لماذا تعثرت مفاوضات السراج وحفتر عقب اتفاق الإمارات؟

22 مايو 2017
مصر تريد تعزيز القوات التابعة لحفتر(عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
تعثرت من جديد المفاوضات بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فائز السراج، وقائد قوات معسكر برلمان طبرق، خليفة حفتر، عقب اللقاء المشترك بينهما في الإمارات مطلع الشهر الحالي. واتفق الطرفان على خطوط عريضة تتمثل بتشكيل مجلس رئاسة الدولة، ويضم السراج وحفتر ورئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، وإجراء انتخابات رئاسية بعد 6 أشهر من الاتفاق، وحل التشكيلات المسلحة.

وكان من المتوقع أن يوقّع السراج وحفتر على بنود الاتفاق مع استكمال باقي المشاورات في هذا الإطار في القاهرة خلال الأيام الماضية، إلا أن المشاورات تعثرت مجدداً.

تعثُّر المفاوضات وصفته مصادر مصرية قريبة من اللجنة الوطنية لمتابعة الملف الليبي بـ"الطبيعي"، في ظل تراكمات كبيرة بين المعسكرين الشرقي والغربي في ليبيا، وهو ما يحتاج إلى جهود لتفعيل الاتفاق والدفع في سبيل استمرار المشاورات لإنهاء الانقسام. وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن تعثر المشاورات التي تقودها مصر لتنفيذ الاتفاق بين حفتر والسراج، أتى بسبب السراج وليس حفتر، لا سيما أن الأخير كان جاهزاً لإتمام الاتفاق في الإمارات مطلع الشهر الحالي، في حين أن الأول مستعد للمضي قُدماً في التنفيذ ولكن تواجهه عقبات كبيرة، وفق المصادر المصرية. وتابعت أن السراج لا يسيطر بشكل كبير على المعسكر الغربي في ليبيا، لا سيما مع تعدد الأطراف الفاعلة هناك من قبائل وعائلات وكتائب مسلحة، والتي يقف بعضها حائلاً أمام أي اتفاق مع حفتر. ولفتت المصادر إلى أن المنطقة الغربية في ليبيا ترفض حفتر لشخصه، وليس لديها أزمة في إتمام اتفاق بين المعسكرين، خصوصاً مع وجود نغمة سائدة في الأوساط المعارضة له، أنه نفذ عمليات قتل لأبنائها خلال عهد الرئيس المخلوع معمر القذافي.


وأشارت المصادر المصرية إلى أن السراج طلب من المسؤولين المصريين إعطاءه مزيداً من الوقت لمحاولة حلحلة الموقف في غرب ليبيا، وذلك لعدم اتخاذ خطوات في تنفيذ الاتفاق ثم تتعثر الأمور بشكل أسوأ خلال الفترة المقبلة، بحسب ما يعتقد السراج. وأكدت المصادر أن إحدى العقبات أمام السراج تتمثل بوجود كتائب مسلحة كانت تقاتل إلى جانبه في مواجهة حفتر في أوقات سابقة، وهي الآن تمثل عقبة حقيقية لديه وبالتأكيد لدى القاهرة، وفق المصادر. وأوضحت أن مصر تدفع بقوة لإنهاء الانقسام في ليبيا لتشكيل نواة لجيش ليبي وطني من أجل مواجهة أي فصائل مسلحة محسوبة على التيار الإسلامي المتشدد، وهي رؤية تتفق معها دول إقليمية عدة في المنطقة.

وأضافت المصادر أن "القاهرة تسعى لإنهاء الانقسام وتشكيل جيش ليبي وطني، وإجراء انتخابات تمهيداً لرفع حظر التسليح عن ليبيا المفروض من قبل مجلس الأمن الدولي للقضاء على المجموعات المسلحة هناك". واعتبرت أن معركة القضاء على المجموعات المسلحة لن تخاض بالشكل الصحيح إلا بعد رفع حظر التسليح، حتى يكون الجيش الليبي التابع لحفتر قادراً على مواجهتها بأسلحة أحدث وأكثر تقدماً، وفق تعبير المصادر. وشددت على أن حفتر بات أكثر "انصياعاً" للرؤية المصرية بعد توتر شديد حدث بين الطرفين منذ شهر فبراير/شباط الماضي، حينما رفض الامتثال لرأي رئيس اللجنة الوطنية لمتابعة الملف الليبي، الفريق محمود حجازي، والجلوس على طاولة حوار واحدة مع السراج. وبحسب المصادر نفسها، فإن رضا مصر عن حفتر تمثّل في لقاء جمعه بالرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، الأسبوع الماضي، فضلاً عن زيارة رئيس أركان حرب الجيش المصري، الفريق محمود حجازي إلى ليبيا ولقائه حفتر.

وحول إمكانية تجاوُز مصر للسراج والتواصل مع أطراف في المنطقة الغربية، أكدت المصادر أن هذه الخطوة صعبة للغاية، أولاً في ظل موقف مصر الداعم بقوة لحفتر وهو يلقى رفضاً شعبياً هناك، وثانياً لأنه لا يوجد تواصل مصري مباشر مع القبائل والأطراف الفاعلة في غرب ليبيا، مثلما هو الحال بالأطراف النافذة في معسكر الشرق. وقالت المصادر، إنه لا يمكن تجاوز السراج خلال الفترة الحالية لأنه يحظى بقبول ودعم دوليين كبيرين، ولذلك هو لا يزال في المشهد حتى الآن، وفق تعبيرها.

وأكد السيسي خلال استقباله حفتر، أخيراً، على أهمية إعادة لُحمة ووحدة المؤسسة العسكرية الليبية التي نشأت منذ 77 عاماً على يد أبناء ليبيا من مختلف مناطقها. ودعا إلى رفع القيود المفروضة على توريد السلاح للجيش الليبي، باعتباره الركيزة الأساسية للقضاء على خطر الإرهاب في ليبيا، فضلاً عن ضرورة وقْف تمويل التنظيمات الإرهابية ومدها بالسلاح والمقاتلين، والتصدي لمختلف الأطراف الخارجية التي تسعى إلى العبث بمقدرات الشعب الليبي، بحسب تعبيره.