كتاب يكشف قصة غير مروية لترامب والمافيا الروسية: رئاسته أعظم عملية استخبارية

18 اغسطس 2018
صورة بأحد أكشاك السوفنير في موسكو (ملادين أنتونوف/فرانس برس)
+ الخط -
وسط "المصارعة السياسية" التي تخوضها، حالياً، المساعِدة السابقة في البيت الأبيض أوماروسا مانيغولت نيومن، مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد صدور كتابها "المعتوه"، يتوقّع حدوث مواجهة أكثر حدة، بعد صدور كتاب جديد يزعم أنّ ترامب قد يكون "جاسوساً روسياً"، واصفاً رئاسته بأنّها "أعظم عملية استخباراتية" في العصر الحديث.

وذكرت مجلة "نيوزويك"، اليوم السبت، في مقابلة مع مؤلفه، أنّ الكتاب يدّعي أنّ ترامب تمت مساومته بمليارات الدولارات، من غسيل أموال من جراء صفقات عقارية مشبوهة، على مدى عقود.

في كتابه "بيت ترامب، بيت بوتين: القصة غير المروية لدونالد ترامب والمافيا الروسية"، الصادر الثلاثاء، يذكر الصحافي المخضرم والكاتب كريغ أونغر، أسماء 59 روسياً كشركاء تجاريين لترامب (الذي ينفي أنّ لديه أي شريك)، ويورد الروابط المالية المزعومة بينهم وبين "منظمة ترامب" التي تعود إلى عقود من الزمن.

ولم يرد البيت الأبيض على الفور على طلبات "نيوزويك" للتعليق على تقريرها هذا، مذكّرة، في الوقت عينه، أنّ ترامب أصدر، في فبراير/ شباط 2017، إنكاراً شاملاً بعد أسئلة حول أعماله التجارية والمال الروسي.

وقال "ليس لدي تعاملات مع روسيا. ليس لدي اتفاقات يمكن أن تتم في روسيا، لأننا ابتعدنا عن بعضنا"، مضيفاً "وليس لدي أي قروض مع روسيا. ليس لدي أي قروض مع روسيا على الإطلاق".

وتحدّثت "نيوزويك" إلى أونغر عن العلاقات التي يدعي وجودها بين المافيا الروسية، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومنظمة ترامب، إلى جانب ما يمكن أن يعنيه حكم "مذنب" بحق رئيس حملة ترامب السابق بول مانافورت، بالنسبة إلى مستقبل التحقيق الذي يجريه المحقق الخاص روبرت مولر، في التدخل الروسي المحتمل بالانتخابات الرئاسية 2016.


في شرحه عن كيفية غسل الأموال في روسيا، أشار أونغر إلى أنّ "أفضل الطرق لذلك هي عبر الكازينوهات والعقارات، وكلتاهما كان ترامب منخرطاً فيها. الكازينوهات لديها 10 آلاف دولار (عتبة الإبلاغ بموجب قانون السرية المصرفية). انتهك كازينو "تاج محل" الذي يملكه ترامب ذلك أكثر من مائة مرة. لكن لا يمكنك أن تغسل تريليون دولار بهذه الطريقة. أنت حقاً بحاجة إلى شيء مثل العقارات".

وعن تقديره لحجم المبالغ التي تحتفظ بها "منظمة ترامب" من جراء غسيل الأموال، أشار أونغر إلى أنّ "ترامب يحصل على رسوم امتياز تراوح بين 18 إلى 25 في المائة عن هذه المشاريع (العقارية)"، لافتاً إلى أنّ "ترامب كان يقوم بتأجير شقق فاخرة في نحو 40 برجاً في جميع أنحاء العالم. لكن النقطة الكبرى هي أنّ المافيا الروسية أنقذته. إنّه مدين لهم".

وأعرب أونغر عن اعتقاده بأنّ "دور المافيا الروسية قد تمت تنحيته، ولم يتم تحليله لأنّ الناس يعتقدون أنّه في تجارة العقارات يجب عليك دفع أموال البناء. هذا صحيح من الناحية التاريخية. لكن في وقت مبكر من حياة ترامب، بدأت المافيا الإيطالية في الدخول بشراكة مع المافيا الروسية، والمافيا الروسية مختلفة جداً، وهذا يزيد من حدة الرهان. السبب الرئيسي لذلك هو أن المافيا الروسية هي لاعب رسمي وراءه دولة".

يشرح أونغر رداً على سؤال ماهية العلاقة بين المافيا والحكومة الروسية، قائلاً: "أجريتُ مقابلة مع الجنرال السابق أليغ كالوغين، الذي كان رئيساً لمكافحة التجسس في جهاز المخابرات الروسية (كي جي بي)، وعندما سألته عن المافيا الروسية، قال: آه. هذا فرع آخر من المخابرات الروسية".

"أعظم عملية استخباراتية" في العصر الحديث

تحدّث أونغر، لـ"نيوزويك"، عن سيميون موغيليفيتش، "العقل المدبر" للمافيا الروسية، مشيراً إلى أنّه "يعادل قيمة 10 مليارات دولار. إنّه ملك غسل الأموال، وهو العبقري المالي وراء العديد من عمليات الخداع".

وأوضح أنّ "روسيا ليس لديها (وول ستريت) ولا (غولدمان ساكس). إذا كان لديك فطنة مالية، فعليك أن تعمل مع المافيا الروسية. لو كان موغيليفيتش قد ولد هنا (الولايات المتحدة) قد يكون رئيس (غولدمان ساكس). المافيا الروسية تصنع الوحشية".

كان موغيليفيتش الذي يعيش في موسكو، بحسب ما يذكر أونغر، على قائمة مطلوبي مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" العشرة الأوائل، وكان أحد أشخاص فريق العمل في "مهمة بودابست" الذي كانت تحقق فيه ليزا بايج، إحدى أعضاء فريق المحقق مولر، والتي استقالت من "إف بي آي" في مايو/ أيار الماضي.

يعتبر أونغر أنّ تجنيد ترامب "الجاسوس الروسي" في البيت الأبيض "أعظم عملية استخباراتية في العصر الحديث"، شارحاً ذلك بالقول: " بدأت القصة بعملية بسيطة لغسل الأموال في برج ترامب في عام 1984، عندما جاء أحد أفراد العصابات الروسية إلى برج ترامب بمبلغ 6 ملايين دولار نقداً واشترى خمس شقق".

وتابع: "تم بيع ما لا يقل عن 1300 من شقق ترامب في الولايات المتحدة على نحو مماثل. جميع المشتريات النقدية تمت من خلال مصادر مجهولة. هذه الأرقام تعكس فقط الممتلكات المحلية. بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، قررت المخابرات الروسية إنشاء شركات بمليارات الدولارات للنجاة. استخدام مصطلح "المافيا الرسمية" ليس مجرد استعارة. هو يبيّن حقاً كيف تسير الأمور في روسيا. المافيا تقدم تقاريرها لبوتين".


ورداً على سؤال إذا ما كان ترامب على دراية بأنّه كان هدفاً للمافيا الروسية، قال أونغر "ليس لدي أي فكرة عما يدور في ذهنه. ولكن من الصعب تصديق أنّ شخصاً ما يمكنه إجراء 1300 عملية تجارية، ولا يدري ما يجري".

لكن أبناء ترامب تحدّثوا مراراً عن مقدار المال الذي يأتيهم من روسيا مقابل أعمالهم، ألا يشير ذلك إلى أنّ ما حصل لم يكن "عملية سرية"، وأنّ حكومة الولايات المتحدة كانت على علم تام بها؟

يجيب أونغر عن سؤال "نيوزويك"، قائلاً: "الأنظمة في مجال العقارات متهاونة للغاية، لدرجة أنّ (منظمة ترامب) وترامب قد قالا مراراً وتكراراً إنّه لا يتعين عليهما تقديم تقرير (العناية الواجبة). وهذا صحيح قانونياً. في بعض الأحيان، أكثر الأمور تلاعباً، ما هو قانوني".

أين "إف بي آي" مما يجري؟

في ردّه على سؤال عن كيفية عدم ملاحظة السلطات الأميركية العلاقة التي يدعيها أونغر بين ترامب والمافيا الروسية، يعرب الكاتب عن اعتقاده بأنّ القصة الكاملة لدور مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" في موضوع كتابه، تحتاج بحد ذاتها إلى كتاب آخر، معتبراً أنّ "هناك أسئلة مهمة غير مجاب عنها حتى الآن".

يقول في هذا الإطار: "قبل الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2011، كان مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) بوضوح على درب المافيا الروسية، وقاموا بإنشاء فريق عمل (مهمة بودابست)، لملاحقة موغيليفيتش على وجه التحديد. طاردوا موغيليفيتش إلى موسكو، حيث لا توجد معاهدة تسليم متبادل لمطلوبين. بعد ذلك بوقت قصير، وقعت أحداث 11 /9. انقلبت أولويات مكتب التحقيقات الفدرالي بشكل كبير".

وعن "أدلة المساومة" التي قالت روسيا إنّها تمتلكها بحق ترامب، قال أونغر "أقارب الأمور بشكل مختلف تمامًا عن البحث عن شريط التبول. في الكثير من الطرق، تخبّئ أدلة المساومة عن مرأى الجميع".

وأضاف "وجدتُ 59 صلة بين ترامب وروسيا. هو قال صفر. أقول 59. لا يمكن أن تكون هذه جهات اتصال عشوائية أو مصادفة. قد تتطور إلى أمر أكبر من غسل الأموال بمرور الوقت".

بول مانافورت... "دور حاسم"

يعتبر أونغر أنّ بول مانافورت، المدير السابق لحملة ترامب الرئاسية، لعب "دوراً حاسماً" في تحقيق أهداف بوتين، مشيراً إلى أنّه كان صلة الوصل مباشرة بين ترامب وأهداف الرئيس الروسي الاستراتيجية.

يقول أونغر "هناك سؤال واحد لا يسأله الناس: من أين تأتي أموال المافيا الروسية؟ في كتابي، أقوم بتحديد خطي أنابيب، أحدها هو تجارة الطاقة في أوكرانيا، التي يلعب فيها موغيليفيتش دور وسيط في قطاع الغاز".

وتابع "يحصل أفراد المافيا الروسية على الغاز بأسعار منخفضة ويعيدون بيعه بأسعار السوق، ومن خلال ذلك، يقومون بتغطية 750 مليون دولار سنوياً من تجارة الطاقة في أوكرانيا. لقد كانوا يحصلون على كل هذه الأموال، ويطالبون الجهات السياسية بدعمهم".

وأوضح أنّه "تم تعيين مانافورت لمساعدة مرشح بوتين الرئاسي في أوكرانيا. كان يدفع أجره من المال الذي كان عليه أن يغسله. وذهب جزء من ذلك المال عبر شركة صدف بحرية، وأنا أربط ذلك مباشرة بموغيليفيتش".

وعن إمكانية إلحاق مانافورت "الضرر" بترامب، يرى أونغر أنّ ذلك ممكن في حال تمت إدانة مانافورت، الذي يخضع للمحاكمة في إطار تحقيق مولر، مشيراً في الوقت عينه إلى أنّ مانافورت "قد ينقلب في أي لحظة. هو عرف ترامب على مدى 30 عاماً. يعرف كيف يسير كل شيء".


وأوضح الكاتب رداً على سؤال، أنّه لم يتلقَ تهديدات، خلال بحثه للعمل على كتابه، لكنّ قال إنّه يهدي هذا الكتاب "إلى بول كليبنيكوف وغيره من عشرات الصحافيين الروس الذين قُتلوا"، مشيراً إلى أنّ كشف العصابات الروسية "أمر يتطلب شجاعة حقيقية من الصحافيين الروس، لمتابعته".

وعن أكثر ما يريد لكتابه أن يصدم به الرأي العام، يجيب أونغر أنّ هناك "جاسوساً روسياً" في البيت الأبيض، خاتماً بالقول عن ترامب "أعتقد أنّه عميل، ولكن من الصعب إثبات ما إذا كان على دراية بذلك. عندما تنظر إلى 59 روسياً، يعيش بعضهم في برج ترامب. المافيا الروسية هي لاعب فاعل في الدولة، ولها علاقات مباشرة مع المخابرات الروسية، وتم إحداث موقع لها في منزل رئيس الولايات المتحدة!".

المساهمون