أين هو مجلس التعاون الخليجي من الأزمة المفتعلة ضد الدوحة؟

15 يونيو 2017
التزم الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي الصمت(الأناضول)
+ الخط -
لا تزال الأزمة الخليجية متواصلة على الرغم من استنفاد محور أبوظبي – الرياض لجميع أوراق الضغط التي لديه وحاول ممارستها على قطر دون جدوى بالإضافة إلى تدخل الوساطات الخليجية والعربية والدولية لإنهاء هذه الأزمة التي عصفت بالخليج بعد اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية "قنا" ونشر تصريحات مزورة على لسان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وكشفت الأزمة الخليجية المفتعلة ضعف مؤسسة دول مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس عام 1981 باقتراح من أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح لمواجهة الثورة الإيرانية التي قام بها روح الله الخميني عام 1979 وخطر نظرية "تصدير الثورة" التي تبناها. ويأتي هذا الضعف في ظل عجز الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي، البحريني عبداللطيف الزياني، عن إصدار تصريح واحد عن المؤسسة سلباً أو إيجاباً والتعامل مع الأزمة التي تعصف العالم بأكمله وكأنها أزمة وهمية أو غير موجودة.



وتجاهل الزياني لائحة النظام الأساسي لدول مجلس التعاون الخليجي، والتي تنص في مادتها العاشرة على تشكيل هيئة تسوية المنازعات لحل أي مشكلة تحدث بين دول مجلس التعاون الست. كما أنه ارتكب تجاوزاً آخر تمثل في صمته عن تجاوز محور أبوظبي – الرياض لهذه المادة وقيامهم بقطع العلاقات بدون عرض الموضوع على المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون والذي يتكون من رؤساء الدول الخليجية. كما أن اختيار الزياني للصمت في هذه الأزمة يوحي بالمحاباة لدولة البحرين وهي أحد أطراف الأزمة، مخالفاً بذلك المادة السادسة عشرة من اللائحة والتي تنص على أن يمارس الأمين العام أعماله باستقلالية تامة.

وسبق لدول مجلس التعاون الخليجي أن مرت بخلافات مشابهة بين أعضائها حول العديد من المسائل، أهمها تدخل بعضها البعض في سياساتها الداخلية، بالإضافة إلى مشاكلها الحدودية والنفطية، وصل بعضها إلى التدخل العسكري، لكن هذه المشاكل غالباً ما تنتهي ضمن حدود مجلس التعاون ولا تتجاوزه إلى مكان آخر كما يحدث اليوم.
ومن أبرز الخلافات التي نشبت بين دول مجلس التعاون هو الخلاف القطري البحريني على مجموعة جزر في تسعينيات القرن الماضي. كما اندلعت خلافات أخرى بين السعودية والإمارات عام 2009، ما أدى لإغلاق السعودية حدودها أمام الإمارات. واندلع خلاف آخر بين سلطنة عمان والإمارات عام 2011 على خلفية اكتشاف عمان لما قالت إنه شبكة تجسس إماراتية على أراضيها، لكن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح أنهى هذا الخلاف بوساطته، بالإضافة إلى وساطته الشهيرة عام 2014 ضمن اتفاق الرياض بين قطر ومحور أبوظبي الرياض.

لكن صمت الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي وتعامل المؤسسة الخليجية بأكملها مع الأزمة الراهنة بتجاهل تام بدون بيان استنكاري واضح، أفقد العديد من قادة المنطقة الثقة في دور هذه المؤسسة. وهو ما بدا واضحاً على أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، والذي جاب ثلاث عواصم في أقل من 24 ساعة لحل الأزمة بدون جدوى، إذ قال لصحيفة "الجريدة" بنبرة مليئة "بالأسى"، حسب وصفها، إنه من الصعب عليه وعلى الجيل الذي بنى مجلس التعاون الخليجي قبل 37 عاماً أن يرى تلك الخلافات بين أعضائه والتي تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
وقرر محور أبوظبي – الرياض انتهاج سياسة مزدوجة في التعامل مع مجلس التعاون الخليجي، تمثلت، في شقها الأول، بالحشد خليجياً ضد قطر. لكن هذه السياسة فشلت بشكل ذريع بعد أن اصطدمت بقرار الكويت وعمان الحياد التام ورفضهما للحصار. ويضاف إلى ذلك قيام الحكومة الكويتية بإبعاد صحفها ووسائل إعلامها عن نيران الحرب الإعلامية، وفتح المجال الجوي أمام الطائرات القطرية. كما قام أمير الكويت بقيادة جولة المفاوضات بين العواصم الخليجية بنفسه، ما حدا بمحور أبوظبي – الرياض لانتهاج الشق الثاني من السياسة المزدوجة والذي تمثل بتجاهل وجود منظومة مجلس التعاون ولائحته الأساسية والقيام بسحب السفراء من دون إعلام بقية الدول الخليجية وحشد مجموعة من جمهوريات الموز، مثل موريشوس وجزر المالديف، في محاولة للضغط على قطر وإجبارها على ترك سياستها المستقلة خارجياً وداخلياً.

وعلى الرغم من أن الأزمة قد امتدت نيرانها إلى العديد من الدول الإقليمية والدولية، مثل تركيا ومصر والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، فإن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح يأمل أن يكون الحوار الخليجي – الخليجي هو المخرج من هذه الأزمة لإعادة الثقة في منظومة مجلس التعاون التي فقدت أهميتها بعد أن وقفت موقف المتفرج أمام قرارات حصار قطر.

 

 

 

المساهمون