المصالحة الفلسطينية في بكين: هل تراجع الدور المصري؟

26 يوليو 2024
من توقيع الاتفاق في بكين، 23 يوليو 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

بخلاف ما جرى في آخر اجتماع للفصائل الفلسطينية في مصر في 30 يوليو/تموز 2023، والذي غابت عنه 3 فصائل، وهي حركة الجهاد الإسلامي وطلائع حرب التحرير الشعبية (الصاعقة) والجبهة الشعبية القيادة العامة، وانتهى إلى مجرد الاتفاق على "تشكيل لجنة" بهدف "إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة"، حسبما قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في البيان الختامي حينها، جاء اجتماع الفصائل الفلسطينية في الصين الثلاثاء الماضي على نحو مفاجئ، حيث أُعلن عن التوصل إلى اتفاق بين 14 فصيلاً، على رأسها حركتا حماس وفتح، على المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام وترتيب البيت الفلسطيني.

تفاؤل حذر باتفاق المصالحة الفلسطينية

وعلى الرغم من التفاؤل الذي يبدو حذراً في الشارع الفلسطيني باتفاق المصالحة، في ظلّ تكرار الاتفاقات وعدم تطبيقها، من اتفاق القاهرة إلى مكّة والدوحة وصنعاء والجزائر، وصولاً إلى موسكو ومن ثم بكين، إلا أن دخول بكين على خط المصالحة الفلسطينية أثار التساؤل في أوساط سياسية في القاهرة عن دورها في الملف الفلسطيني بشكل عام، بحسب مراقبين، لا سيما وأن تعليق القاهرة على "إعلان بكين" جاء مقتضباً ومتأخرا. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في بيان مقتضب في وقت متأخر من مساء أول من أمس الأربعاء، إن مصر "ترحب بكافة الجهود الإقليمية والدولية التي تستهدف تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وآخرها الجهد المقدر لجمهورية الصين الشعبية الصديقة"، مضيفاً أن "وحدة الصف الفلسطيني في هذه اللحظة المفصلية من تاريخ الوطن، ضرورة قصوى لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة".

عمار علي حسن: توجه الفصائل إلى بكين سببه حاجة الفلسطينيين إلى دعم قوة دولية مغايرة في وجه الغرب

وحول أسباب انتقال ملف المصالحة الفلسطينية إلى الصين في الوقت الحالي، رأى أستاذ علم الاجتماع السياسي والكاتب المصري عمار علي حسن، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "توجه الفصائل الفلسطينية إلى بكين سببه الرئيسي هو أن الصين هي التي قدمت الدعوة لها، والفلسطينيون الآن في حاجة إلى دعم قوة دولية مغايرة في وجه القوى الدولية الغربية المساندة لدولة الاحتلال الإسرائيلي"، مضيفاً أن "الصين نفسها تدرك مدى تعثر المشروع الغربي في الشرق الأوسط، بتعثر إسرائيل وهزيمتها، ولذلك تحاول ملء هذا الفراغ".

تحضير لمرحلة ما بعد الحرب

وحول انعقاد لقاء الفصائل الفلسطينية الآن في الصين وليس في مصر أو أي بلد عربي آخر، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير رخا أحمد حسن، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "السبب هو تلافي أن يدّعي أي من الفصائل الفلسطينية، أن ثمة محاباة لطرف أو آخر، كما أن ما توصلوا إليه من تفاهمات تضمّنها إعلان بكين، مبني على كل ما سبق أن اتفقوا عليه في القاهرة والدوحة والرياض وموسكو والجزائر، وتبقى العبرة بالتزام الفصائل بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه هذه المرة".

رخا أحمد حسن: من المهم البدء في رأب الصدع الفلسطيني تمهيداً لمرحلة ما بعد وقف القتال في غزة

وتابع الدبلوماسي المصري السابق، أنه "كان من المفترض عقد اجتماع المصالحة الفلسطينية بين الفصائل في بكين في شهر إبريل/نيسان 2024، ولكن ظروف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة واستمرارها دون إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، أدّت إلى تأجيل الاجتماع الذي رؤيت أهمية انعقاده الآن لوقف تصاعد الخلافات وتبادل الاتهامات بين كل من حركتي فتح وحماس".

وشدّد حسن على أنه "من المهم للغاية البدء في رأب الصدع الفلسطيني تمهيداً لمرحلة ما بعد وقف القتال في قطاع غزة، وأن تتولى سلطة فلسطينية واحدة متفق عليها بين كل الفصائل الفلسطينية حكم كل فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة، لدحض مقولة إسرائيل بعدم وجود سلطة فلسطينية موحدة وادعائها أن حماس لا تريد السلام مع إسرائيل".