قوات "الوفاق" الليبية تتحضر لخطوات عسكرية جديدة غرباً بعد عملية الوطية

06 مايو 2020
مصدر: تركيا دعمت قوات الحكومة بأسلحة نوعية جديدة (Getty)
+ الخط -
أنهت قوات حكومة "الوفاق" الليبية المرحلة الأولى من عملية سيطرتها على قاعدة الوطية، جنوب غرب طرابلس، بعد تمكنها من التمركز في مواقع قريبة منها، في وقت تتحدث فيه أوساط عسكرية مطلعة لـ"العربي الجديد"، عن استعدادات تجريها قوات الحكومة لخطوات عسكرية جديدة تستهدف عدة محاور غرب البلاد.

ونقلت عملية "بركان الغضب" عن المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي، محمد قنونو، قوله إن "سلاح الجو نفّذ 24 ضربة جوية" في قاعدة الوطية حتى ليل أمس الثلاثاء، تمكن خلالها من تدمير "عربتي غراد وسيارة ذخيرة وآليات مسلحة وتمركزات لمليشيات اللواء خليفة حفتر في القاعدة الجوية".

من جانبه قال المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لـ"بركان الغضب"، عبد المالك المدني، إن "المرحلة الأولى من عمليات السيطرة على القاعدة انتهت بالسيطرة على بعض الآليات وتدمير البعض الآخر خلال ضربات جوية نفذها سلاح الجو".

وأضاف المدني في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "سرية الكورنيت نجحت في ضرب أهداف داخل القاعدة"، مشيراً إلى أن قوات الحكومة تتمركز حالياً في مواقع قريبة من القاعدة.

وفي محاور جنوب طرابلس، قال المدني إن مدرعة من نوع تايغر الإماراتية تم تدميرها خلال محاولة تسلل فوق كوبري طريق المطار، جنوب طرابلس.

وأعلنت وزارة الصحة بحكومة الوفاق، في وقت متأخر من ليل البارحة، عن مقتل مواطن وزوجته وطفلهما جراء سقوط قذيفة أطلقتها مليشيات حفتر على منزلهم بالهضبة الليلة الماضية.

وكانت عملية "بركان الغضب" قد أعلنت عن مقتل آمر قوة حماية القاعدة التابع لحفتر، أسامة امسيك، في وقت نعت فيه القيادة العامة لقوات حفتر "امسيك"، ليل الثلاثاء، مؤكدة أنه قتل أثناء هجوم قوات "الوفاق" على القاعدة.

تحشيد متبادل وأسلحة نوعية

في غضون ذلك، أكد مصدر عسكري مقرب من حكومة الوفاق وجود استعدادات حثيثة لبدء قوات الحكومة لخطوات عسكرية جديدة في عدة محاور في محيط طرابلس، مرجحاً أن تنشط في الأثناء وحدات من قوات الحكومة في محيط سرت، وسط البلاد.

وتعيش محاور القتال في محيط طرابلس وترهونة وسرت هدوءاً حذراً منذ مدة، لكن المصدر الذي تحدث لـ"العربي الجديد" أكد قرب استئناف المعارك بعد نجاح المراحل الأولى من عملية "عاصفة السلام" المتمثلة في سيطرة قوات الحكومة على كامل أجواء غرب البلاد، مشيراً إلى أن تركيا دعمت قوات الحكومة بأسلحة نوعية جديدة، وفق الاتفاق الأمني الموقع بين الجانبين.

وبينما أكد المصدر قرب حدوث تفوق نوعي على الأرض لصالح قوات الحكومة، يرجح الخبير الأمني الليبي محيي الدين زكري، من جانبه استعداداً عسكرياً مماثلاً من جانب حفتر.

ويستشهد زكري في حديثه لـ"العربي الجديد" بإعلان المكتب الإعلامي التابع لقيادة قوات حفتر، أمس الثلاثاء، عن إرسال الأخير لفرقة خاصة بـ"حرب الشوارع"، معتبراً أن خطط حفتر القادمة ستذهب باتجاه محاولة إحداث اختراقات في دفاعات قوات الحكومة للولوج إلى الأحياء السكنية المتاخمة لمحاور القتال جنوب طرابلس وتحويل المعركة لطور جديد تتمكن فيه مليشيات حفتر من التحصن داخل الأحياء السكنية والبيوت.

وقال "سيعتمد حفتر من غير شك في تأمين وصول إمداداته الجديدة على خطوط الإمداد المارة بمدينة بني وليد بعد أن أرسل لها قائد الإعدامات محمود الورفلي لتأمين المدينة المنقسمة بشأن دعمها لحفتر"، لافتاً إلى أن حفتر يحاول إعادة نصاب الأوضاع لصالحه ليس عسكرياً فقط بل لتقوية موقفه وتحسين صورته التي تشهد توتراً في الشرق الليبي.

أسباب دعوة السراج لاستئناف الحوار

وحول دعوة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، للقوى السياسية في البلاد لـ"استئناف الحوار والتوافق على خريطة طريق شاملة ومسار سياسي يجمع كل الليبيين"، التي لا تبدو منسجمة من إصرار قوات حكومته على مواصلة القتال لإبعاد مليشيات حفتر، يرى الباحث الليبي في العلاقات الدولية، مصطفى البرق، أنها لا تختلف عن مبادراته السابقة التي دعا لها خلال عدوان حفتر على العاصمة.

لكن الجديد فيها، بحسب البرق، هو محاولة احتوائها للأصوات الداعية لحل سياسي في الشرق الليبي، وتحديداً رئيس مجلس النواب عقيلة صالح الذي أكد أيضاً للسفير الأميركي على رفضه لـ"الحل العسكري"، بحسب بيان سابق للسفارة الأميركية في ليبيا، معتبراً أن ترحيب السراج بـ"المبادرات السياسية" لامعنى له سوى تشجيع الأصوات الرافضة لهيمنة حفتر.

وقال البرق في حديثه لـ"العربي الجديد" إنه "لهذه الأسباب احتوت دعوة السراج على ذات العناصر التي تحدثت عنها مبادرة عقيلة صالح"، خصوصا أنها أكدت على "توحيد الصفوف" لتبديد حلم من يريد الاستيلاء على الحكم بقوة السلاح.

وفي الوقت الذي لفت فيه البرق إلى وجود تجاوب في أوساط مجلس النواب المجتمع بطبرق لنداءات الحل السياسي، من بينها مبادرة أعلن عنها عضو مجلس النواب زياد دغيم الاثنين الماضي، أكد أن دعوة السراج لاستئناف العملية السياسية لا تحتمل أكثر من ذلك خصوصاً مع النشاط الحالي في الميدان العسكري.

ويذهب الباحث السياسي الليبي سعيد الجواشي، إلى أكثر من ذلك، فهو يرى أن السراج يسعى لاستثمار موقف حفتر الضعيف الذي يواجه ضغوطا داخلية وخارجية، خصوصا بعد رفض المجتمع الدولي، بما فيه حلفاؤه الإقليميون، لانقلابه الإعلامي على الاتفاق السياسي.

ويضيف الجواشي في حديثه لـ"العربي الجديد" أن السراج "أرسل رسالة مفادها انسجام حكومته مع التعاطي الدولي إزاء المبادرة السياسية التي أعلن عنها عقيلة صالح ولو كانت بإعادة تشكيل المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق".

ويلفت الباحث الليبي إلى ملامح موقف دولي جديد يمكن أن يزيد من تضييق الحصار على حفتر، مشيراً إلى أن كلمة المدعية العامة بالمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، أمس الثلاثاء، أمام مجلس الأمن ومداخلات أعضائه تذهب في هذا الاتجاه.

وتابع أن "حديث بنسودا عن توفر معلومات جديدة حول حادثة اختطاف وتغييب البرلمانية سهام سرقيوة وعدم تسليم حفتر للورفلي"، بالإضافة لـ"دعوة بنسودا إلى تفويض المحكمة لإنهاء الإفلات من العقاب"، يؤشر إلى إمكانية بروز مواقف دولية جديدة من حفتر خصوصا مع قضية سرقيوة الغامضة حتى الآن، التي لا يشك الرأي العام في تورط حفتر فيها.

وكانت بنسودا قد أشارت إلى حصول مكتبها على معلومات جديدة عن "الأشخاص المسؤولين عن اختفاء سرقيوة"، مؤكدة أن مكتبها مستمر في التحقيق للتأكد من المعلومات الجديدة، بحسب نص إحاطتها حول الأوضاع في ليبيا التي قدمتها، أمس الثلاثاء، لأعضاء مجلس الأمن ونشرتها وكالة أنباء الأمم المتحدة على موقعها.

وعبرت المدعية عن قلقها بشأن تفاقم الأوضاع في طرابلس ومحيطها "بعد مرور أكثر من عام على الهجوم على طرابلس" خصوصا الإصابات في صفوف المدنيين بسبب الغارات الجوية والقصف المدفعي.

وبينما أشارت بنسودا إلى أن مكتبها يعمل على طلبات إصدار مذكرات اعتقال جديدة، أكدت أن استهداف المدنيين بشكل مقصود أو استهداف أفراد مدنيين غير مشاركين بشكل مباشر في الأعمال العدائية هو جريمة حرب.

وشددت المدعية على ضرورة تسليم "سيف الإسلام القذافي" و"التهامي خالد"، رئيس جهاز الأمن في عهد النظام السابق، الذي قالت إنه "يقيم الآن في مصر بحسب الاعتقاد لكن لم تعتقله السلطات المصرية وتسلمه إلى المحكمة"، مشيرة أيضاً الى أن حفتر لم يسلم "محمود الورفلّي إلى المحكمة ولم تتم محاكمته في ليبيا".

المساهمون