وتساءلت الصحيفة ما إذا كان من الممكن للأسد "الحصول على اعتراف بأنه قوة موحدة للسوريين؟"، لترد بجواب مختصر أن "المصور السوري المكنى بقيصر سيحبط ذلك"، مضيفة أن "سوريين يتنافسان في الحرب العنيفة والصراع على سورية، أحدهما الأسد، الديكتاتور الذي لا يرغب معظم الناس في التقاطع معه، والآخر هو قيصر، مصور سوري لصور لا يمكن لمن يشاهدها إلا أن يتأثر بها".
وترى "بوليتيكن" من خلال كبير مراسليها في الشرق الأوسط، أندرس جيركو، أن ما يجري حاليا أن "الطرفين (الأسد وقيصر) يحققان انتصارات، فالأسد ينتصر في معركة حربية، فيما قيصر ينتصر في تحديد المسؤولية". ويرى جيركو أن "الأسد يحاول أن يضع نفسه في وسط السرد التاريخي، فدائما ما كان المنتصر هو الذي يكتب التاريخ". ويضيف على الفور "لكن، من قال إن الأمور يجب أن تكون على ذلك النحو؟ هل نحن مضطرون لاحترام الأسد لأنه عسكري تمادى إلى حد كبير؟".
وتشير "بوليتيكن" في سياق استعراض ما يشكله عمل المصور إلى أنه "يتخفى وراء هذا الاسم، ويضع كل الثقل لتوثيق البشاعات وجرائم الحرب لجلب الأسد للمحاكمة". وتورد "بوليتيكن" نماذج لما قام به الأسد منذ 9 سنوات، قائلة "تضرب مخابراته وجيشه بيد من حديد مواطنيه الذين قاموا في درعا بالاحتجاج على التعذيب والاضطهاد، وطالبوا بالحريات السياسية، وكل ذلك أدى إلى تمرد بوجهه، وهو ما دفع به (الأسد) لردود فعل أدت إلى تهجير 5 أو تقريبا 6 ملايين سوري إلى خارج البلاد، ونحو 7 ملايين داخل البلد، وقتل نحو 400 ألف سوري، وتعذيب عشرات الآلاف من مواطنيه في سجونه".
وحسب "بوليتيكن"، فإن كل ذلك "يجري بمساعدة روسيا ومليشيات الإيرانيين وحزب الله اللبناني. والآن يحاولون التقدم لاستعادة إدلب في الشمال الغربي لسورية، وبعد ذلك سيتجه الأسد نحو المناطق الكردية شمالا وشمال شرق".
وترى الصحيفة أنه "إذا حصل الأسد القاتل على ما يريد، فإنه سينفض عن نفسه الغبار ودماء الناس التي لطخته"، موضحة "لم يجر اختياره في انتخابات حرة بل بالاستيلاء الحرفي على السلطة بالقوة، ولا يجب أن يترك الأسد ليحصل على ما يريد".
ولم يفت الصحيفة الإشارة إلى "ضحايا جرى عن قصد تجويعهم وتعذيبهم وبشكل منهجي ليقتلوا بدم بارد"، في إشارة إلى الضحايا الذين تقول عنهم "55 ألف صورة لمن جرى تعذيبهم حتى الموت كافية لوضع حد لطموح الأسد، فقد عرض المصور قيصر حياته للخطر لتوثيق ما جرى لهؤلاء، والصور تظهر بشاعة التعذيب والمقتولين على يد القاتل الأسد، صور تثير القرف والاشمئزاز لبشر لم يكونوا ضحايا حرب عشوائية، بل للتعذيب الممنهج وبأوامر، حيث تعرض الضحايا عن عمد للتجويع والإيذاء المتعمد وثم قتلهم بطريقة ساخرة وباردة".
وتشير "بوليتيكن" في سياق المسؤولية إلى أن "صور قيصر في الواقع تشير إلى أن الأسد ونظامه انتهجا التعذيب كأساس وجودي، وعليه سيظل السؤال ماثلا: هل يجب إنكار كل تلك الجرائم؟ هل ضحايا التعذيب وأقرباؤهم والناجون من القاتل سيتركون الأسد ويسامحونه؟ وهل سيقبل بقية العالم إنكار كل ذلك التعذيب ومنح الأسد الاحترام الذي يلهث خلفه؟". وبتلك الأسئلة ترى "بوليتيكن" أن "الضحايا الذين لم يخرجوا من معتقلات الأسد لا يمكنهم أن يخبروا عن قضيتهم بأنفسهم، وعليه سيظل سؤال آخر ماثلا: هل على أهالي هؤلاء الضحايا السوريين مسامحة الأسد؟ وفي الحقيقة حتى هؤلاء غير أحرار في التفكير طالما تسود الديكتاتورية، وكيف سيتمكن بقية العالم الخارجي من تبرئة الجلادين ورؤسائهم دون محاكمات؟".
كل تلك الأسئلة التي تثيرها "بوليتيكن" تجد جوابا مفصلا في أن "القانون الجديد المسمى قانون قيصر لحماية المدنيين الذي جرى تبنيه في الكونغرس الأميركي، ووقعه الرئيس دونالد ترامب، سوف يمكن من ملاحقة الجلاد الأسد، وتبني عقوبات ضد النظام الديكتاتوري في سورية".
وأضافت أنه بمعنى من المعاني، فإن لا شيء من طموحات الأسد ستتحقق، فمع صور الضحايا التي نشرت في الأمم المتحدة ومتحف الهولوكوست (المحرقة) الأميركي، لا أحد سيستطيع أن يجعل للأسد شرعية وجود بعد 9 أعوام من الحرب، رغم دعم الروس له في مجلس الأمن الدولي والقصف والهجوم الإيراني عبر المليشيات في إدلب". وتختتم الصحيفة بالقول إن "سردية الأسد بأنه موحد سورية تدمرها 55 ألف صورة لقيصر، ما يعني أن صورة بقاء الأسد تعني بقاء سورية مدمرة ومقسمة وبمزيد من جرائم النظام، ولهذا ربما وصل الوقت الذي سيحمل الأسد مسؤولية تلك الجرائم ويحاكم على ما اقترفه في بلده".