المعارضة الفرنسية تطالب ماكرون بسياسة واضحة في مواجهة كورونا

23 مارس 2020
المعارضة تحاول تجاوز الخلافات السياسية (Getty)
+ الخط -

بعد فترة أولى اتسمت بوضع الخلافات السياسية جانباً، وبإظهار التعاضد مع الأغلبية الحاكمة في فرنسا لمواجهة فيروس كورونا، بدأت الأصوات الناقدة لسياسة الحكومة في إدارة الأزمة الصحية تتعالى بين أحزاب المعارضة، في وقت وصل فيه عدد المصابين المعروفين من قبل السلطات إلى 17 ألفاً، وعدد المتوفين إلى 674.
وبعد اليمين، جاء دور النقد على اليسار، ممثلاً بالحزب الاشتراكي، الذي وجه أمينه العام أوليفييه فور رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مطالباً إياه باتخاذ سياسة "أكثر وضوحاً" في مواجهة الفيروس، وباللجوء إلى ما سمّاه "اقتصاد حرب" للحدّ من تبعات الوباء.

وبحسب ما كشفته، اليوم الإثنين، صحيفة "لوموند" من تفاصيل الرسالة، فإن فور دعا ماكرون لضرورة اتخاذ إجراءات استباقية لتفادي تدهور الأوضاع، داعياً إلى عدم تكرار الحكومة خطأ التأخر نفسه "الذي كان وما زال حتى الآن القاعدة" التي تحكم سياستها إزاء الوباء.
ويأتي انتقاد أمين عام الحزب الاشتراكي بعد أيام قليلة من قيام ثلاثة أطباء، يمثلون مجموعة من المشتغلين في القطاع الصحي، برفع دعوى ضد رئيس الوزراء إدوار فيليب، ووزيرة الاقتصاد السابقة أنييس بوزان، بتهمة الامتناع عن اتخاذ إجراءات مبكرة لصد الوباء في وقت تشير معلومات صحافية إلى علمهما المبكر بخطورة الوضع.
وفي رسالته، يشير فور إلى ضرورة قيام الحكومة، منذ الآن، بالتفكير بمرحلة ما بعد العزل، سواء كان على الصعيد الصحي أو على الصعيد الاقتصادي. ويقترح اللجوء إلى فحص أكبر عدد ممكن من الناس لتجنب قفزة جديدة في أعداد المرضى، ووضع خطة إنعاش اقتصادية لتجنب إفلاس الشركات.
وحذر فور الرئيس الفرنسي من "خطورة" انغلاق الحكومة عن الآراء الأخرى واكتفائها "بسرديّتها الخاصة حول الأزمة"، مطالباً بإشراك المعارضة في النقاش لمواجهة الوباء، وبإنشاء "مجلس وطني لمواجهة فيروس كورونا المستجد"، بهدف استشارة الشركاء الاجتماعيين والمنتخبين المحليين لاتخاذ القرارات المناسبة.
وطالب أمين عام الحزب الاشتراكي ماكرون بـ"مصادرة كل المصانع" القادرة على المساعدة في إنتاج المواد والآلات اللازمة لمواجهة الأزمة، وبقصر النشاط الاقتصادي للبلد على القطاعات الحيوية، مشيراً إلى ضرورة حماية المشتغلين في القطاع الصحي، وعناصر الأمن وعمال النظافة، عبر توفير مستلزمات الوقاية.
ويأتي هذا بعد يوم من تصويت البرلمان الفرنسي على مشروع قانون يسمح للحكومة بإعلان حالة الطوارئ الصحية لمدة شهرين على الأقل في البلاد، التي تعيش حالة من العزل مفروضة منذ الثلاثاء الماضي.
وتعطي حالة الطوارئ السلطات صلاحيات استثنائية، تشمل الحدّ من بعض الحريات والحق بمصادرة أملاك وخدمات وفرق عمل، إضافة إلى صلاحية إصدار مراسيم متعلقة بالوضع الصحي والاقتصادي في البلد.

لكن تيارات في المعارضة ترى أن قانوناً كهذا يعطي "صلاحيات هائلة" للسلطة التي تدافع، بدورها، عن ضرورة امتلاكها إطاراً قانونياً استثنائياً يسمح لها بمواجهة أزمة استثنائية.
وبعد إبداء الأغلبية اليمينية في مجلس الشيوخ اعتراضها على بعض تفاصيل القانون، ما أدى إلى تأخير التصويت عليه في البرلمان يوماً، شهد التصويت في البرلمان اعتراض نواب حزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي على مشروع القانون.
ومثل الحزب الاشتراكي، يحاول حزب "فرنسا الأبية" أن يكون حذراً في نقده للحكومة وخياراتها، في وقت قد يُعتبر انتقادها تعطيلاً للدولة عن العمل، وتضييعاً للوقت في مواجهة الأزمة.
وقال زعيم "فرنسا الأبية" جان لوك ميلانشون، في لقاء مع إذاعة "فرانس إنتير"، أمس الأحد: "لا نريد إلقاء اللوم (على الحكومة) وتحميلها كل المسؤولية"، لكنه أكد أنه "في الوقت نفسه، علينا قول ما يجب قوله، وإلا فإننا سنبدو جميعاً كمتواطئين بصمتنا".


وفي حين دعا ميلانشون إلى تشكيل لجنة برلمانية من شأنها متابعة سياسة الحكومة في ما يخص الوباء، تقدم حزبه بحزمة من المقترحات لمواجهة الأزمة، من بينها خطة بقيمة 10 مليارات يورو لرعاية القطاع الصحي، وجعل خدمات الكهرباء والماء والغاز مجانية، ورفع نسبة العطالة الفنية عن العمل إلى 100% من الراتب، وإيقاف احتساب أيام العزل التي يأخذها العمال والموظفون كجزء من إجازاتهم السنوية، إضافة إلى توزيع كمامات على كل عامل وموظف.

المساهمون