما عمّق جراح الجيش الروسي، دخوله في حرب مدن، خاصة بضواحي كييف ومدينة خاركيف، اللتين شهدتا مقاومة شرسة من القوات الأوكرانية، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى الروس وتدمير آلياتهم. كما لعبت طائرات "بيرقدار" التركية المسيّرة التي اقتنت كييف عدداً منها، دوراً حاسماً في وقف تقدم أرتال القوات الروسية نحو المدن الأوكرانية، بل وضرب خطوط إمدادها الخلفية.

كما ساعد تزويد الجيش الأوكراني بصواريخ "غافلين" الأميركية المضادة للدروع، وصواريخ "ستينغر" المضادة للمروحيات، في إلحاق هزائم عدة بالجيش الروسي، خصوصاً في حرب المدن.

وأمام هذا الوضع الصعب الذي واجهته القوات الروسية في الميدان، وجدت أنه من الصعب عليها ابتلاع دولة بحجم أوكرانيا، مدعومة من حلف "الناتو"، ما دفعها إلى تغيير تكتيكها الحربي، وتخفيض حجم أهدفها، لتقليص الخسائر البشرية والمادية في صفوف قواتها، ومعالجة نقاط الضعف المتعلقة خاصة بالتخطيط والإمدادات.

ومع نهاية مارس/ آذار 2022، وعقب انتهاء مفاوضات إسطنبول، شرعت القوات الروسية في الانسحاب من ضواحي كييف، ومن المناطق الشمالية الشرقية لأوكرانيا، وركزت مجهودها الحربي على المناطق الشرقية والجنوبية، ذات الأغلبية السكانية من أصول روسية.

  • المحطة الثالثة: ملحمة ماريوبول

بعد أكثر من شهرين من القتال الضاري والقصف العنيف، تمكّن الجيش الروسي وبدعم من الوحدات الشيشانية بقيادة رمضان قديروف، من السيطرة على مدينة ماريوبول الاستراتيجية، المطلة على بحر آزوف.

ويفخر الطرفان بهذه المعركة، فالأوكرانيون يشيرون إلى المقاومة البطولية لعدد قليل من الجنود، وصمودهم في مواجهة قصف عنيف سوّى المدينة بالأرض، وتسبب في سقوط آلاف القتلى من المدنيين المحاصرين. بينما يرى الروس أنهم تمكنوا من ربط مناطقهم في إقليم دونباس بمقاطعة خيرسون وشبه جزيرة القرم، بعدما كانت جيوباً منفصلة، فضلاً عن تحول بحر آزوف إلى بحيرة روسية.

ماريوبول كانت مركز قيادة للجيش الأوكراني في عملياته ضد متمردي دونباس الموالين لروسيا. كما أنها المعقل الرئيسي لكتيبة آزوف القومية، التي تعتبرها روسيا منظمة إرهابية وتصف أعضاءها بالنازيين الجدد. وتمكنت القوات الروسية من أسر العديد من أعضائها، بعد استسلامهم، إثر محاصرتهم لأيام طويلة في مصنع الحديد الصلب "أزوف ستيل" بالمدينة.

  • المحطة الرابعة: هجمات خاركيف الخاطفة

انسحاب القوات الروسية من محيط كييف، شجع القوات الأوكرانية المحتشدة في العاصمة على التحرك نحو مقاطعة خاركيف، التي شهد مركزها حرب شوارع، ما اضطرها للانسحاب مبكراً من المدينة التي تحمل الاسم نفسه، ولكنها سيطرت على عشرات البلدات في المقاطعة، ولم تنسحب منها.

ففي النصف الأول من سبتمبر/ أيلول 2022، شنّت القوات الأوكرانية هجوماً خاطفاً على القوات الروسية في مقاطعة خاركيف، وتمكنت من استعادة نحو 3 آلاف كيلومتر مربع من الأراضي، وحررت قرى وبلدات استراتيجية، وعلى رأسها مدينة إيزيوم.

ولعبت صواريخ "هيمارس" الأميركية، التي حصلت عليها أوكرانيا من واشنطن في يونيو/ حزيران 2022، دوراً حاسماً في إنهاء الجمود على جبهات القتال خلال فصل الصيف.

فمدى صواريخ "هيمارس" يتراوح بين 60 و80 كيلومتراً، في حين لا يتجاوز مدى الدبابات وراجمات الصواريخ الروسية 20 إلى 40 كيلومتراً، الأمر الذي منح القوات الأوكرانية أفضلية في المعارك، وتفوقاً في ضرب القواعد الخلفية وخطوط الإمداد الروسية، ما أدى إلى تساقط سريع لبلدات ومدن المقاطعة.

وأمام هذه الهزائم العسكرية، رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخطوة سياسية، عندما ضم أربع مقاطعات أوكرانية (لوغانسك، ودونيتسك، وزابوريجيا، وخيرسون) إلى الاتحاد الروسي، بعد استفتاء شعبي في 30 سبتمبر، لم تعترف به الأمم المتحدة ومعظم دول العالم.

  • المحطة الخامسة: الانسحاب من خيرسون

بعد الانتصارات التي حققها الجيش الأوكراني في الجبهة الشرقية بخاركيف، نقل ثقله الهجومي إلى الجبهة الجنوبية في مقاطعة خيرسون، وشكلت صواريخ "هيمارس" ضغطاً شديداً على القوات الروسية في المنطقة. إذ استهدفت صواريخ هيمارس خطوط الإمداد للقوات الروسية المتقدمة في خيرسون، الواقعة على الضفة الشمالية لنهر دنيبرو، ما وضعها أمام خطر التطويق والحصار من القوات الأوكرانية في الشمال والنهر من الجنوب، مع احتمال نفاد الذخيرة وتوقف الإمدادات، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء والثلوج.

وعلى هذا الأساس جاء قرار موسكو الانسحاب من مدينة خيرسون الاستراتيجية، في أكتوبر/ تشرين الأول، رغم أن المدينة تُعدّ العاصمة الوحيدة لمقاطعة سيطرت عليها منذ 24 فبراير 2022.

كان القرار محبطاً لمعنويات الجيش الروسي، لكنه كان ضرورياً أيضاً ضمن خطة جديدة تهدف للتحصن بمواقع طبيعية منيعة خلف نهر دنيبرو، وأخذ موقع دفاعي لاستنزاف قدرات الجيش الأوكراني وحلفائه خلال الشتاء القارس، استعداداً لهجوم متوقع في الربيع.

في المقابل، كثف الجيش الروسي هجماته بالصواريخ الفرط صوتية من نوع "كينجال" (الخنجر)، والمسيّرات الإيرانية من نوع "شاهد"، الرخيصة التكلفة، ما تسبب في خسائر فادحة في البنية التحتية الأوكرانية، خاصة في محطات الكهرباء، كما استنزف مخزون صواريخها المضادة للطائرات باهظة الثمن.

من جهة أخرى، تلقت روسيا ضربة جرحت كبرياءها، عندما جرى تفجير أجزاء من جسر القرم الرابط بين البر الروسي وشبه جزيرة القرم، في 8 أكتوبر 2022.

  • المحطة السادسة: باخموت والاستعداد لمعارك الربيع

منذ بداية فصل الشتاء، لم تحدث تحولات استراتيجية في ساحة المعركة، باستثناء المحرقة التي تجري في مدينة باخموت ومحيطها، والتي يخوض فيها الطرفان معارك كسر عظم، شبهها البعض بـ"مفرمة لحم"، مع استنزاف مخزون الذخائر، خاصة من الجانب الأوكراني، وفق مراقبين.

ورغم أن باخموت الواقعة في مقاطعة دونيتسك، ليست بالأهمية الاستراتيجية لخيرسون أو خاركيف أو حتى ماريوبول، فإن الطرفين يستميتان في القتال للسيطرة عليها، ما تسبب في حرب استنزاف لهما.

وفي الأسابيع الأخيرة، تمكنت وحدات شركة "فاغنر" الأمنية من السيطرة على مدينة سوليدار، المتاخمة لباخموت، كما دخلت القوات الروسية إلى بعض أحياء الأخيرة، ما شكل نصراً معنوياً للروس.

لكن الأهم من ذلك، استعداد الطرفين لمعركة الربيع، خاصة من الجانب الأوكراني الذي تلقى وعوداً بتزويده بدبابات هجومية من نوع "أبرامز" الأميركية، و"ليوبارد" الألمانية، و"تشالنجر" البريطانية، بالإضافة إلى صواريخ "باتريوت" الأميركية المضادة للطائرات، ما يبرز استعداداً أوكرانياً بدعم غربي، للقيام بهجوم واسع في الربيع لاستعادة الأراضي الواقعة تحت سيطرة الجيش الروسي.

بينما من المتوقع أن تزج روسيا بترسانة جديدة من الأسلحة التي لم تدخل الحرب بعد إلا بشكل تجريبي، ما سيؤدي إلى توسيع نطاق القتال.

(الأناضول)

ذات صلة

الصورة

سياسة

قُتل 40 شخصاً على الأقل، وجُرح العشرات، في إطلاق نار أعقبه اندلاع حريق، مساء اليوم الجمعة، في صالة للحفلات الموسيقية في ضاحية موسكو.
الصورة

منوعات

أبدى مصريون على مواقع التواصل قلقا كبيرا ووجهوا انتقادا للسلطات، بعد انتشار مقطع فيديو يظهر فيه عدد من المصريين المتطوعين في الجيش الروسي في حربه مع أوكرانيا.
الصورة
قائد الأسطول الروسي في البحر الأسود فيكتور سوكولوف-ألكسي بافليشاك/رويترز

سياسة

ظهر قائد الأسطول الروسي في البحر الأسود فيكتور سوكولوف، الذي أعلن الجيش الأوكراني، أمس الاثنين، أنه قتله الأسبوع الماضي، وذلك في صور وزّعتها وزارة الدفاع الروسية، اليوم الثلاثاء.
الصورة

سياسة

نشرت وكالة "أسوشييتد برس" تقريراً اليوم الجمعة، كشفت فيه تفاصيل تعرّض معارضي الكرملين على مرّ السنوات السابقة لهجمات وعمليات قتل، كان آخرها مقتل زعيم مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة يفغيني بريغوجين الأربعاء.

المساهمون