تفاصيل استيلاء الإمارات على أموال ليبية بـ50 مليار دولار

14 مارس 2018
تدعم أبوظبي حفتر بالأموال الليبية المجمدة (فاسيلي ماكسيموف/فرانس برس)
+ الخط -
فيما لا يزال الجدل قائماً بعد الخبر الذي نقلته وكالة الأنباء البلجيكية قبل أيام، عن اختفاء 10 مليارات يورو، من الأموال الليبية في مصارفها، على الرغم من النفي الرسمي البلجيكي له، كشف مسوؤل ليبي رفيع لـ"العربي الجديد"، بالأسماء والأرقام، تفاصيل استيلاء دولة الإمارات على الأموال الليبية المهربة لديها، لدعم الحراك العسكري للواء المتقاعد خليفة حفتر وحلفائها في ليبيا، وتمويل قاعدتها العسكرية (الخادم)، إضافة إلى تمويل وسيلتين إعلاميتين تبثان من عمان.

وكشف مسؤول ليبي، عن حجم الأموال الليبية التي تصرفت بها الإمارات، ومساراتها. وقال لـ"العربي الجديد"، إن "الأموال الليبية تُنهب بشكلٍ مُستمر من قبل كل الأطراف الليبية، لكن لو تحدثنا عن دور الإمارات، فيجب أن لا نبرئ الأطراف الليبية المشاركة في هذا الملف".

وأعرب المسؤول الليبي عن اعتقاده بأن "قضية تمويل قاعدة الخروبة، أو الخادم (قدة عسكرية إماراتية في شرق ليبيا) كما تعرف، هي ملف غامض"، لافتاً إلى أن "دولاً أخرى غير الإمارات لها دور في السماح بتأسيسها، فهناك ضوء أخضر أميركي وروسي وأوروبي مرتبط بمصالح هذه الدول لدى الإمارات، كما أن هناك حسابات سياسية على علاقة وثيقة بتأسيس هذه القاعدة".

وأضاف أنه "وبعيداً عن الشأن السياسي، فمن المؤكد بالنسبة لنا، أن الإمارات تستنزف الأموال الليبية لديها، والمقدرة بـ50 مليار دولار، في تمويل الأنشطة الداعمة لحفتر، ومنها تمويل قناتين فضائتين ليبيتين بالكامل تعملان من العاصمة الأردنية، بالإضافة إلى تمويل تدريب مئات العناصر المسلحة من قوات حفتر، تدريباً عالياً في دول مثل الأردن، وشراء أسلحة ومعدات عسكرية من دول عدة، كروسيا وأوكرانيا وكندا، لصالح شركاتها، لتقوم بتحويلها إلى حفتر عبر ميناء طبرق، قبل أن تذهب لتوسيع وجودها العسكري بتأسيس قاعدة الخروبة، التي يتم الآن من خلالها وصول الإمداد العسكري".

وكان النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد أمعزب، قد أشار في تصريح لقناة "الجزيرة"، إلى تصرف الإمارات بطريقة غير قانونية بالأموال الليبية المهربة، مؤكداً أنها تصرفها لـ"تمويل قاعدة الخادم الإماراتية، شرق ليبيا، ودعم عمليات حفتر العسكرية"، مطالباً أبوظبي بالكشف عن مصير الأموال الليبية لديها.


وكشف المسؤول الرفيع، الذي فضل عدم نشر اسمه، لـ"العربي الجديد"، عن "وجود مستندات لديه تؤكد أن أسلحة ومعدات وصلت إلى حفتر وردتها الإمارات لصالح شركة Ares Security Vehicles في أبوظبي، وشركة Minerva Special Purpose في دبي"، مشيراً إلى أن "الإمارات لم تدفع فلساً واحداً من أموالها لدعم حفتر وحلفائها في شرق ليبيا، بل تستخدم الأموال الليبية في كل شيء، بما فيها شراء مواقف دول كبرى ومؤسسات دولية"، مدللاً على تمكنها من شراء مواقف المبعوث الأممي السابق برناردينو ليون، الذي تلقى مبالغ طائلة من أبوظبي لقاء إضعاف مواقف خصوم حفتر السياسيين في فترة توليه منصبه، وتقديم تقارير للأمم المتحدة ترجح كفّة حفتر، ما تسبب خلال تلك الفترة في جعل صيغة الاتفاق السياسي الليبي غير قابلة للتنفيذ حتى اليوم.

وأضاف المسؤول الليبي أن "الأموال الليبية المنهوبة من قبل الإمارات لم تقتصر على تلك المودعة في حسابات رسمية من قبل سلطة معمر القذافي، لكنها تتعدى ذلك إلى أيام الثورة الأولى، حيث عمد مسؤولون موالون للقذافي وقتها إلى تهريب مبالغ مليونية من ليبيا إلى حسابات خاصة في أبوظبي ودبي، لا سيما المقربون جداً من القذافي وأسرته، على وجه التحديد"، كاشفاً أن سيف الإسلام القذافي "كان من ضمن تلك الشخصيات، عبر مندوبه الخاص في الإمارات المدعو محمد إسماعيل، مدير مكتبه الخاص إبان حكم نظام والده".

إسماعيل ودحلان متورطان بتبديد الأموال

وأضاف أن "إسماعيل يعتبر حتى اليوم الشخصية الليبية الفاعلة في الإمارات، وله علاقة شخصية قديمة بمسؤول الإمارات عن الملف الليبي لديها، السياسي الفلسطيني محمد دحلان، وهما المسؤولان عن تبديد مئات الملايين من الأموال الليبية بشكل غير قانوني".

وأكد المسؤول أن فوضى لجان متابعة الأموال الليبية المجمدة في الخارج بقرار أممي منذ عام 2011، والتي وصلت إلى 50 لجنة خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الثورة الليبية، سهلت عمليات النهب والنقل غير القانوني من قبل عدد من الدول، ومنها الإمارات، التي دعمت بشكل كبير أربع لجان مؤلفة من شخصيات فاعلة في النظام السابق، واستفادت من علاقاتها مع دول أفريقية، كبنين وجنوب أفريقيا وروسيا، لنقل أجزاء من هذه الأموال إليها.

وقال: "الإمارات استفادت من شرعنة حكومة مجلس النواب لهذه اللجان، للتعامل مع دول تمتلك حسابات مجمدة واستثمارات ليبية، لا سيما في أفريقيا، حيث كانت هذه الحكومة هي المعترف بها قبل وصول حكومة الوفاق"، لافتاً إلى أن "ما يزيد عن 30 مليار دولار، تمّ نقلها عن طريق هذه اللجان، إلى حسابات شخصية وصل عددها إلى 54 حساباً، في مصارف عدة تمتلك الإمارات أسهماً فيها".


وحول الأنباء الأخيرة عن اختفاء 10 مليارات يورو من مصارف بلجيكية، اعتبر المسؤول أن "هذه الأنباء هي أكبر من حجمها، فمصرف يوروكلير هو شركة للمقاصات والتسوية، وقراره بتجميد أربعة حسابات عام 2013، كان إجراءً لمنع تحويلها إلى حسابات أخرى"، موضحاً أن "هذا المصرف وصلته من الأساس هذه الأموال المقدرة بـ16 مليار يورو، من أجل تحويلها، باعتباره مصرفاً للمقاصات، ولم تكن هذه الأموال للإيداع، وما حدث هو فك التجميد ومتابعة إجراءات التحويل السابقة من خلال أصحاب هذه الحسابات الأربعة، لكن ما تم بالفعل هو فك تجميد ثلاثة حسابات فقط"، متسائلاً "لماذا لا يتحدث المسؤولون الليبيون عن أرباح وعائدات هذا المبلغ من عام 2013 حتى الآن التي كانت تذهب للأشخاص ذاتهم"، مؤكداً أن أموالاً ليبية في الخارج والداخل، انتهت إلى أيدي شبكات معقدة، يشترك فيها مسؤولون ليبيون لغسيل الأموال ونقلها إلى أصول وحسابات خاصة بدعم من دول عربية وأفريقية وأجنبية أيضاً، على حدّ قوله.

 

المساهمون