النظام يوسع هجومه في إدلب... وأنقرة تدعو المعارضة للتصدي

إسطنبول

جابر عمر

جابر عمر
إسطنبول

عدنان أحمد

عدنان أحمد
18 يناير 2020
32976C06-0C5D-4865-BB5E-9F098C0C36C3
+ الخط -
تدلّ كل المؤشرات السياسية والعسكرية على نيّة النظام السوري توسيع نطاق هجومه في شمال غربي البلاد. ففيما تحدثت معلومات أمس الجمعة عن بدء النظام هجوماً برياً على ريفي حلب الغربي والجنوبي، بالتوازي مع تواصل الاشتباكات في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، بمشاركة نشطة من الطيران الحربي الروسي، كانت مصادر تركية تكشف لـ"العربي الجديد" أنّ أنقرة أبلغت الفصائل السورية المسلحة بإصرار النظام على التقدّم في منطقة خفض التصعيد في إدلب بغطاء روسي.

وبالتوازي مع استمرار المعارك والقصف أمس في منطقة خفض التصعيد، كشفت مصادر تركية، لـ"العربي الجديد"، أنّ أنقرة أبلغت فصائل المعارضة عزم النظام وإصراره على التقدّم في تلك المنطقة، وأنه يتوجب عليها الاستعداد للتصدي لهذا التقدّم، وذلك في إشارة إلى كلام وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، أنّ على المعارضة الدفاع عن نفسها ضدّ هجمات النظام في إدلب. ولفتت المصادر إلى أنّ الإبلاغ التركي تضمّن الإشارة إلى الدفاع عن النفس بما يتماشى مع التصعيد الذي يعتزم النظام المضي فيه، وفي الوقت نفسه ستواصل أنقرة جهودها الدبلوماسية بالضغط على موسكو، ومحاولة حشد المجتمع الدولي وراءها، لا سيما واشنطن التي حصلت اتصالات معها في الفترة الأخيرة.

ولفتت المصادر إلى أنّ النظام قد يتقدّم إلى بعض المناطق شرق الطرق الدولية، لكن تركيا رسمت بعض الخطوط الحمراء التي لن تسمح لأحد بالتقدّم لها من ضمن الاتفاقيات السرية مع روسيا. وعلى الرغم من عدم الكشف عن هذه الخطوط، ولكن يبدو أنها تتعلق بنقاط المراقبة التركية، في وقت لم توضح فيه المصادر الآليات التي تحدثت بها أنقرة مع المعارضة للردّ على هجمات النظام وخروقاته الأخيرة، ونوع الدعم المقدم للفصائل في التصدي لهذه الهجمات.

وأشارت مصادر ميدانية تركية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الخلاف التركي الروسي بات واضحاً، وهو ما دفع أنقرة للطلب من واشنطن التدخّل والضغط أيضاً، موضحةً أنّ لقاءات المبعوث الأميركي إلى سورية جيمس جيفري الأخيرة في تركيا، جرت بأجواء إيجابية. ولفتت المصادر إلى أنّ الهدف الروسي من الوصول إلى الطرق الدولية ليس فتحها لتنشيط التجارة، في ظلّ معاناة النظام من انهيار اقتصادي وحصار دولي، وإنما لإسقاط الحلّ السياسي في البلاد بتفضيل الحسم العسكري، وهو الهدف الأساسي لموسكو منذ بدء تدخلها بسورية.

في السياق، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن ما يجري في إدلب، "يُثير الإزعاج". وأوضح أن هناك مشاكل كبيرة في الممر بين الطرفين الشمال الغربي والشمال الشرقي. ولفت إلى أنه يعتزم مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، مناقشة هذه القضايا بشكل مفصل في مؤتمر برلين حول ليبيا، غداً الأحد. ورداً على سؤال حول موجة النزوح باتجاه تركيا، قال أردوغان إن ما يجري "دليل واضح جداً على عدم التزام النظام بالخطوة التي اتخذناها لوقف إطلاق النار".

ميدانياً، قالت وكالة "الأناضول" التركية، إنّ قوات النظام بدأت أمس الجمعة هجوماً برياً على ريفي حلب الغربي والجنوبي الواقعين داخل منطقة خفض التصعيد، فيما نقلت وكالة أنباء "سانا" الرسمية الناطقة باسم النظام، عن مصدر عسكري تابع لقوات الأخير قوله إنّ من سماها بالمجموعات الإرهابية المتمركزة في الأطراف الغربية لمحافظة حلب "كثّفت في الآونة الأخيرة من اعتداءاتها على الأحياء الآمنة والمكتظة بالسكان في مدينة حلب، عبر قصفها بالصواريخ والقذائف المتفجرة ما أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات من المدنيين". وأضاف أن ما يقوم به "الجيش من عمليات عسكرية ومن استهداف للإرهابيين في أماكن تمركزهم، يأتي في نطاق الردّ على مصادر النيران بعد الاستهدافات المتكررة للمدنيين".

وشنّت الطائرات الحربية الروسية غارات بالصواريخ الفراغية على بلدة كفرناها بريف حلب الغربي، فيما قصف الطيران التابع للنظام بالصواريخ الفراغية محيط مدينتي الأتارب ودارة عزة في الريف نفسه. كما استهدفت قوات النظام بقذائف المدفعية وراجمات الصواريخ، بلدات المنصورة، وكفرناها، وجمعية الكهرباء والصحافيين، والراشدين، وخان طومان، وخلصة بريفي حلب الغربي والجنوبي.

وقال مراسل "العربي الجديد" إنّ شعائر صلاة الجمعة في بلدة الزربة جنوبي حلب، ألغيت بسبب القصف المكثف، مشيراً إلى أنّ الهجوم البري لم يبدأ على نطاق واسع، واقتصر الأمر حتى ساعات عصر أمس على قصف جوي ومدفعي مكثف، فيما يبدو أنه تمهيد للهجوم البري، مع محاولات تقدم محدودة.

في غضون ذلك، تواصلت الاشتباكات العنيفة على محاور شرق بلدة سراقب وجنوب مدينة معرة النعمان، في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، بين الفصائل المسلحة وقوات النظام، في إطار محاولة تقدّم جديدة تقوم بها الأخيرة باتجاه قرية أبو جريف التي استعادتها الفصائل في الساعات الأخيرة. وتترافق الاشتباكات مع قصف مدفعي وصاروخي متبادل وسط معلومات عن سقوط قتلى من الطرفين.

وأعلنت فصائل المعارضة عن تدمير دبابة لقوات النظام على محور تل خطرة في ريف إدلب الشرقي بعد استهدافها بصاروخ موجّه، إضافة إلى مقتل وإصابة عدد من عناصر قوات النظام على محور أبو جريف شرق إدلب، خلال صدّ محاولة تقدم لهذه القوات. وقالت "الجبهة الوطنية للتحرير" إنّ الفصائل العسكرية صدّت أكثر من محاولة تقدم لقوات النظام والمليشيات الموالية لها على قرية أبو جريف.

كما أعلنت وسائل إعلام تابعة لـ"هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، أنّ الأخيرة وغرفة عمليات "وحرّض المؤمنين" التي تضم كتائب إسلامية، صدوا محاولة تقدّم للنظام، وقتلوا وجرحوا عدداً من عناصره.

وتشهد مناطق جنوب وغرب حلب موجة نزوح جديدة باتجاه الشريط الحدودي مع تركيا، وذلك مع تصاعد حدة القصف على "منطقة خفض التصعيد" عقب انهيار وقف إطلاق النار. وبدأ الآلاف اعتباراً من بعد ظهر الخميس، مغادرة منازلهم والنزوح عنها بسبب قصف قوات النظام الكثيف. وقال مراسل "العربي الجديد" إن موجة النزوح الجديدة تمتد من سراقب جنوب شرق إدلب إلى حي الراشدين جنوب غرب حلب، وتشمل قرى وبلدات خان العسل والمنصورة وكفرداعل وحي الراشدين وكفرناها غرب حلب، والزربة والشيخ أحمد وكوسانيا والبوابية وجزرايا جنوب حلب.

ولا توجد إحصاءات رسمية لأعداد النازحين حتى الآن، غير أنّ مصادر محلية قدرت العدد بنحو نصف سكان تلك المناطق البالغ نحو 200 ألف نسمة، علماً أنّ هذه المناطق كانت تضم نسبة كبيرة من النازحين من مناطق أرياف حلب وإدلب سابقاً. وفي أحدث إحصائية نشرتها الأمم المتحدة، وصل عدد النازحين إلى نحو 350 ألف سوري معظمهم نساء وأطفال نزحوا من إدلب منذ أوائل ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

في الأثناء، دعت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، أمس، لوقف القتال فوراً في إدلب، مؤكدةً أنّ وقف إطلاق النار الأخير في سورية فشل مرة أخرى في حماية المدنيين. وقالت باشليه في بيان: "من المفجع للغاية استمرار مقتل مدنيين كل يوم في ضربات صاروخية من الجو والبر". بدوره، قال جيريمي لورانس، المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان في إفادة صحافية، إنه منذ اشتداد حدة الأعمال القتالية في منطقة خفض التصعيد في إدلب يوم 29 إبريل/نيسان، وثّق مراقبو الأمم المتحدة أحداثاً قُتل خلالها 1506 من المدنيين منهم 293 امرأة و433 طفلاً.

إلى ذلك، يسود التوتر بعض مناطق سيطرة "الجيش الوطني" السوري التابع للمعارضة، والقوات التركية في شرق الفرات والريف الحلبي، شرقي سورية، وذلك على خلفية التفجير الذي استهدف الخميس أحد مقار فصيل "أحرار الشرقية" في بلدة سلوك بريف الرقة الشمالي، والذي خلّف قتلى في صفوف الفصائل، إلى جانب مقتل ثلاثة جنود أتراك. وقام فصيل "أحرار الشرقية" بمداهمة مقار ومواقع تابعة لـ"الفرقة 20" التابعة لـ"فيلق الشام"، بعد اتهامها بتسهيل مرور السيارة المفخخة، وهو ما نفته الأخيرة. وأفاد بيان لـ"الفرقة 20" أمس، بأنّ السيارة المفخخة التي أرسلتها "عصابات البي كي كي (الوحدات الكردية) اجتازت في طريقها حواجز تتبع لأحرار الشرقية وليس لها، ورافقتها سيارة تتبع لأحرار الشرقية أيضاً".

ويخضع المربع الأمني الذي يقع في منطقة الناحية غرب سلوك، لإجراءات تفتيش مشددة باعتباره يضمّ مقار للفصائل المعارضة. وشهدت بلدة سلوك انفجار خمس سيارات مفخخة ودراجة نارية منذ دخول "الجيش الوطني" السوري إليها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قُتل فيها 22 شخصاً وأُصيب العشرات.

في غضون ذلك، قتل عنصر في "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) متأثراً بجروح أصيب بها يوم الخميس، جراء انفجار عبوة ناسفة بسيارة تابعة لـ"قسد" في قرية أبو حردوب بريف دير الزور الشرقي. وتبنّى تنظيم "داعش"، التفجير. وفي بلدة الطيانة، قتل عنصر آخر لـ"قسد" برصاص مجهولين أطلقوا عليه النار وهم يستقلون دراجة نارية.

ذات صلة

الصورة
النازح السوري محمد كدرو، نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

أُصيب النازح السوري أيمن كدرو البالغ 37 عاماً بالعمى نتيجة خطأ طبي بعد ظهور ضمور عينيه بسبب حمى أصابته عندما كان في سن الـ 13 في بلدة الدير الشرقي.
الصورة
فك الاشتباك جندي إسرائيلي عند حاجز في القنيطرة، 11 أغسطس 2020 (جلاء مرعي/فرانس برس)

سياسة

تمضي إسرائيل في التوغل والتحصينات في المنطقة منزوعة السلاح بين الأراضي السورية ومرتفعات الجولان المحتلة، في انتهاك لاتفاقية فك الاشتباك الموقعة عام 1974.
الصورة
معاناة النازحين في سورية، 12 نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

تواجه عائلة علي إدريس واقعاً قاسياً في ظل الفقر المدقع الذي تعيشه، ذلك بعد نزوحها من مدينة معرة النعمان في ريف إدلب جنوبي سورية قبل خمسة أعوام
الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.