فصول قطرية وسعودية وإماراتية في التقرير الأميركي عن الإرهاب

22 يوليو 2017
التقرير الأميركي يسجل تراجع العمليات الإرهابية عام 2016(درو أنجيرير/Getty)
+ الخط -
شككت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي عن الإرهاب باستراتيجية السعودية والإمارات المعلنة في محاربة الإرهاب ومكافحة تمويل المجموعات الإرهابية. وأشار التقرير إلى الزيارات المتكررة لقائد حركة "طالبان"، الملا منصور، إلى الإمارات من أجل جمع تبرعات مالية. ورجح استمرار قيام سعوديين ومؤسسات سعودية بتقديم الدعم المالي لمنظمات إرهابية خارج المملكة، كما تبنى الانتقادات التي وجهتها منظمات حقوق الإنسان الدولية إلى كل من الرياض وأبو ظبي بشأن استخدامهما قوانين مكافحة الإرهاب من أجل كم أفواه المعارضين السياسيين وتبرير اعتقال الناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي. في المقابل، بدا واضحاً الحرص الأميركي على الإشادة بالدور الأساسي الذي تؤديه دولة قطر في الحرب الدولية التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش".

وجاء في التقرير الأميركي أن "الولايات المتحدة وقطر حافظتا على شراكة قوية في الحرب ضد الإرهاب وعملتا معاً من أجل إقامة تحالف إقليمي ودولي لمكافحة الإرهاب. وأجرت الوكالات الأميركية المختصة حواراً بناءً مع نظيراتها القطرية لتبادل وتقييم المعلومات المتعلقة بالإرهاب". وأضاف أن "قطر شريك كامل ومساهم فعال في التحالف الدولي للقضاء على داعش وقدمت دعماً كبيراً للعمليات العسكرية الأميركية في المنطقة. وبالإضافة إلى استقبال عشرة ألاف عسكري أميركي، عرضت قطر استضافة قاعدة عسكرية لتدريب فصائل المعارضة السورية المعتدلة"، وفق التقرير.

وأشاد تقرير الخارجية الأميركية بقوانين الهجرة وكفاءة الأجهزة الأمنية القطرية ودورها في حماية أمن البلاد من الهجمات الإرهابية وجعلها من الدول القليلة في العالم التي لم تحصل على أراضيها أي أعمال إرهابية خلال عام 2016. وأشار التقرير إلى إصدار الحكومة القطرية في أعوام 2004 و2010 و2014 التشريعات القانونية اللازمة، التي تتعامل مع مكافحة الإرهاب وتمنع عمليات تمويله. كما لفت إلى دور مكتب أمن الدولة القطري ووزارة الداخلية والمؤسسات الأخرى في رصد أي خطر إرهابي في الداخل ومراقبة أي أنشطة مرتبطة بالإرهاب على الأراضي القطرية.

وذكر التقرير أن السلطات القطرية أبدت رغبتها في المشاركة في برنامج مكافحة الإرهاب التابع للخارجية الأميركية. وأشار إلى استضافة الدوحة العديد من الأنشطة والمؤتمرات في إطار الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب. وأشاد بفعالية الإجراءات الأمنية المتخذة، والتجهيزات الحديثة المستخدمة في تفتيش المسافرين في مطار الدوحة الدولي، وتعاون شركة الطيران القطرية مع سلطات المطارات في كافة دول العالم في إطار مكافحة الأعمال الإرهابية وضمان أمن المسافرين. كما أشاد باعتماد سلطات الهجرة في قطر على معايير أمنية فعالة تقوم على الكشف الأمني المسبق لطالبي تأشيرات الدخول إلى قطر.

كما ثمّن التقرير الأميركي الجهود القطرية في مكافحة تمويل العمليات الإرهابية ومشاركتها البناءة بكافة الهيئات الدولية المعنية بمراقبة العمليات المالية المشبوهة. ولفت إلى الأحكام التي أصدرتها محاكم قطرية خلال عامي 2015 و2016 ضد متهمين بتمويل الإرهاب.
وخلص التقرير إلى أن جوهر الاستراتيجية القطرية في محاربة العنف المتطرف تقوم بشكل أساسي على الاستثمار في التعليم، ذاكراً أن الشراكة القائمة بين وزارة التربية والتعليم العالي في قطر والولايات المتحدة من خلال برامج تربوية خاصة موجهة للشباب هدفها نشر قيم حقوق الإنسان. كما أشاد بالدعم الكبير الذي تقدمه قطر لبرامج الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية التابعة لها.

السعودية
شهدت المملكة العربية السعودية خلال عام 2016، 34 هجوماً إرهابياً، استهدفت معظمها قوات الأمن السعودي والأقلية الشيعية في المنطقة الشرقية. واعتقلت السلطات السعودية خلال العام الماضي، 1390 شخصاً في المملكة بتهم تتعلق بالإرهاب بينهم 967 سعودياً. وعلى الرغم من إشارة تقرير وزارة الخارجية الأميركية إلى استمرار العلاقة القوية بين الحكومة السعودية والإدارة الأميركية وتعاونهما من أجل مكافحة الإرهاب، إلا أنه توقف أمام ما أعلنته وزارة الداخلية السعودية حول وجود 2093 سعودياً يقاتلون في صفوف التنظيمات الإرهابية، خصوصاً في سورية. وتبنّى التقرير انتقادات منظمات حقوق الإنسان الدولية للسلطات السعودية التي تستخدم قوانين مكافحة الإرهاب بهدف إسكات الآراء السياسية المعارضة ومحاكمة الناشطين والمدونين الذين ينتقدون حكم آل سعود على مواقع التواصل الاجتماعي.

وشكك التقرير الأميركي بطريقة غير مباشرة بالاستراتيجية السعودية المعلنة لمكافحة الإرهاب وقال إنها جاءت رداً على انتقادات وسائل الإعلام الدولية التي تتهم السعودية بتصدير الأفكار المتطرفة. وعلى الرغم من جهود الحكومة السعودية والإجراءات التي تتخذها على صعيد منع عمليات تمويل، إلا أن تقرير الخارجية الأميركية رجح وجود أفراد ومؤسسات سعودية لا تزال تعتبر مصدراً لتمويل المجموعات الإرهابية في مناطق مختلفة بالعالم.

الإمارات
سلّط التقرير الأميركي الضوء على عشرات الأحكام التي صدرت عن محكمة الدولة في الإمارات ضد أشخاص ومجموعات تتهمهم سلطات الأمن في أبو ظبي بالانتماء إلى تنظيمي "داعش" و"القاعدة" و"جبهة النصرة" و"حزب الله" و"الإخوان المسلمين". لكن على غرار ما يجري في السعودية، تعتقد منظمات حقوق الإنسان الدولية أن سلطات أبو ظبي تستخدم القوانين المتعلقة بالإرهاب والأمن الإلكتروني-الرقمي كغطاء لقمع الرأي الآخر واعتقال الناشطين المعترضين على انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات.

وأشار التقرير إلى أن الإمارات لا تزال تشكل مركزاً مالياً إقليمياً ودولياً. ويلفت إلى أن عدداً من المنظمات الإرهابية تستغل القوانين الإماراتية والتسهيلات المعطاة لحركة الأموال وتستخدم الإمارات كمحطة أساسية في تمويل عملياتها الإرهابية. وأعرب تقرير وزارة الخارجية الأميركية عن القلق من استمرار عمليات تمويل الإرهاب وتبييض الأموال عبر النظام المصرفي الإماراتي. ولفت إلى الزيارات المتعددة التي قام بها قائد حركة طالبان الملا منصور إلى دبي لجمع التبرعات وتمويل حركته.

تراجع الإرهاب
سجلت العمليات الإرهابية في العالم تراجعاً في عام 2016 مقارنةً مع عام 2015، حسب التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية. واستمر تنظيم "داعش" متصدراً لائحة المنظمات الإرهابية الأكثر نشاطاً، على الرغم من الضغوط العسكرية الكبيرة التي تعرض لها في العراق وسورية، في حين حافظت إيران على صدارة الدول الداعمة للمنظمات الإرهابية حسب التقرير الأميركي. ووفقاً لإحصاءات مركز مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية الأميركية، فقد انخفض عدد العمليات الإرهابية في العالم، خلال سنة 2016، بنسبة تسعة في المائة عن العمليات التي نفذت عام 2015، فيما انخفض عدد الإصابات بفعل الأعمال الإرهابية بنسبة 13 بالمائة. وأشار تقرير الإرهاب إلى أن العدد الأكبر من مجمل ضحايا العمليات الإرهابية سجّل في العراق والصومال وتركيا. وتقدم تنظيم "داعش" عام 2016، على حركة "طالبان" التي كانت عام 2015 في صدارة المنظمات الدولية التي نفذت عمليات إرهابية. واستعرض التقرير الأميركي نتائج الضربات العسكرية التي تلقاها "داعش" في العراق مع سقوط الموصل بيد القوات الحكومية العراقية وفي سورية حيث الاستعدادات لشن هجوم نهائي على مدينة الرقة، المعقل الرئيسي للتنظيم. وأشار إلى أن "داعش" وسّع خلال عام 2016، انتشاره في دول المنطقة وحصل على ملاذات آمنة جديدة في ليبيا وشبه جزيرة سيناء والصومال واليمن ونيجيريا والمنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان.

كما كثف تنظيم "داعش" خلال عام 2016، من جهوده لتجنيد مقاتلين أجانب عبر الإنترنت وحثّ "الذئاب المنفردة" في مختلف دول العالم على تنفيذ ما تيسّر من هجمات إرهابية على الأهداف المدنية المتاحة في أوروبا وأميركا. وأشار تقرير وزارة الخارجية الأميركية إلى هجوم مدينة نيس في فرنسا في شهر يوليو/تموز 2016، الذي أسفر عن مقتل 86 شخصاً، بعدما دهس شاب من أصول تونسية، بشاحنة الحشود المحتفلة بالعيد الوطني الفرنسي. وفي ألمانيا أسفر هجوم بشاحنة على المحتفلين بعيد الميلاد الماضي عن مقتل 12 شخصاً. وفي الولايات المتحدة قتل 49 شخصاً في هجوم إرهابي على ملهى ليلي في أورلاندو بولاية فلوريدا، العام الماضي.

وفي ما يتعلق بإيران، قال التقرير الأميركي إنها واصلت خلال عام 2016 تقديم الدعم لـ"حزب الله" ولمنظمات فلسطينية في غزة ومجموعات مختلفة في سورية والعراق وبلدان أخرى في الشرق الأوسط. وأضاف أن إيران استخدمت "فيلق القدس" في "الحرس الثوري الإيراني" لتأمين مصالح سياستها الخارجية وتغطية عمليات استخباراتية وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط. كما بقيت إيران الداعم الأول لـ"حزب الله" المصنف على لائحة المنظمات الإرهابية. وأفرد التقرير مساحة أكبر لاستعراض أنشطة "حزب الله" المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط ودوره في مساندة نظام بشار الأسد في سورية. وأشار إلى استمرار إيران في تأمين الملاذ الآمن لعدد من كوادر تنظيم "القاعدة" وتقديم الدعم اللوجستي والمالي لتنظيم "القاعدة" بهدف تجنيد مقاتلين في سورية ودول جنوب آسيا.