يعود ملف القوات التركية المتواجدة في محافظة نينوى شمال العراق، وتحديداً في جبل بعشيقة، إلى واجهة الأحداث في العراق، مع حديث نواب عراقيين عن أن الملف قد يحال قريباً إلى البرلمان لإلزام الحكومة بالتحرك لحل المشكلة العاقلة مع أنقرة، فيما يؤكد مسؤول عراقي بارز أن القوات التركية الموجودة في بعشيقة لا تخطط للانسحاب في الوقت الحالي بسبب عقدة مسلحي حزب "العمال الكردستاني" المنتشرين في شمال وشمال شرق الموصل على مقربة من الحدود التركية حيث منطقة سنجار ومحيطها، كاشفاً في الوقت نفسه أن بغداد تتشارك مع أنقرة القلق إزاء خطوة التحالف الدولي تأسيس قوات بقيادة كردية على الحدود السورية. يأتي ذلك مع زيارة مرتقبة أعلن عنها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في وقت سابق لمسؤولين أتراك إلى بغداد لبحث عدد من القضايا المهمة من بينها ملف إقليم كردستان العراق.
وتطالب أنقرة بغداد بإخراج حزب "العمال الكردستاني" من المناطق العراقية الحدودية كشرط للانسحاب، كون مقاتلي الحزب يستخدمون تلك المناطق العراقية الحدودية كمنطلق لهجمات ينفذونها داخل الأراضي والمدن التركية المجاورة. وتجد تركيا في تواجد قواتها في جبل بعشيقة (20 كيلومتراً شمال شرق الموصل) أمراً ضرورياً لأمنها القومي، إذ يعسكر المئات من الجنود الأتراك في جبل بعشيقة منذ سنوات مع وحدات مدفعية وأخرى مدرعة عقب اجتياح تنظيم "داعش" لمحافظة نينوى وعاصمتها الموصل ودخول "العمال الكردستاني" إلى المحافظة وسيطرته هو الآخر على بلدات عدة قرب الحدود مع تركيا أبرزها سنجار. واضطلعت تلك القوات بعمليات تدريب ودعم لوجستي لمقاتلي العشائر العربية السنّية فضلاً عن البشمركة الكردية في مواجهة تنظيم "داعش"، كما أنها تمثّل حاجز صد أمام مقاتلي "العمال الكردستاني" الذين يحاولون التوسع نحو مناطق سهل نينوى.
وقال وزير عراقي بارز في حكومة حيدر العبادي، لـ"العربي الجديد"، إن "ضغط الأحزاب الشيعية وبعض قادة المليشيات على الحكومة لإعادة فتح موضوع القوات التركية في شمال العراق وضرورة انسحابها الآن، قد يؤدي إلى أزمة جديدة مع أنقرة، وهو ما لا تريده بغداد الآن بسبب وجود تقارب كبير معها في ملفات حساسة مثل وضع إقليم كردستان وملف دعم التحالف الدولي للوحدات الكردية السورية على الحدود"، مضيفاً أن "بغداد لم تتمكن من الإيفاء بتعهدها السابق منتصف العام الماضي القاضي بإخراج مقاتلي الحزب وضمان عدم تشكيل الأراضي العراقية أي خطر على تركيا وأمنها القومي". ولفت إلى أن "الأتراك تعهدوا بسحب كل قواتهم من بعشيقة في حال ضمنت بغداد ذلك، لكن حتى الآن هناك الآلاف من عناصر حزب العمال في سنجار وسنونو وقرى جنوب البعاج وبلدات سنجار الشمالية ومناطق أخرى تقع بين نينوى ودهوك وأربيل ضمن ما يعرف بالمناطق المتنازع عليها"، مضيفاً أن "المعلومات تشير إلى أن مقاتلي الحزب حوّلوا المنطقة البالغة أكثر من 17 ألف كيلومتر إلى قاعدة تنطلق منها هجمات على الجيش التركي ومدن حدودية تركية مجاورة للعراق".
وأوضح الوزير العراقي أن "المسؤولين الأتراك أبلغوا بغداد بأن تواجدهم بات للدفاع عن النفس"، مرجحاً أن تستهدف أنقرة مواقع "العمال الكردستاني" داخل العراق في أي وقت بسبب رصدها نشاطاً متزايداً للحزب في مناطق حدودية قرب فيشخابور وسنجار وقرى جنوب البعاج.
وحول الزيارة المرتقبة للمسؤولين الأتراك يوم الأحد المقبل، أكد الوزير أن "ملفات عدة سيتم بحثها، من بينها التطورات على الحدود السورية الشمالية للعراق من جهة نينوى، إذ تتشارك بغداد وأنقرة المخاوف نفسها من وجود المتمردين الأكراد على مقربة منها وتعتبر ذلك عامل قلق، خصوصاً أن هناك دلائل على عقد الوحدات الكردية اتفاقات سابقة مع تنظيم داعش في بعض الأحيان في دير الزور والرقة"، لافتاً إلى أن "ما يجمع الأتراك والعراقيين بات أكثر من الأمور التي تفرقهما".
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أكد في مؤتمر صحافي في بغداد الأسبوع الماضي أن مسألة إخراج القوات التركية من الأراضي العراقية تحتاج إلى حل استراتيجي، مؤكداً استعداد الحكومة للعمل على "بلورة حلول استراتيجية مع الجانب التركي".
اقــرأ أيضاً
من جهته، قال منصور البعيجي، القيادي في "ائتلاف دولة القانون" وهو التشكيل البرلماني الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ويضم غالبية الأحزاب والشخصيات المقربة من إيران، إن "التواجد التركي في نينوى يمثل خرقاً للسيادة، ويجب على الحكومة إنهاؤه بأسرع وقت ممكن"، معتبراً أن دخولهم تم باتفاق مع الأكراد في أربيل وليس مع الحكومة. وأضاف البعيجي لـ"العربي الجديد" أن "الأعذار أو الحجج التركية زالت بزوال داعش، وموضوع حزب العمال يجب أن يُحل وهذا أمر مشروع، لكن انسحاب الأتراك من الأراضي العراقية مشروع أيضاً ومطلب ملحّ الآن على الحكومة المطالبة به.
أما عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، ماجد الغراوي، فرأى في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "سعي العراق لتطوير علاقته مع أنقرة مهم للغاية، لكن هناك مواضيع يجب أن تحل ومنها وجود الجيش التركي في بعشيقة"، موضحاً أن "الملف سيكون مطروحاً في الأيام المقبلة داخل أروقة الحكومة والبرلمان، وكذلك خلال زيارة المسؤولين الأتراك المرتقبة إلى العراق".
من جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد محمد حميد، أن ما يمكن أن يجمع العراقيين مع الأتراك أكثر بكثير في الوقت الحالي، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن بعشيقة تحولت إلى بؤرة توتر بين العراق وتركيا في وقت سابق بسبب الوجود التركي الذي يعود إلى أيام حكومة نوري المالكي الثانية مطلع عام 2014، مضيفاً أن "الأتراك يرون أن وجودهم مهم لأمنهم بفعل تهديد العمال الكردستاني لهم، وعملياً العراق ملزم بإزالة أي تهديد من أراضيه لجيرانه".
ولفت حميد إلى "الأهمية الجغرافية التي تتمتع بها منطقة بعشيقة واستراتيجيتها، إذ توجد ثلاثة جبال هي بعشيقة ومقلوب ومغارة، كما تطل على الجهة الشمالية الشرقية لمدينة الموصل وعلى قضاء تلكيف ومنطقة الشلالات شمال الموصل، وأيضاً على منطقة علي رش التابعة لناحية برطلة شمال شرق الموصل، وكل هذه العوامل تجعل من حركة العمال الكردستاني في سنجار محدودة"، مضيفاً أنه "في حال انسحب الأتراك اليوم فلن يكون بديلهم الجيش العراقي بل الحشد أو حزب العمال الكردستاني"، معتبراً أن هذا الملف بات ثانوياً بالنسبة لبغداد أمام ملف كردستان العراق والأزمة معه، في ظل وقوف أنقرة إلى جانب الحكومة العراقية، وكذلك الملف الجديد بتسليح جيش كردي على الحدود السورية والذي يعتبره العراق مقلقاً.
وتطالب أنقرة بغداد بإخراج حزب "العمال الكردستاني" من المناطق العراقية الحدودية كشرط للانسحاب، كون مقاتلي الحزب يستخدمون تلك المناطق العراقية الحدودية كمنطلق لهجمات ينفذونها داخل الأراضي والمدن التركية المجاورة. وتجد تركيا في تواجد قواتها في جبل بعشيقة (20 كيلومتراً شمال شرق الموصل) أمراً ضرورياً لأمنها القومي، إذ يعسكر المئات من الجنود الأتراك في جبل بعشيقة منذ سنوات مع وحدات مدفعية وأخرى مدرعة عقب اجتياح تنظيم "داعش" لمحافظة نينوى وعاصمتها الموصل ودخول "العمال الكردستاني" إلى المحافظة وسيطرته هو الآخر على بلدات عدة قرب الحدود مع تركيا أبرزها سنجار. واضطلعت تلك القوات بعمليات تدريب ودعم لوجستي لمقاتلي العشائر العربية السنّية فضلاً عن البشمركة الكردية في مواجهة تنظيم "داعش"، كما أنها تمثّل حاجز صد أمام مقاتلي "العمال الكردستاني" الذين يحاولون التوسع نحو مناطق سهل نينوى.
وأوضح الوزير العراقي أن "المسؤولين الأتراك أبلغوا بغداد بأن تواجدهم بات للدفاع عن النفس"، مرجحاً أن تستهدف أنقرة مواقع "العمال الكردستاني" داخل العراق في أي وقت بسبب رصدها نشاطاً متزايداً للحزب في مناطق حدودية قرب فيشخابور وسنجار وقرى جنوب البعاج.
وحول الزيارة المرتقبة للمسؤولين الأتراك يوم الأحد المقبل، أكد الوزير أن "ملفات عدة سيتم بحثها، من بينها التطورات على الحدود السورية الشمالية للعراق من جهة نينوى، إذ تتشارك بغداد وأنقرة المخاوف نفسها من وجود المتمردين الأكراد على مقربة منها وتعتبر ذلك عامل قلق، خصوصاً أن هناك دلائل على عقد الوحدات الكردية اتفاقات سابقة مع تنظيم داعش في بعض الأحيان في دير الزور والرقة"، لافتاً إلى أن "ما يجمع الأتراك والعراقيين بات أكثر من الأمور التي تفرقهما".
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أكد في مؤتمر صحافي في بغداد الأسبوع الماضي أن مسألة إخراج القوات التركية من الأراضي العراقية تحتاج إلى حل استراتيجي، مؤكداً استعداد الحكومة للعمل على "بلورة حلول استراتيجية مع الجانب التركي".
من جهته، قال منصور البعيجي، القيادي في "ائتلاف دولة القانون" وهو التشكيل البرلماني الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ويضم غالبية الأحزاب والشخصيات المقربة من إيران، إن "التواجد التركي في نينوى يمثل خرقاً للسيادة، ويجب على الحكومة إنهاؤه بأسرع وقت ممكن"، معتبراً أن دخولهم تم باتفاق مع الأكراد في أربيل وليس مع الحكومة. وأضاف البعيجي لـ"العربي الجديد" أن "الأعذار أو الحجج التركية زالت بزوال داعش، وموضوع حزب العمال يجب أن يُحل وهذا أمر مشروع، لكن انسحاب الأتراك من الأراضي العراقية مشروع أيضاً ومطلب ملحّ الآن على الحكومة المطالبة به.
من جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد محمد حميد، أن ما يمكن أن يجمع العراقيين مع الأتراك أكثر بكثير في الوقت الحالي، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن بعشيقة تحولت إلى بؤرة توتر بين العراق وتركيا في وقت سابق بسبب الوجود التركي الذي يعود إلى أيام حكومة نوري المالكي الثانية مطلع عام 2014، مضيفاً أن "الأتراك يرون أن وجودهم مهم لأمنهم بفعل تهديد العمال الكردستاني لهم، وعملياً العراق ملزم بإزالة أي تهديد من أراضيه لجيرانه".
ولفت حميد إلى "الأهمية الجغرافية التي تتمتع بها منطقة بعشيقة واستراتيجيتها، إذ توجد ثلاثة جبال هي بعشيقة ومقلوب ومغارة، كما تطل على الجهة الشمالية الشرقية لمدينة الموصل وعلى قضاء تلكيف ومنطقة الشلالات شمال الموصل، وأيضاً على منطقة علي رش التابعة لناحية برطلة شمال شرق الموصل، وكل هذه العوامل تجعل من حركة العمال الكردستاني في سنجار محدودة"، مضيفاً أنه "في حال انسحب الأتراك اليوم فلن يكون بديلهم الجيش العراقي بل الحشد أو حزب العمال الكردستاني"، معتبراً أن هذا الملف بات ثانوياً بالنسبة لبغداد أمام ملف كردستان العراق والأزمة معه، في ظل وقوف أنقرة إلى جانب الحكومة العراقية، وكذلك الملف الجديد بتسليح جيش كردي على الحدود السورية والذي يعتبره العراق مقلقاً.