تجدد الانتقادات للإدارة الأميركية بسبب سكوتها عن ممارسات النظام في مصر

14 فبراير 2018
تيلرسون لم يكن مرتاحاً لما يحيط بالانتخابات المصرية(الأناضول)
+ الخط -

فتحت زيارة وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، أول من أمس الإثنين، إلى القاهرة من جديد ملف العلاقات الأميركية مع نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وما يتصل بها من تجاهل واشنطن وسكوتها عن ممارساته، خصوصاً تلك التي لجأ إليها عشية انتخابات الرئاسة في مارس/آذار المقبل.

الموقف المراوغ الذي اتخذته إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من التوقيفات والملاحقات التي نفذتها أجهزة النظام في مصر لإسكات المعارضة وإخلاء ساحة الترشيح من المنافسين، أثار استياء أوساط عديدة، إعلامية وسياسية، بقدر ما كشف عن مدى تخلي واشنطن "الترامبية" عن خطاب دعم الحريات وحقوق الإنسان الذي اعتمدته الإدارات السابقة ولو بصورة استنسابية.

فالإدارة، خاصة وزارة الخارجية، بقيت في ردودها في إطار التعميم. واكتفت بالتشديد على أهمية أن تجرى الانتخابات بصورة "حرة ونزيهة وشفافة، ليس فقط في مصر بل في أي بلد في العالم". وكأن الحالة الانتخابية المصرية الراهنة لا تتمايز بخصوصياتها السلبية عن سائر الحالات الانتخابية الدولية.

خطاب لم تبارح الإدارة خطوطه الرئيسية منذ ما قبل زيارة الوزير. ثم عادت وكررته، أمس، بحذافيره. ورداً على سؤال حول مواضيع حقوق الإنسان والتوقيفات والانتخابات، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، هيذر نيورت، إن الوزير طرح هذه القضايا في مباحثاته وإن واشنطن "تتابع قضية توقيف هشام جنينة"، من دون تعليق على الفعل وتحديد موقف مبدئي من مثل هذا الإجراء.

وجاء الرد بصورة مبهمة على موضوعي حقوق الإنسان، حيث خرج الجواب عن إطار السؤال ليسهب في الكلام عن "الإرهاب" و"داعش". وهذه الوزارة هي نفسها التي كانت سبّاقة في معاقبة النظام المصري في أغسطس/آب الماضي "على سجله المقلق في قضايا حقوق الإنسان"، حيث أوقفت تسليم مصر مساعدات مالية بقيمة 96 مليون دولار وتأجيل منحها مساعدة عسكرية بقيمة 195 مليون دولار. علماً بأن الرئيس ترامب كان في إبريل/نيسان الماضي قد أغدق في مديح الرئيس السيسي لدى استقباله في البيت الأبيض وأعرب عن وقوف إدارته "وراءه".

حينذاك أعربت بعض الأوساط الإسرائيلية في واشنطن عن امتعاضها من معاقبة مصر ووقف المساعدات عنها "لأن أوضاع حقوق الإنسان فيها كما علاقتها مع كوريا الشمالية، ليست جديدة".

كما قال مدير "مؤسسة واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، التي تعتبر أحد أذرعة اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، روبرت ساتلوف، إنّ "موضوع العلاقة مع كوريا الشمالية قد بات معروفاً، وإن مرفأ بور سعيد قد تحول إلى محطة لشركات بيونغ يانغ الضالعة في تهريب الأسلحة لبيعها في الخارج والتحايل على العقوبات الدولية ضدها".

يسود اعتقاد في واشنطن مفاده بأن موضوع كوريا الشمالية كان البند الرئيسي في زيارة تيلرسون إلى مصر. المواضيع الأخرى كانت توابع. ويقول كثيرون إن الوزير لم يكن مرتاحاً لما يحيط بالانتخابات من تجاوزات وخروقات. لكن تركيزه بقي على وجوب وقف التعامل مع بيونغ يانغ، كجزء من حملة العزل والحصار التي تقودها واشنطن بهدف إجبار زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون على التراجع في مشروعه النووي الصاروخي.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إنه ليس لديها أي تفاصيل حول التزامات مصرية في الموضوع الكوري. مع ذلك من المرجح أن تكون واشنطن قد انتزعت إلتزامات من هذا النوع مقابل التغاضي عن شوائب حملة انتخابات الرئاسة المصرية.

وفي كل حال ليس من المستبعد أن تكون الاعتبارات الإسرائيلية قد لعبت دورها في حمل الإدارة الأميركية على غض النظر عن الموضوع الانتخابي الذي غابت عن تجاوزاته حتى الإدانة الخجولة من جانب واشنطن، فيما سلطت وسائل إعلام رئيسية أضواءها على ممارسات النظام الانتخابية الفاقعة في نسفها للأسس البديهية لعملية اختيار الرئيس المصري.

ويذكر، في هذا السياق، أنه سبق لدوائر وجهات مؤثرة ونافذة في واشنطن، ومنها "الكونغرس"، أن دعت في ضوء سياسة تكميم الأفواه التي اعتمدها نظام السيسي، إلى "وجوب إعادة النظر في العلاقة مع مصر"، لكنها أصوات غير مسموعة وإلى حين.


المساهمون