وشددت مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة، تحدثت مع "العربي الجديد"، على أن كافة الاتصالات التي جرت مع القيادة التركية شهدت تمسك أنقرة بالسيطرة على سرت، كحد أدنى، باعتبارها إحدى مدن خط ما قبل إبريل/ نيسان 2019، وهو التاريخ الذي بدأ فيه خليفة حفتر حملته العسكرية، المدعومة من الإمارات ومصر والسعودية وفرنسا، على العاصمة الليبية طرابلس.
وأوضحت المصادر أنه يوجد توجّه دولي لوقف العمليات العسكرية في ليبيا عند هذا الحد، باعتبار أن نقاط السيطرة الحالية تضمن عدم الغلبة لطرف دون الطرف الآخر، ما يسهم في تسهيل المفاوضات السياسية، والتوصل إلى حل سياسي سريع للأزمة.
وأشارت المصادر إلى أن المناورات الجوية والبحرية التي أعلنت وزارة الدفاع التركية عن إجرائها في المياه الدولية في البحر الأبيض المتوسط جاءت بعد ساعات قليلة من الضربة الجوية التي نفّذها سلاح الجو المصري واستهدفت تمركزات تابعة لقوات حكومة الوفاق في محيط سرت، وتدمير منظومة دفاع جوي تركية. وفيما قالت وزارة الدفاع، بحسب ما نقلت وكالة الأناضول، إن المناورات تهدف إلى اختبار وتطوير مهام عمليات المسافات الطويلة دون انقطاع، إلا أنها كانت تهدف بالأساس إلى إظهار قدرة تركيا على إشراك سلاح الجو التابع لها في المعارك في ليبيا في وقت قصير للغاية.
وشاركت في المناورات، التي استغرقت 8 ساعات، 17 طائرة تابعة للقوات الجوية و8 فرقاطات وطرادات تابعة لقيادة القوات البحرية. وتم خلال المناورات تنفيذ عمليات التزود بالوقود الجوي، والتدريب المشترك الجوي-البحري وغيرها.
مع العلم أن مصادر مصرية خاصة كانت قد أكدت في وقت سابق لـ"العربي الجديد" أن تركيا أبلغت وسطاء غربيين تدخلوا لإقناعها بوقف إطلاق النار والتوقف عند خط ترهونة، أنها سترد بقوة حال شاركت مقاتلات جوية، سواء كانت مصرية أو إماراتية أو روسية في سير المعارك، وتستدعي طائراتها الـ"أف 16".
وفي الوقت الذي تبنى فيه وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، خلال حواره مع إحدى القنوات التركية، أخيراً، خطاباً حمل لغة أكثر هدوءاً في التعامل مع مصر، قالت المصادر إن تركيا نقلت لأطراف دولية على علاقة جيدة بالبلدين أنه "إذا تكرر هجوم الطيران المصري خلال الفترة المقبلة ضد أهداف ومصالح تركية في ليبيا، فإن أنقرة لن تكتفي بإشراك سلاحها الجوي فقط في المعارك، ولكن الأمر سيطاول مصالح وأهدافاً مصرية أيضاً"، على حد تعبير المصادر.
من جهتها، قالت المصادر الغربية التي تحدثت مع "العربي الجديد" إن الجميع في انتظار صيغة روسية لوقف العمليات العسكرية، بالتفاهم مع تركيا، في ظل الاتصالات المتواصلة بين الطرفين بشأن التوصل لاتفاق يُنهي الصراع.
في مقابل ذلك، لا تزال الحشود العسكرية التابعة لحكومة الوفاق تتوافد إلى محيط سرت، تمهيداً لبدء معركة طرد قوات حفتر منها.
وأشارت المصادر إلى أن مشاورات تركية روسية تناولت مستقبل سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الذي قامت ضده الثورة الشعبية. وبحسب المصادر، "فإن القذافي الابن يشغل حيزاً كبيراً في الرؤى الروسية بشأن ليبيا"، مضيفة أن "المشاورات بين أنقرة وموسكو شهدت مطالبات من الجانب الروسي بعدم المساس بسيف الإسلام القذافي، والسماح له لاحقاً بالمشاركة في الحياة السياسية".