كشفت وزارة العدل العراقية لأول مرة، اليوم الاثنين، عن عدد السجناء المحكومين بالإعدام لديها بقضايا تتعلق بالإرهاب، مؤكدة أن أيا من تلك الأحكام سيتم تنفيذه إذا ما اكتسب الدرجة القطعية وصدر مرسوم جمهوري في شأنه.
وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد لعيبي إن "عدد المحكومين بقضايا الإرهاب يزيد عن 50 ألف سجين تقريباً، وأن نصفهم محكومون بالإعدام"، مبينا في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أن "أحكام الإعدام لم تنفذ لعدم اكتسابها الدرجة القطعية، أو أن بعضهم لم يصدر مرسوم جمهوري بإعدامه".
وأضاف أن "أي حكم يكتسب الدرجة القطعية ويصدر به مرسم جمهوري يتم تنفيذه، لكن نحو 90 بالمائة من الأحكام لم يصدر بها مرسوم أو لم تكتسب الدرجة القطعية، فأحياناً يستجد أمر أو نقص في الأوراق التحقيقية أو يخضع للتمييز، وتبقى القضية معلقة".
يأتي ذلك مع احتدام الجدل بالعراق بشأن أوضاع السجون والانتهاكات التي تحصل داخلها، إذ يتم تسجيل حالات وفيات بشكل مستمر داخلها نتيجة سوء التغذية والتعذيب وانتشار الأمراض.
ويعد ملف "الإعدامات" في العراق من الملفات المثيرة للجدل، ولا سيما مع وجود ضغوط من قبل بعض القوى السياسية الحليفة لإيران، على رئيس الجمهورية برهم صالح، للمصادقة على الأحكام لأجل تنفيذها.
وأكد مسؤول قريب من الرئاسة أن "صالح لن يصادق على أي حكم بالإعدام خلال الفترة المتبقية من رئاسته"، مبينا لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم ذكر اسمه، أن "هناك ضغوطا كبيرة ومحاولات من بعض الأطراف لإقناع الرئيس بالمصادقة على الأحكام، وأن تلك الأطراف تسعى لتنفيذ الأحكام خلال هذه الفترة التي تسبق إجراء الانتخابات، لتحقيق مكاسب انتخابية من خلالها".
وشدد على أن "الرئيس رفض كل تلك الضغوط، على الرغم من أن بعض الأطراف حملته مسؤولية تعطيل تنفيذ الأحكام".
بدورهم، طالب سياسيون عراقيون بإعادة المحاكمات قبل تنفيذ أي أحكام، ولا سيما أن الكثير من المحكومين أدخلوا السجون بقضايا كيدية.
واعتبر النائب السابق علي المتيوتي أن الضغوط لتنفيذ الإعدامات "محاولات لإبادة السجناء"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "الإعدامات يجب أن تكون ضد الفاسدين أولا، لأن الفساد هو الذي أسس الإرهاب في البلاد، وإذا أردنا تنفيذ القصاص العادل فلا مشكلة إن كان عادلا ومهنيا".
ودعا إلى "إعادة المحاكمات بظروف صحيحة، لكثير من السجناء الذين هم ضحايا التهم الكيدية والمخبر السري وانتزاع الاعترافات بالإكراه، والتي تسببت بزج الكثير من الأبرياء داخل السجون"، مشددا بالقول "نحن مع تنفيذ القصاص العادل بحق المجرمين ممن تورطوا بالإرهاب حقيقة، ووفق الأدلة المهنية".
ودعا الجهات المسؤولة عن حقوق الإنسان في البلاد إلى "رفض الدعوات والضغوط لتنفيذ الإعدامات، وجميع التدخلات بهذا الملف وعدم التهاون فيه"، منتقدا "دور البرلمان بهذا الجانب، وأنه يقتصر على التصريحات، وأن العمل ليس بمستوى الطموح إزاء هذا الملف الشائك، الذي يحتم على البرلمان متابعته بشكل دقيق، وأن يأخذ دوره، ولا سيما في ما يتعلق بحقوق الإنسان".
يشار إلى أن آلاف المعتقلين العراقيين يرزحون داخل السجون منذ عدة سنوات، أغلبهم بتهم كيدية وعن طريق المخبر السري، والذي اعتمد خلال فترة الحكومات السابقة، ولا سيما خلال فترة حكومة نوري المالكي، التي استمرت لولايتين (2006 – 2014)، والتي كانت تنفذ حملات اعتقال يومية تطاول المئات في محافظات معينة، واستخدمت تهمة الإرهاب ضد من تريد الزج بهم في السجون.