الصحف الإسرائيلية: مرحلة جديدة في المواجهة مع إيران

11 فبراير 2018
أحداث السبت تعني "تشكل واقع جديد" (جاك غويز/فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي ينتظر أن يعقد الكابينت الإسرائيلي المصغر جلسته بعد ظهر اليوم الأحد، لتقييم التصعيد على الجبهة السورية، ذهبت الصحف الإسرائيلية إلى أن ما حدث فجر أمس، من اختراق طائرة إيرانية مسيرة لـ"الأجواء الإسرائيلية"، والرد بقصف 12 موقعا في العمق السوري، بينها مركز التحكم الذي أطلق الطائرة المسيرة وقواعد إيرانية أخرى، إلى جانب الدفاعات الصاروخية السورية، يشكل بداية مرحلة جديدة من المواجهة العلنية المباشرة بين إسرائيل وإيران، بعد أن كانت الحرب بين الطرفين تدور تحت "الرادار"، ومن خلال مواجهة سرية (كالعمليات الإسرائيلية السرية في إيران)، أو من خلال طرف ثالث (حزب الله).

وفي السياق، أقر محلل الشؤون العسكرية في "هآرتس"، عاموس هرئيل، بأن أحداث السبت تعني "تشكل واقع جديد، وأنه حتى لو انتهى التصعيد الحالي بتهدئة، إلا أن ذلك لا ينفي أنه سيكون على إسرائيل مواجهة واقع استراتيجي مغاير، يتمثل في استعداد إيراني للعمل المباشر ضد إسرائيل، مع ازدياد ثقة النظام السوري، والأمر المقلق بدرجة أكبر هو استعداد روسي لمنح دعم أكبر وأشد للمحور الإيراني". 

وانضم محلل الشؤون العربية في "هآرتس"، تسفي برئييل، إلى التحذير من تداعيات ما حدث لجهة اعتماد روسيا، في أوج معضلتها الحالية، بين مواصلة دعم النظام وتثبيته، وبين محاولة كبح جماح إيران.

إلى ذلك، ذهب عدد من المحللين في إسرائيل إلى أن أحداث السبت قد تؤشر إلى "تدهور خطير" ليس في صالح إسرائيل، يتمثل في خسارتها لـ"حرية الحركة" في الأجواء السورية واللبنانية، والتشكيك بصمود وبقاء هذا التفوق الذي تمتع به سلاح جو الاحتلال، وفق ما ذهب إليه ناحوم برنيع في صحيفة "يديعوت أحرونوت". 

وبحسب برنيع، فإنه "من الواضح أن الإيرانيين الذي اخترعوا لعبة الشطرنج ضحوا، أمس، ببيدق، فيما خسرت إسرائيل قلعة على لوحة الشطرنج. والسؤال الأكثر إلحاحا هو: ما هي الخطوة القادمة من قبل إيران؟ وهل ستكون هذه الخطوة إيرانية صرفة أم أن من سيتحرك في المرة المقبلة على لوحة الشطرنج هو "حزب الله" اللبناني". 

وذكر برنيع أن "السيناريو القادم هو تنظيم قوافل إضافية من الصواريخ والأسلحة المعدة لـ"حزب الله" في لبنان، وسيكون على إسرائيل أن تقرر: هل ستغض الطرف عن ذلك أم تخاطر برد من شأنه أن يتدهور إلى حرب شاملة؟". 

ولعل من أبرز ما جاء في تعليقات الصحف الإسرائيلية اليوم، تكرار القول إن أيا من الأطراف الثلاثة ذات الصلة، وهي إسرائيل وإيران و"حزب الله"، غير معنية بمواجهة عسكرية وحرب شاملة في المرحلة الحالية، لأسباب وحسابات خاصة لدى كل طرف.

من جهته، أكد المحلل العسكري في "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، أنه "على الرغم من الإنجاز الإسرائيلي العسكري أمس، من حيث رصد الطائرة الإيرانية المسيرة، والرد عليها بإسقاطها، ثم قصف مواقع إيرانية في سورية، فإن الثمن الذي دفعته إسرائيل، بخسارة مقاتلة من طراز "إف 16"، مع ما يعكسه ذلك من تغييرات في البيئة الاستراتيجية الجديدة، يلزمها، وقد ذاقت أمس ما قد تجره حرب جديدة في الشمال، بأن تقوم، سعيا لتأجيل الحرب القادمة، بتعزيز قدراتها في مجال الردع، والتحرك لأن تضمن أن تأخذ أي تسوية للأوضاع في سورية ما بعد الحرب الأهلية، المصالح الأمنية الإسرائيلية بالحسبان".  

ولم يخف يهوشواع أن حقيقة إسقاط مقاتلة إسرائيلية متطورة من طراز "إف 16" بصاروخ سوري، مقابل إسقاط طائرة إيرانية مسيرة، هو "أمر سيئ لقوة الردع الإسرائيلية، وبالتالي فإنه لا بد لإسرائيل أن تعمل من أجل تعزيز قوة الردع حتى لا تتآكل". 

مع ذلك، وفي سياق الصراع الأوسع ضد إيران، اعتبر المحلل أليكس فيشمان أن "إسرائيل، التي كانت تعلم بنقل إيران طائرات مسيرة متطورة لـ"حزب الله" في لبنان، حصلت أمس على فرصتها لتأكيد هذه المعلومات من جهة، والتلويح بها في حربها الدعائية ضد إيران، وأيضا من أجل دراسة هذه الطائرات المسيرة ومعرفة قدراتها الحقيقية، وهل هي قادرة على حمل رؤوس متفجرة أم لا". 

وبالرغم من الحديث عن "الضربة والإنجاز الإيراني"، إلا أن المحللين في دولة الاحتلال أبرزوا ما اعتبروه "إنجازا للقوة الإسرائيلية"، خاصة بعد قصف المواقع الإيرانية في سورية، وعلى رأسها مقر التحكم الإيراني بالطائرات المسيرة، باعتبار ذلك "رسالة واضحة لإيران بأن إسرائيل تعرف ماذا تفعل إيران، وتعرف أين تقيم مراكزها وقواعدها، وأنها قادرة على استهدافها عند الضرورة وإصابتها بدقة، بما يثبت تفوق إسرائيل الاستخباراتي أيضا". 

لكن هذا كله لم ينف التساؤلات عن سبب فشل المنظومات الدفاعية للطائرات المقاتلة، التي كان يفترض أن تحذر الطيار من اقتراب الصواريخ المضادة للطائرت، كما تعكس فشلا للغطاء الجوي الذي تتغنى به دولة الاحتلال من خطر الترسانة الصاروخية، وهي أمور ستكون مدار تحقيقات في إسرائيل. 

لكن أبرز ما حملته المواجهة الإيرانية والإسرائيلية أمس، وما يشكل مصدر قلق في تل أبيب، هو الموقف الروسي، وما إذا كانت روسيا ضالعة في توجيه الطائرة الإيرانية المسيرة، ولاحقا في تفعيل الدفاعات الصاروخية السرية لإسقاط المقاتلات الإسرائيلية. 

وفي السياق، اعتبر أنشيل بيبر في "هآرتس" أن "الصوريخ التي وجهت أمس باتجاه المقاتلات الإسرائيلية لم تكن لتطلق دون معرفة وموافقة روسية، فمن يحدد قواعد العمل في سورية هو (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين، وعلى إسرائيل في نهاية المطاف أن تسير وفق هذه القاعدة".

وذكر بيبر: "صحيح أن بوتين لن يمنع إسرائيل من اختراق الأجواء السورية، لكنه أيضا لن يمنع بشار الأسد من الرد بإطلاق النيران باتجاه المقاتلات الإسرائيلية". 

وعلى الصعيد الدبلوماسي والسياسي، اعتبر يوآف بريمور في "يديعوت أحرونوت" أن "الرد الروسي أمس كان مخيبا للآمال"، موضحا: "ليس هذا هو الرد الذي توقعناه من "صديقنا" في موسكو، فبدلا من تحذير إيران، أو على الأقل الوقوف على الحياد، لم يترك الكرملين مكانا للشك إلى جانب من يقف، عندما أعرب في بيانه "عن قلقه العميق" من الهجمات التي نفذتها إسرائيل في سورية، داعيا الجميع، أي إسرائيل، إلى احترام السيادة السورية". 

ويبدو أن الموقف الروسي سيكون صاحب الأثر الأكبر في بلورة الرد والتحرك الإسرائيلي القادم، بالرغم من الاتصال الهاتفي أمس بين رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وبين الرئيس الروسي، وتبعات تطور هذا الموقف على التنسيق العسكري بين البلدين في سورية. 

إلى ذلك، نقل موقع "والاه" عن مصدر سياسي في تل أبيب قوله إن "إسرائيل تتابع توجهات إيران، عبر متابعة التصريحات الإيرانية المختلفة، ومعرفة إلى أي حد تشرك إيران في تحركاتها الأخيرة "حزب الله""، معتبرا أن الأخير يشكل "الطرف الأخطر على إسرائيل من سورية، فقوة الاحتكاك والتهديد تأتي من "حزب الله" وليس من السوريين الذين لا يشكلون تهديدا حقيقيا لإسرائيل". 

المساهمون