النزاع الداخلي بحكومة ماي ينعكس سلباً على مفاوضات بريكست

09 أكتوبر 2017
ماي تخوض المفاوضات بحكومة ضعيفة (كارل كورت/ Getty)
+ الخط -
تمكنت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، من تجاوز محاولة انقلاب عدد من البرلمانيين المحافظين على زعامتها للحزب نهاية الأسبوع، إلا أن حكومتها لا تزال تعاني من حالة من عدم الاستقرار على خلفية تباين مواقف وزرائها من مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، بريكست.


وفي محاولة من رئيسة الوزراء لإحكام سيطرتها على حزبها وحكومتها، ستقوم بإعادة توزيع الحقائب الحكومية في نهاية هذا الشهر، وسط تكهنات بتخفيض مستوى بوريس جونسون ومنحه وزارة أقل أهمية من وزارة الخارجية التي يشغلها حالياً.


وتحظى ماي بدعم عدد من وزراء حكومتها إن مضت في هذه الخطوة، حيث يتهم الوزراء جونسون بزعزعة استقرار الحكومة والحزب، جرياً وراء مطالبه ببريكست مشدد، وسعيه للوصول إلى زعامة الحزب.


إلا أن جمهوراً آخر من مؤيدي جونسون يشككون بقدرة ماي على التعامل معه، وهو الذي قال إنه سيرفض أي قرار بتغيير منصبه، ودفع ذلك أحد الوزراء إلى التساؤل عما ستقوم به ماي في تلك الحال.


كما أكد الوزير ذاته أن "رائحة الموت تفوح من داوننغ ستريت. إذا كنت مؤيداً لبريكست فسينتابك القلق. إذا نظرت إلى الحكومة (في حال تخفيض مستوى جونسون) فسترى مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي في الوزارات الرئيسية."


ويأتي ذلك مع تحويل أصابع الاتهام إلى وزير المالية، فيليب هاموند، والمطالبة باستقالته من الحكومة. فقد اتهمته النائبة المحافظة المؤيدة لبريكست، نادين دوريس، بأنه "يحاول عمداً جعل مفاوضات بريكست صعبة، والمماطلة فيها، وتعقيد الأمر"، بينما طالب برنارد جنكين، وهو أيضاً نائب الحزب ومؤيد لبريكست، بمراجعة أداء وزارة المالية تحت إدارة هاموند، حيث عبر عن عدم رضاه عن محاولة الوزارة رسم صورة قاتمة لمستقبل بريطانيا بعد بريكست.


ويجادل جنكين بأن الاتحاد الأوروبي نجح في شراء صوت وزارة المالية لتساهم في تعقيد بريكست وقال "إنهم يشرعون تهديدات الاتحاد الأوروبي بعدم الاستقرار الاقتصادي"، إلا أن حلفاء هاموند يرون أن عمل وزارة المالية يتطلب نظرة واقعية على الاحتمالات التي قد تنجم عن بريكست.



ومن ناحية أخرى، تجددت اتهامات جمهور بريكست المحافظ ضد الاتحاد الأوروبي مع اقتراب موعد متابعة المحادثات في نهاية هذا الشهر. فقد طالب مؤيدو بريكست تيريزا ماي بالانسحاب من المحادثات إذا لم يتم إحراز أي تقدم فيها، مشددين على أن "لا صفقة" أفضل من ابتزاز الاتحاد لماي نتيجة لوضع حكومتها الضعيف.


وطالب جنكين ماي بأن تفرض سلطتها على الحكومة، مؤكداً على أنها تحظى بدعم نواب الحزب في البرلمان إذا قررت الانسحاب من المفاوضات في حال قرر الاتحاد الأوروبي عرقلة المحادثات التجارية بعد قمة الاتحاد المقبلة هذا الشهر.


ويصر جنكين على أن بريطانيا جاهزة للتحدث مع الاتحاد الأوروبي إن كان مستعدا "للعودة إلى الطاولة والنقاش حول أي صفقة يرغبون بها معنا".

ويبدو أن ماي قد خضعت للضغط القادم من مؤيدي بريكست المشدد من حزبها، حيث أنها رفضت منح الاتحاد الأوروبي المزيد من التنازلات في القضايا العالقة بين الطرفين حالياً، والتي تشمل فاتورة بريكست، وحقوق مواطني الاتحاد الأوروبي في بريطانيا وحدود أيرلندا الشمالية، والتي يصر الاتحاد الأوروبي على التفاهم عليها قبل الانتقال إلى المحادثات التجارية.


ودفع هذا الطريق المسدود عدداً من المسؤولين الأوروبيين إلى الاعتقاد بأن بريطانيا متجهة نحو الخروج من الاتحاد من دون أي صفقة، بل إن مفاوضي الاتحاد كثفوا من المفاوضات في الغرف الخلفية مع ممثلي حزب العمال على خلفية القلاقل التي تشهدها حكومة ماي، وتوقعهم الإطاحة بها قبل حصول موعد بريكست عام 2019.


ويرغب مفاوضو الاتحاد الحصول على ضمانات من حزب العمال بالالتزام بالتعهدات التي قطعتها الحكومة المحافظة في حال وصولهم للسلطة. ويأتي ذلك بعد استطلاع الرأي الأخير حول رئيس الوزراء المفضل لدى البريطانيين والذي أعطى زعيم حزب العمال، جيرمي كوربن، 33 في المائة مقابل 36 في المائة لماي، حيث تراجعت الأخيرة خمس نقاط عن الاستطلاع الذي جرى قبل أسبوعين، بينما أخذت زعيمة الحزب الوطني الاسكتلندي، نيكولا ستورجون، موقفاً أكثر مناصرة للاتحاد بقولها إن بريكست "كارثة متطورة" وأن استفتاء جديداً حوله "أمر يصعب تجنبه".


ويأتي هذا الضغط في ضوء مطالبة ماي بنشر استشارة قانونية حصلت عليها رئاسة الحكومة، وتنص على أنه يحق للبرلمان وقف بريكست إن رأى في ذلك مصلحة وطنية.