إذاعة مكالمة البرادعي وعنان... بتعليمات رسمية

12 يناير 2017
تسريب المكالمة أعقب حوار البرادعي مع تلفزيون "العربي" (يوتيوب)
+ الخط -
لم تتوقف التسريبات التي ترسلها أجهزة سيادية وأمنية مصرية إلى بعض مقدّمي البرامج الفضائية، على الرغم من مخالفتها الدستور والقانون لناحية التعدّي على حرمة الحياة الخاصة وتسجيل المكالمات الهاتفية من دون إذن مسبق من جهات قضائية.

وأذاع مقدم أحد البرامج الفضائية، أحمد موسى، المعروف بعلاقاته مع اﻷجهزة اﻷمنية، مكالمات هاتفية مسجلة لنائب رئيس الجمهورية السابق محمد البرادعي قبل أن يستقيل احتجاجاً على مجزرة فضّ اعتصامات أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية والنهضة بالقوة المفرطة.
وبدأ البرادعي يخرج عن صمته من خلال الحوار الذي يجريه مع شبكلة تلفزيون العربي، والذي يتطرق في جزء منه إلى كواليس مرحلة الانقلاب على مرسي حتى استقالته من منصبه والسفر إلى خارج مصر، وهو أمر أزعج النظام الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي، الذي قاد الانقلاب حينما كان وزيراً للدفاع. مع العلم أن شبكة تلفزيون العربي عرضت، السبت الماضي، الحلقة الأولى من سلسلة من خمسة لقاءات ستذاع مع البرادعي ضمن برنامج "وفي رواية أخرى".



وشنّت وسائل اﻹعلام حملات هجوم واسعة على البرادعي، دفعته إلى كشْف بعض كواليس مراحل الانقلاب، وصلت إلى ذروتها في إذاعة مكالمات هاتفية عقب ثورة يناير، كانت إحداها مع رئيس أركان الجيش المصري في ذلك الحين، الرجل الثاني بعد المشير حسين طنطاوي، الفريق سامي عنان.

وأحدث ورود اسم عنان في المكالمات نوعاً من الغضب داخل المؤسسة العسكرية، لناحية استدعاء اسم المؤسسة في تصفية حسابات سياسية لا دخل للجيش فيها.
وقالت مصادر عسكرية إن خطوة إذاعة تسريب البرادعي مع عنان لا بد أن تكون بعد موافقة المؤسستين العسكرية والرئاسة معاً، خصوصاً مع ورود اسم رئيس اﻷركان السابق. وأضافت المصادر، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن التسجيلات لا يمكن أن تخرج للعلن وتذاع على الفضائيات وتضم اسم رئيس اﻷركان السابق إلا بموافقة المؤسسة العسكرية في المقام اﻷول، وإذا حدث عكس ذلك فإن هذا من شأنه إحداث شرْخ بين السيسي والجيش، على حد قولها.

ووفقاً للمصادر نفسها، فإن التسريبات لم تكن من خلال مراقبة وتسجيل مكالمات رئيس اﻷركان ولكن مراقبة هاتف البرادعي، وتم اختيار هذا التسجيل بعناية من بين تسجيلات كثيرة جرت بين البرادعي وعنان.
ولفتت المصادر إلى أن الجهة التي كانت تتولى التسجيل للناشطين والشخصيات السياسية، هي المخابرات الحربية، بعد توقُّف نشاط وعمل جهاز أمن الدولة (اﻷمن الوطني حالياً). وشددت المصادر على وجود حالة غضب داخل المؤسسة العسكرية من إذاعة تسجيل لعنان حينما كان رئيساً للأركان، لا سيما مع وجود رفض للزجّ بالجيش في معارك جانبية واستغلال اسم المؤسسة في تصفية حسابات سياسية. وتوقعت عدم بث تسجيلات أخرى بين البرادعي وعنان أو أي من القيادات العسكرية في تلك الفترة. وأشارت المصادر نفسها، والتي عملت في المخابرات الحربية قبل انتدابها لجهة عمل أخرى، إلى أن أغلب الناشطين والشخصيات العامة والسياسية يعلمون تماماً أنهم يخضعون للمراقبة وتسجيل المكالمات الهاتفية. وأوضحت المصادر أن بعض من خضعت مكالماتهم الهاتفية للتسجيل كانوا يعلمون ذلك، حتى أن بعض المحادثات شهدت سخرية من هذه المراقبة، باعتبار أن من تجري مراقبتهم لا يتحدثون في أمور سرية على الهواتف، بينما كانت هناك اجتماعات خاصة يعقدونها للحديث حول اﻷمور التي كانوا يفضّلون أن تكون سرية.

وحول عدم تقديم هذه الشخصيات لمحاكمة بعد تسجيل مكالماتها، قالت المصادر إن التسجيل لم يكن قانونياً في اﻷساس، لكن الهدف منه إبقاء كل اﻷمور تحت السيطرة ومعرفة كل كبيرة وصغيرة. كما أن الشخصيات التي كانت تحت المراقبة تعلم أن المكالمات تخضع للتسجيل وبالتالي لم تذكر أي شيء غير قانوني أو يضر بمصلحة البلاد.
وكشفت المصادر عن تسجيل آلاف المكالمات الهاتفية بين عدد كبير من الشخصيات العامة والسياسية في الدولة، ولا تستطيع أي شبكة هواتف خلوية رفض التسجيل أو الاعتراض على اﻷمر، ولكنها تكون من خلال قرارات سيادية.

ولفتت المصادر إلى أن قيادات الجيش واﻷجهزة السيادية تستخدم هواتف خاصة يصعب تعقُّبها وهي تستخدم في العمل فقط، خوفاً من تنصت جهات خارجية عليها وليس من جهات في الداخل.
من جهته، قال الخبير السياسي، محمد عز، إن إذاعة تسجيلات الناشطين والشخصيات العامة والسياسي، ليست بالأمر الجديد في مصر، لكن الذي أحدث ضجة كبيرة هو ورود تسجيل بين البرادعي ورئيس اﻷركان السابق الفريق سامي عنان، وهو الرجل الثاني في الدول عقب 25 يناير.
ورأى عز أن هذه التسجيلات تستخدم لخدمة أهداف سياسية لتشويه صورة بعض الأشخاص الذين يخرجون عن سيطرة اﻷجهزة اﻷمنية والنظام الحالي. ولفت إلى أن التسجيلات لم تقدم جديداً على مستوى مواقف الأشخاص، إذ كانت فترة المجلس العسكري تعجّ بالعديد من التساؤلات حول اﻷداء والفوضى والتضارب. وأشار إلى أن النظام الحالي لا يمكنه النيْل من البرادعي إلا بمحاولة التشوية فقط، لا سيما أنه شخصية دولية ولديه علاقات موسعة مع مسؤولين غربيين، وكان أحد أسباب نجاح ما حدث في 3 يوليو.