وقال الباحث في "مركز يروشليم للدراسات الاستراتيجية والأمنية"، جوشا كرانسا، إنّه للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل يَفرِد التقدير السنوي الاستراتيجي، الذي تعدّه شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، مساحة للتحذير من تبعات السياسة الإقليمية "الهجومية" التي ينتهجها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ويعتبرها على رأس التحديات التي تواجه إسرائيل.
وأشار كرانسا، في تحليل نشرته النسخة العبرية لموقع "المونتور"، إلى أنّ الصراع على الطاقة والخلاف بشأن المسألة الفلسطينية يزيدان من فرص الاحتكاك مع تركيا.
وشدّد على أنه على الرغم من أن كلاً من تركيا وإسرائيل غير معنيتين بمواجهة مسلّحة إلا أنهما قد تضطران لنشر قوات بحرية في المتوسط لتأمين مصالحهما الاقتصادية، مما يزيد من فرص الاحتكاك المسلّح بينهما ليصبح خارج السيطرة.
ولفت إلى أن ما يفاقم الأمور تعقيداً حقيقة أن القيادتين في أنقرة وتل أبيب معنيتان بالظهور أمام الرأي العام الداخلي متشددتين وغير قابلتين للتنازل، مما يزيد من فرص التصعيد.
وأشار إلى أن التعاون بين إسرائيل وقبرص واليونان في مجال الطاقة أسهم في توفير بيئة للتصعيد مع تركيا، لا سيما بعد الإعلان عن تشكيل "منتدى غاز الشرق الأوسط"، الذي يضم أيضاً مصر بشكل رئيس.
وأوضح أن ما يفاقم خطورة المواجهة مع تركيا حقيقة أنها عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى جانب أن قبرص واليونان، كحليفتين لإسرائيل، غير قادرتين وغير معنيتين بالقيام بخطوات عسكرية ضد تركيا.
ولفت إلى أنه سبق لرئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنّ شدّد على الطابع "السياسي والأمني والاقتصادي" للتحالف بين إسرائيل وكل من قبرص واليونان.
وأشار إلى أن كلاً من قبرص واليونان ترى في التحالف العلني مع إسرائيل خطوة يمكن أن تسهم في ردع تركيا؛ في حين ترى أنقرة في التحالف الثلاثي محاولة لاحتواء تحركاتها الجيوسياسية في المنطقة ومنعها من الاستفادة من احتياطات الغاز في حوض المتوسط.
ولفت إلى أن الرد التركي تمثل في تعزيز حضورها العسكري في المتوسط وبناء سلاح بحرية قوي، مشيراً إلى أن تركيا تخطط لإضافة 20 سفينة عسكرية إلى أسطولها الحربي في المتوسط خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وأشار إلى أن تركيا اتخذت خطوات عملية لتكريس حضورها في المتوسط من خلال إرسال سفينة للتنقيب عن الغاز، تحميها سفن حربية قامت بطرد سفن بحث قبرصية وإسرائيلية.
وشدد على أن الاتفاق الذي وقعته تركيا مع الحكومة الليبية الشرعية مثل محاولة واضحة لفرض أمر واقع وتثبيته.
على صعيد آخر، يرى الباحث في "مركز يروشليم" أنه لا يوجد ما يبرر حرص نتنياهو على الاحتفاء باتفاق تدشين أنبوب الغاز إلى أوروبا بسبب الشكوك في جدواه، لا سيما في ظل انخفاض سعر الغاز إلى جانب وجود الكثير من المشاكل التقنية التي تحول دون بنائه، مع العلم أنه سيكون أنبوب الغاز الأطول في العالم. وأشار إلى أن العديد من الخبراء يفضلون أن تتم إسالة الغاز في مصر وبعد ذلك تصديره.