توتر بين مليشيات محلية و"العمال الكردستاني" في سنجار: التهريب والتنافس على النفوذ

17 ابريل 2019
وجود "الكردستاني" بسنجار يقلق أنقرة (Getty)
+ الخط -

تحول وجود الجيش العراقي بمدينة سنجار، شمالي غرب الموصل، لنقطة توازن بين مختلف الأطراف، وفقا لمصادر محلية تحدثت لـ"العربي الجديد"، على خلفية التوتر الحاد بين مليشيات محلية وحزب "العمال الكردستاني"، التي يحول وجود الجيش دون حدوث اشتباكات أو مواجهات مسلحة في ما بينها.


وللأسبوع الثاني على التوالي تشهد سنجار، عاصمة محافظة نينوى المحلية، توترا واضحا بين مليشيات أيزيدية مسلحة، بعضها مقربة من "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، وأخرى من بغداد، من جهة، وحزب "العمال الكردستاني" من جهة اخرى. وتصنف أنقرة "الكردستاني" على قائمة الإرهاب، وهو ما زال يحتفظ بنفوذ واسع له في المدينة المختلطة قوميا ودينيا، الواقعة على مقربة من الحدود الدولية للعراق مع كل من سورية وتركيا.
وبينت مصادر "العربي الجديد" من داخل المدينة، أن مليشيا "بشمركة سنجار" بزعامة قاسم ششو، والقريبة من "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، دخلت بمشاكل كبيرة مع مسلحي حزب "العمال الكردستاني" بسبب النفوذ المتزايد للأخير وملفات التهريب بين العراق وسورية وفرض مسلحي الحزب أجندتهم داخل المدينة.
ولفتت إلى أن التوتر مشتعل أيضا في ما بين مليشيا "أيزيدي خان"، بقيادة ششو، من جهة، و"وحدات حماية سنجار"، وهي الذراع العراقي لحزب "العمال الكردستاني"، من جهة ثانية.
وعزت المصادر ذلك كله إلى تنافس على مصالح مالية ونفوذ في المدينة المضطربة، والتي باتت قراها الجنوبية الغربية معبرا أيضا لقوافل تهريب النفط والمواشي والسجائر والمواد الممنوعة بين العراق وسورية في كلا الاتجاهين.
من جانبه، ذكر مسؤول بالمجلس المحلي لمدينة سنجار، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن الاستخبارات العراقية نجحت في تفكيك معادلة استمرت لنحو عامين في سنجار وهي تقاسم النفوذ. وأوضح المسؤول أن مجريات الأمور بالمدينة تحولت بحيث أصبح الجيش العراقي له اليد العليا فيها، والسكان يرحبون بذلك. لكنه قال إن التوتر في ما بين المليشيات من جهة، ومليشيا "بشمركة سنجار" وحزب "العمال الكردستاني" من جهة أخرى، قد يتفجر، وهو ما سيكون ورقة لصالح السلطات العسكرية العراقية لضرب الطرفين في حال حصول أي ترد أمني ينتج عن هذا التوتر.
ولفت المصدر ذاته إلى أن وسط المدينة مستقر، لكن الصراع الحالي يتركز في المناطق الحدودية مع سورية، وهي قرى تتبع لمدينة سنجار وفيها تتم عمليات التهريب.
ويتزامن ذلك مع وجود اتهامات لحزب "العمال الكردستاني" بمساعدة عناصر من أسر أعضاء تنظيم "داعش" الإرهابي بالانتقال من سورية إلى سنجار، ثم إلى مناطق عراقية أخرى.
وقال رئيس قوة "أيزيدي خان" في سنجار حيدر ششو، إنه سمع أحاديث كثيرة عن تهريب أسر تنظيم "داعش" عن طريق الحدود السورية، وإدخالهم إلى سنجار، مطالبا في تصريح صحافي، القوات العراقية بوقف هذا الأمر.


وأشار إلى أن مقاتلي "العمال الكردستاني" يقومون بأي شيء من شأنه أن يضر بأمن سنجار، مضيفا "ليس من المستبعد أن تقوم هذه العناصر بتهريب الدواعش وعوائلهم".
وتعرضت المدينة لواحدة من أفظع جرائم تنظيم "داعش" في العراق، حيث قام التنظيم بسبي آلاف النساء والأطفال وقتل المئات من الرجال عندما تمكن من احتلال المدينة عام 2014. وتمكنت البشمركة والتحالف الدولي من تحريرها نهاية عام 2015 بعملية استمرت عدة أسابيع، وشاركت فيها وحدات من "العمال الكردستاني".
وتأتي هذه التطورات بعد نحو شهرين من أزمة كادت تؤدي إلى مواجهة بين الجيش العراقي و"العمال الكردستاني" في سنجار، على خلفية تورط الأخير بمقتل جنود عراقيين بمحيط البلدة. وقامت القوات العراقية في الثامن عشر من الشهر الماضي بمنح "العمال الكردستاني" 72 ساعة لمغادرة سنجار، على خلفية رفضه تسليم عناصره الذين تورطوا بحادثة قتل الجنود، إلا أن هذه التهديدات تراجعت بعد ما قيل عن وجود وساطة إيرانية لتهدئة الأوضاع.
وقال مسؤول "الحزب الديمقراطي الكردستاني" في سنجار، قادر قاجاغ، في وقت سابق، إن عدم قبول "العمال الكردستاني" بإخلاء سنجار سيتسبب بمزيد من التصعيد في المرحلة المقبلة، مبيناً أن بغداد سبق أن حمّلته مسؤولية ما ستؤول إليه الأمور في حال بقي في سنجار.
ورغم إعلان مسلحي حزب "العمال الكردستاني" في الخامس والعشرين من آذار/ مارس العام الماضي، عن مغادرتهم سنجار وذلك بعد مهلة قدمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لانسحاب مسلحي الحزب من المدينة أو تنفيذ عملية عسكرية ضدهم، إلا أن جيوبا وثكنات مسلحة تتبع لمسلحي الحزب ما زالت موجودة وبكثرة في سنجار ومخمور، عدا عن معاقله الرئيسة في جبال قنديل العراقية الحدودية مع تركيا وإيران.


وكان دخول مسلحي "العمال الكردستاني" إلى سنجار أول مرة قد جرى في العاشر من أغسطس/ آب 2014 تحت غطاء قتال تنظيم "داعش"، وتحرير المختطفين الأيزيديين، وقد قدموا من معاقلهم التقليدية في مرتفعات الحسكة السورية وجبال قنديل العراقية، وسط سكوت عراقي فُهمَ حينها أنه ترحيب بجهودهم في قتال تنظيم "داعش"، إلا أن المليشيا اتخذت في ما بعد المدينة وقرى تابعة لها معقلا جديدا لها. كذلك تقول أنقرة إن الحزب مارس أعمالا عدائية ضدها انطلاقا من سنجار.