البصرة تمضي بإجراءات الأقلمة... ورقة ضغط على بغداد

15 فبراير 2019
تراجع حدة التظاهرات بالبصرة (حسين فالح/فرانس برس)
+ الخط -
في الوقت الذي بدأت تتراجع حدة التظاهرات في البصرة (جنوب العراق)، انطلقت في المحافظة الغنية بالنفط ضغوط من نوع آخر تمثلت بحراك سياسي يدعو إلى إنشاء إقليم فدرالي في البصرة يتمتع بحقوق كتلك التي تمنح لإقليم كردستان العراق.

فيما أكد مسؤولون محليون المضي بإجراءات الدعوة لأقلمة البصرة، عبّر نواب عن مخاوفهم من استخدام التلويح بإنشاء إقليم كورقة ضغط على الحكومة المركزية وعلى البرلمان. 

وأكد عضو اللجنة القانونية في مجلس محافظة البصرة أحمد عبد الحسين، عودة الحراك الرسمي والشعبي المطالب بتشكيل إقليم البصرة، موضحا لـ"العربي الجديد" أن هذه المطالبات تجددت بعد ما حصل عليه إقليم كردستان من حصة في موازنة الدولة العراقية.

وكشف عبد الحسين عن جمع تواقيع لثلث أعضاء مجلس محافظة البصرة من أجل مفاتحة رئيس الوزراء الذي سيقوم من جهته بمخاطبة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، من أجل إجراء استفتاء على إقليم البصرة، مشيرا إلى وجود قبول من غالبية البصريين لفكرة الإقليم، نتيجة لـ"الغبن الذي طاولهم من قبل حكومة بغداد، والضحايا الذين سقطوا خلال التظاهرات دون الحصول على حقوقهم". 

يشار إلى أن الدستور العراقي نظم آليات طلب إنشاء إقليم جديد، مشترطا أن يأتي الطلب من خلال مجلس المحافظة، أو عن طريق الاستفتاء الشعبي، إذ نصت المادة 119 من الدستور العراقي على أن كل محافظة أو أكثر من حقها تكوين إقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه، يقدم بإحدى طريقتين، إما بطلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم، أو برغبة من عشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم. 

وأوضح عضو البرلمان العراقي عن تحالف البناء عبد السلام المالكي، أن الدعوة لإنشاء إقليم البصرة ستتم وفقا للسياقات الدستورية والقانونية، في ظل وجود حراك شعبي واسع مطالب بالإقليم، فضلا عن نواب وأعضاء مجلس محافظة البصرة، وكثير من زعماء العشائر وأكاديميين ومثقفين، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن البصرة توجهت نحو الإقليم بسبب الظلم والحيف الذي لحق بها، سواء كان على المستوى الأمني أم الخدمي، أو الاجتماعي، على اعتبار أن "البصرة تحولت إلى مكان لتعاطي المواد المخدرة وتجارتها".

وأضاف المالكي "توجد تحركات ومناقشات وآليات عمل، وشكلت لجان مصغرة من أجل هذا الغرض"، مشيرا إلى "وجود عزم وجدية من أهالي البصرة من أجل إعلان الإقليم".

واستبعد المتحدث ذاته وجود أية علاقة لقوى خارجية أو دينية بمسألة إنشاء الإقليم، لأن "هذا المطلب جاء نتيجة لزحف شعبي ضاغط باتجاه أقلمة البصرة"، موضحا أن "القوى الضاغطة في البصرة لن تتراجع عن مطلبها".

وعلى الرغم من وجود قوى سياسية ضاغطة باتجاه جعل البصرة إقليما فدراليا يتمتع بصلاحيات سياسية وإدارية ومالية، إلا أن نوابا عن المحافظة يتحفظون على هذه الفكرة.

وقال عضو مجلس النواب عن محافظة البصرة رامي السكيني، إن تحالفه يختلف مع دعوة الإقليم في مسألة التوقيت، معبرا في حديث لـ"العربي الجديد" عن خشيته من أن يكون التوقيت خاطئا أو غير صحيح.

وأضاف "قد لا يتوافق الإقليم مع الشروط المتفق عليها في إعلان الأقاليم"، مشددا على ضرورة حفظ حقوق البصرة في أية خطوة يتم اتخاذها.

وتابع "نحن لسنا ضد فكرة الإقليم، لا سيما وأنه مكفول في الدستور العراقي الذي يحفظ لكل العراقيين حقوقهم"، مشترطا ألا تؤدي أية دعوة لإنشاء إقليم في البصرة إلى ترسيخ فكرة انفصالية عن العراق.

وأضاف "يجب ألا نعطي إشعارا أو رسائل للانفصال عن الحكومة الاتحادية وعن خارطة العراق"، مؤكدا أنه يختلف في فكرة توقيت إعلان إقليم البصرة.

كما شكك عضو البرلمان العراقي عن تيار الحكمة علي البديري، في حقيقة الدعوة لتشكيل إقليم في البصرة، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن موضوع الإقليم يستخدم كورقة ضغط على الحكومة المركزية وعلى البرلمان.

وأوضح أن "الداعين للإقليم يستخدمون ملف الخدمات في البصرة لدعم مطالبهم، معبرا عن أسفه لـ"عدم إعطاء حقوق البصرة من قبل حكومتها المحلية، والحكومة الاتحادية في بغداد".

وتابع "كما يعلم الجميع أن البصرة المصدر الأساس للموازنة الاتحادية من خلال النفط والمنافذ الحدودية"، مؤكدا أن "البصرة لم تستفد من ثرواتها بسبب الفساد، وسيطرة الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون على كثير من مفاصلها".

وبيّن أن "المتضرر الوحيد هو المواطن البصري"، موضحا أن "الإقليم هو حق مشروع لأبناء البصرة إذا لم تقم الحكومتان المحلية والمركزية بتلبية احتياجات هذه المحافظة".

ويرى أستاذ القانون الدستوري بجامعة البصرة علي الدلفي، أن إنشاء إقليم لا يمكن أن يتم وفقا للرغبات السياسية، موضحا لـ"العربي الجديد" أن "هذا الأمر ينبغي أن يتم بخطوات متتالية، تبدأ بطلب من ثلث أعضاء مجلس المحافظة، وهذا الأمر تحقق بالفعل".

وأشار الدفلي إلى أن "الخطوة المقبلة هي الأصعب، لأنها تتطلب موافقة مفوضية الانتخابات على إجراء استفتاء في البصرة لمعرفة آراء الجماهير بشأن الإقليم"، مؤكدا أن "رفض المفوضية لهذا الأمر يعني الحكم بفشل دعوة إنشاء الإقليم".

وذكر المتحدث ذاته أن "القضية تخضع أولا وأخيرا للاتفاقات السياسية التي يمكن أن توفر الدعم الكافي لإقناع المفوضية بإجراء استفتاء في البصرة"، وأن "هذا الأمر قد يكون حقيقيا ويتم المضي به، وقد يكون مجرد محاولات لاستقطاب الشارع البصري قبل الانتخابات المحلية المقرر أن تجري في وقت لاحق من العام الحالي".

المساهمون