البغدادي غيّر شكله وهويته ويتواجد في هذه المناطق

08 نوفمبر 2017
+ الخط -
كشفت مصادر عسكرية وسياسية لـ"العربي الجديد"، أن زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي، أبو بكر البغدادي، على الأرجح قد غيّر من هيئته وشكله وهويته، ويتواجد حالياً في 3 مناطق محتملة في العراق، فيما لم يستبعد خبراء أمنيون تواجده في مناطق أخرى بين العراق وسورية ويصعب توقّعها.

وبعد استيلائه على مساحات شاسعة في العراق وسورية، تعادل حجم أربع دول عربية، تتقلص اليوم مساحة سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي بشكل واضح، لتتحول إلى جيوب متناثرة موزّعة على بلدات وقرى بين العراق وسورية، ومرشحة خلال الأيام المقبلة لأن تتلاشى هي أيضًا.

وخلال ذلك، يكثف التحالف الدولي جهود ملاحقة زعيم التنظيم، إبراهيم عواد البدري، المعروف باسم أبو بكر البغدادي، ويسيّر في سبيل ذلك ثلاث وحدات خاصة ترافقها طائرات بدون طيار وجيش من العملاء المحليين، أملًا بالعثور على خيط يوصلهم للمطلوب الأول عالميًا، والذي رصدت له واشنطن مبلغ 25 مليون دولار لقاء القبض عليه أو قتله. في المقابل، فإن بغداد هي الأخرى شكلت خلية استخبارية لمطاردة البغدادي، وسط تسريبات عن تحديد عدة مناطق مرشحة لأن يتواجد فيها زعيم "داعش".

التنظيم الذي خسر سيطرته على الموصل، معقله الأقوى بالعراق، في يوليو/تموز الماضي، تهاوت باقي مواقعه التي يسيطر عليها في مدن على مشارف الموصل وصلاح الدين (شمال)، ولاحقاً غربي البلاد، حتى أعلن أخيرًا تحرير قضاء القائم المتاخم لحدود سورية، ونفذت قيادة عمليات الأنبار، الأحد الماضي، عملية تطهير وتفتيش لتأمين طريق الرطبة باتجاه حدود كربلاء، في صحراء العراق الغربية، تمكنت خلالها من تحرير عشرات القرى ومطارين في قضاء الرطبة، فيما قال جهاز مكافحة الإرهاب إن مدينة راوة، غربي الأنبار، تعتبر "ساقطة عسكرياً" وسيُعلن عن تحريرها قريباً.

ووفقًا للقوات الحكومية، التي تواصل تطهير المناطق التي انتزعت السيطرة عليها من تنظيم "داعش"، فإن إعلان تحرير العراق كاملاً من سيطرة التنظيم بات قريباً.

وفي الأراضي السورية، يواصل تنظيم "داعش" تقهقره وخسارة المناطق الواسعة التي كانت تحت سيطرته. ففي الآونة الأخيرة، بدأت قوات النظام ومليشيات تساندها في تضييق الخناق أكثر على مسلحي التنظيم، إذ تحتشد الآن على أطراف بلدة البوكمال الحدودية مع العراق.

ومع انحسار وجود "داعش" في العراق وسورية، ومقتل أعداد كبيرة من مقاتليه، بينهم كبار قادته، يبقى السؤال الأهم هو: أين زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي؟


ووفقًا لثلاثة مصادر عسكرية وحكومية عراقية، فإن أجهزة الاستخبارات ترشح تواجده في عدة مناطق من العراق وسورية ضمن سيناريوهات عدة، جميعها تتفق على أن شكل وهيئة البغدادي قد تغيرا، وبات من الصعوبة على الجنود والعناصر العاديين أو حتى المواطنين التعرف عليه من الوهلة الأولى.

وبحسب المصادر ذاتها، فإن المناطق العراقية المرشح تواجد البغدادي فيها، في حال تم استبعاد مدينة راوة، آخر بلدة يسيطر عليها التنظيم بالعراق، هي صحراء غرب العراق، جنوب وجنوب غرب الأنبار، التي تمتد على مساحة تقدر نحو 200 كلم، وتحوي هذه المنطقة أكثر من 10 وديان ومناطق جبلية وعرة، تضم كهوفًا وتجويفات أرضية، شكلت خلال السنوات الأربع عشرة الماضية من عمر الاحتلال الأميركي للعراق معقلًا مهمًا لتنظيم "القاعدة"، ومن بعده "داعش"، وفيها ظهرت أولى صور زعيم "القاعدة" السابق، أبو مصعب الزرقاوي، عام 2006، قبيل مقتله بعدة أشهر.

أما المنطقة الثانية، فهي صحراء الموصل ومنطقة الجزيرة، التي تمتد من المحور الغربي والشمالي، وصولًا إلى الحدود السورية، وكلا المنطقتين يصعب تنقل القوات النظامية العراقية فيها بالآليات أو العجلات المدولبة بسب وعورتها.

والمكان الثالث المرشح هو مناطق سلسلة جبال حمرين، التي تمتد من ديالى ثم صلاح الدين، وصولًا إلى أطراف كركوك مع نينوى.

فيما يرجح خبراء الأمن وجود زعيم التنظيم بمناطق تحت سيطرة الحكومة العراقية تم تحريرها أخيرًا، متخفيًا ضمن اسم وهوية معينة، وتم تغيير ملامحه بشكل يصعب التعرف عليه، وفي مناطق يصعب تخيل تواجده فيها.

لكن ماذا لو لم يكن البغدادي داخل هذه المناطق؟ وماذا لو غادر إلى مكان أكثر أمانًا منذ أن بدأت علامات هزيمة "داعش" تتوضح؟ والسؤال الأكثر أهمية، أين هذا المكان؟

يقول محمد صالح، وهو ضابط برتبة نقيب في قوات "البشمركة"، التابعة لإقليم كردستان العراق، إنه فوجئ حين شاهد مقاتلين لـ"داعش" يتحدثون الكردية في أثناء أعمال مسلحة نفذها التنظيم بكركوك، في هجوم مباغت وحصول اشتباكات مع "البشمركة"، في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، بالرغم من أن قوات الأمن الكردية تفرض سيطرتها على المدينة.

ويضيف في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "عناصر داعش ظهروا من داخل مدينة كركوك، وكانوا يرتدون زياً كردياً، ويتحدثون اللغة الكردية. عناصر داعش متمرسون ويجيدون التخفي وسط الناس والتسلل إلى المدن".

وعلى ذلك فإن المصدر، الذي شارك في عدة عمليات ضد "داعش" مع قوات "البشمركة"، لا يستبعد أن يكون البغدادي تسلل إلى مناطق أخرى غير متوقعة، مبينًا أنه "ربما يكون في كركوك أو بالمناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد بعد أن غيّر من هيئته".



أما عن سورية، فإن مسؤولين عراقيين يرجحون مناطق جنوب دير الزور والبوكمال كمناطق محتملة لتواجد زعيم التنظيم، وضمن مناطق ريفية متناثرة، كما يضعون مناطق قرب الحسكة والرقة تسيطر عليها حاليًا مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) ضمن احتمالات تواجد زعيم "داعش"، إلا انهم يعتبرون، في الوقت نفسه، وجود البغدادي بهذه المناطق أكثر خطورة عليه مما لو كان في العراق، بسبب سهولة تخفيه وتنوع المناطق التي يمكن أن يلجأ إليها لاعتبارات مساحة العراق الشاسعة، ووجود أنصار محليين للبغدادي داخل العراق.

لكن وفقاً للعقيد المتقاعد حسن الفلاحي، فإن البغدادي لا بد أن يكون موجوداً ضمن مجموعة من أتباعه، أو تؤمن بأفكاره، أو بينها وبينه مشتركات؛ وليس شرطًا الاتفاق في المبادئ.


ويضيف العقيد المتقاعد لـ"العربي الجديد"، أن "البغدادي نجح طيلة السنوات الماضية في التخفي، وسبق أن اقتربت القوات الأميركية كثيراً منه، وكادت تقتله بضربات جوية مركزة، وتعرض للإصابة في إحداها، لكن البغدادي أثبت أنه فطن، ويُحسن الاختباء، ويعتمد التنقل بسيارات مختلفة، ولا يسير بموكب"، مستطردًا بالقول "أتوقع أن البغدادي غيّر من هيئته. ربما حلق لحيته".

ويتوقّع الفلاحي أن "البغدادي في حال خروجه من المناطق التي كانت تخضع لسيطرة التنظيم، منذ فترة ليست بالقصيرة، فهو موجود الآن بمكان آمن، لا يعلم بوجوده سوى قلة من الأشخاص الذين يثق بهم".

وتابع: "لن يبتعد البغدادي كثيرًا عن المناطق التي كان يسيطر عليها داعش، وفي كركوك لم يعد هناك مأوى للتنظيم، لكني لا أستبعد وجود خلايا داخل المدينة، أو القرى التابعة لها، وربما هو هناك".

وذكر الفلاحي مكانًا آخر لوجود البغدادي، قائلًا: "أيضًا لا أستبعد أن يكون البغدادي في جبال كردستان، على الحدود الإيرانية. هناك يتحصن عناصر أنصار الإسلام، وهؤلاء متشددون ومسلحون، وبالرغم من أنهم يختلفون مع داعش، لكنهم يشتركون في الكثير من النقاط".

يشار إلى أن التنظيمات الإسلامية الجهادية ظهرت في مدينة السليمانية الكردية شمالي العراق، منذ سبعينيات القرن الماضي، وذلك في قراها الجبلية المتاخمة للحدود الإيرانية.