خطة أميركية لعزل مناطق غرب العراق عن سورية

02 فبراير 2017
نازحة في مخيم بالأنبار (نوي فالك نييلسن/Getty)
+ الخط -
حتى 24 يناير/كانون الثاني الماضي، كان مجرد التفكير باستهداف خيمة بالية على الشريط الحدودي العراقي السوري، الممتدة بين مدينتي القائم العراقية والبو كمال السورية غير وارد، لعدم جدوى ذلك عسكرياً أو حتى مادياً بالنسبة لصاروخ تبلغ قيمته نحو 100 ألف دولار، يُطلق على خيمة لا تتجاوز قيمتها خمسة دولارات وتؤوي مسلحا أو اثنين من أعضاء تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أو لا يسكنها بالأساس أي شخص، أو تعود للبدو الرحل المنتشرين في تلك المنطقة، غير أن القصف الأخير بات يستهدف كل شيء وأي شيء في تلك المنطقة، الخاضعة لسيطرة "داعش".

في هذا السياق، كشفت مصادر عسكرية عراقية لـ"العربي الجديد"، أن "أكثر من 50 غارة جوية نفذتها قوات التحالف الدولي خلال الأيام الثمانية الماضية على مناطق حدودية صحراوية، ومدن وقصبات تقع على نهر الفرات الداخل من سورية إلى العراق عبر نقطة القائم الحدودية". ووفقاً لمصادر محلية وطبية فقد "خلّفت الغارات أكثر من 40 ضحية مدنية في مناطق تخضع لسيطرة التنظيم، غالبيتهم من البدو والقرويين".

ووفقاً لضباط في قيادة عمليات البادية والجزيرة التابعة لوزارة الدفاع العراقية، المسؤولة عن عمليات تلك المنطقة تحديداً، فإن الغارات استهدفت مواقع للتنظيم، تتفاوت بين معسكرات تدريب ومقرات لأفراد التنظيم ومخازن أسلحة. وأسفرت عن تكبيد التنظيم خسائر كبيرة، إلا أن شهود عيان في المنطقة، أكدوا مقتل وإصابة عشرات المدنيين من البدو الرحل والفلاحين الذين يعملون بحقول الحنطة والشعير التي تعتمد على الأمطار أو ما تعرف بـ "زراعة الديم".

بدوره، أكد الزعيم القبلي الشيخ سعيد العيساوي، لـ"العربي الجديد"، أن "الغارات قتلت من داعش والمدنيين أيضاً"، مشدّداً على أن "عملية إعادة فصل العراق عن سورية باتت بمثابة شرط رئيس للقضاء على التنظيم". ونوّه إلى أن "المهمة تقع حالياً على قوات التحالف من خلال العمليات الجوية اليومية بشكل يجعل التنظيم ينفر من تلك المنطقة الصحراوية".



وعلى مدار الأيام الماضية أصدرت وزارة الدفاع العراقية، أو قيادات العمليات المرتبطة بها، بيانات حول مجمل عمليات القصف التي تستهدف تلك المنطقة تحديداً، وكان آخرها مساء الثلاثاء، عبر الإعلان عن تدمير منصات صواريخ ومعسكرات إيواء لتنظيم "داعش" في أقصى الأنبار، في إشارة واضحة إلى الشريط الحدودي بين العراق وسورية.

في سياق موازٍ، نوّهت تسريبات عسكرية في بغداد، عن وجود "خطة أميركية جديدة لعزل مناطق غرب العراق عن الجوار السوري بشكل كامل، وبدأت فعلاً من خلال عمليات قصف مكثفة على تلك المناطق". وذكرت التسريبات أن "الخطة تسعى خلال ثلاثة أشهر إلى تمكين القوات العراقية وأبناء العشائر، والتقدم إلى تلك المناطق واستردادها بالتزامن مع تحرك القوات العراقية من محوري هيت ـ البغدادي، في اتجاه أعالي الفرات وصولاً إلى الحدود مع سورية".

في هذا الإطار، أفاد ضابط ركن قيادة العمليات المشتركة في محافظة الأنبار، غرب العراق العقيد الركن محمد وادي لـ"العربي الجديد"، بأن "منح داعش منطقة صعبة التضاريس، مثل تلك الموجودة بين سورية والعراق، يعني الكثير من المشاكل والتهديد حتى لو تمت السيطرة على مدن الأنبار ونينوى بالكامل".

وبيّن وادي أنه "في الوقت الحالي لا يمكن معالجة مواقع التنظيم إلا من خلال الطيران الدولي، بسبب خطورة توغل قوات برية فيها، لذا يمكن اعتبار العمليات الجارية الآن والتي تجري بكثافة، تمهيدا لإنهاك التنظيم وإفقاده عامل الاستقرار والأمن في تلك المنطقة".

وتمتد عمليات القصف الجوي للتحالف الدولي، التي تتولى أغلبها الطائرات الأميركية من بلدة حصيبة الغربية، مروراً بمنطقة الجبل الأبيض ومكر الذيب والمصب والصكرة، ثم مصب الفرات، وتتجه جنوباً نحو النقطة صفر وكهوف الحمادة ثم مناجم الفوسفات العراقية، على شريط حدودي يصل إلى نحو 100 كيلومتر، وبعرض يراوح ما بين 20 إلى 25 كيلومتراً، يُطلق عليها جميعاً اسم (الشريط الحدودي العراقي السوري)، الواقع ضمن حدود محافظة الأنبار المجاورة لمدينة البو كمال السورية.


المساهمون