مقتلة حلب برعاية أكذوبة الممرّات... والمعارضة تتوعّد بردّ قريب

أحمد حمزة

avata
أحمد حمزة
31 يوليو 2016
5B69AA8B-44FD-41BD-BE01-4E85CEA192F6
+ الخط -
واصلت الطائرات الحربية أمس السبت استهدافها لمناطق تسيطر عليها المعارضة السورية في حلب، مسقطةً عشرات الضحايا من المدنيين بين قتيل وجريح، ليبقى الوضع الميداني في هذه المحافظة الحدودية مع تركيا، محط أنظار واهتمام مختلف القوى المحلية والإقليمية، والدولية الفاعلة في سورية، لا سيما مع التطورات غير المسبوقة، التي أفضت خلال الأيام القليلة الماضية، لإحكام النظام وحلفائه، حصار أحياء المدينة الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة. ويتزامن ذلك مع سعي النظام لإفراغ هذه المناطق من نحو ثلاثمائة ألف مدني يقطنونها، عبر ما وصفته المعارضة السورية بـ"ممرات الموت"، التي كانت موسكو زعمت فتحها الخميس الماضي، فيما يروج النظام السوري عبر وسائل إعلامه، لبدء خروج السكان من هذه المعابر لمناطق سيطرته، وهو ما نفته مصادر المعارضة تماماً.

ومع ساعات الصباح الأولى أمس، وبعد يوم واحد من مقتل عشرات المدنيين بغارات الطيران الحربي في حلب وريفها، جدد النظام هجماته الجوية العنيفة على مناطق عدة تسيطر عليها المعارضة في حلب، ما أدى لمقتل أكثر من 12 مدنياً وإصابة العشرات في القصف الذي استهدف قرى بريفي حلب الغربي والشمالي. وأفاد مدير "شبكة سورية مباشر"، علي باز، لـ"العربي الجديد" بأن "سبعة قتلى وأكثر من 20 جريحاً سقطوا، جراء قصف من الطيران الحربي للنظام السوري على بلدة إبين في ريف حلب الغربي"، مضيفاً أن "قتيلاً وعددا من الجرحى سقطوا كذلك، جراء أكثر من عشرين غارة شنتها طائرات النظام على بلدة حيان بريف حلب الشمالي".

وقُتل كذلك في هجمات مماثلة صباح السبت، أربعة مدنيين في قرية كفرناها بريف حلب الغربي، والذي تعرضت مناطق أخرى فيه لسلسلة غارات جديدة، إذ صعد طيران النظام والمقاتلات الحربية الروسية قصفهما هناك خلال هذا الأسبوع، وأدت أول من أمس، إحدى هذه الهجمات الجوية لمقتل نحو 15 مدنياً بينهم ثمانية أطفال في بلدة الأتارب. وقال القائد السابق للمجلس العسكري في حلب، العميد زاهر الساكت، إن "النظام وروسيا يصعدان من استخدام سياسة الأرض المحروقة، ويستخدمان أعنف أنواع الذخيرة في قصف مختلف مناطق سيطرة الثوار في حلب"، معتبراً أن "القصف الوحشي للريف الغربي يأتي ضمن خطط النظام وروسيا لكي لا يبقى الريف الغربي ملاذاً أخيراً لفصائل المعارضة مستقبلاً، إذ يظن النظام وحلفاؤه أنهم سيتمكنون من انتزاع باقي مناطق حلب من المعارضة وهو ما لن يحصل"، على حد قوله.


ولم يخف العميد المنشق عن النظام، خلال حوار مع "العربي الجديد"، صعوبة الوضع العسكري وخطورته في حلب هذه الأيام، لكنه أكد وجود "خطط عسكرية للمعارضة السورية خلال الأيام المقبلة لإفشال هجوم النظام وحلفائه على حلب"، مشيراً إلى ضرورة "توحيد رايات وخطط الفصائل الثورية لصد الهجوم على حلب"، التي "تواطأ عليها الروس والمليشيات الإيرانية وما يسمى قوات سورية الديمقراطية وتنظيم (الدولة الإسلامية) داعش"، بحسب تعبيره. ورأى الساكت أن "روسيا كانت تقصف حلب بأعتى أنواع الأسلحة بحجة استهداف جبهة النصرة"، معتبراً أن فَك الأخيرة ارتباطها بتنظيم "القاعدة" قبل يومين "إيجابي"، لكنه أضاف أنه "عندما تصرح جبهة النصرة بأنها تخلت عن القاعدة وبعدها مباشرة تقلل واشنطن من قيمة الأمر، فإن ما يُخشى هو أنه عندما ينتهون من جبهة النصرة سينتقلون للفصائل الإسلامية، وربما يصل الدور لاحقاً وتحت ذرائع مختلفة إلى الجيش الحر من أجل القضاء على جميع الفصائل المقاتلة للنظام وتعويم الأسد ولو مؤقتاً".

وتابع القائد السابق للمجلس العسكري الثوري في حلب، قائلاً إن الحصار الذي فُرض الآن على أحياء مدينة حلب الشرقية "هو بتوافق روسي أميركي"، مشيراً إلى أن "الغاية منه رسم حدود جديدة"، كما أن "المؤامرة الكبرى على حلب اليوم هي لإفراغها من السكان وتهجيرهم وطردهم من أراضيهم وأحيائهم، وما كان يجري منذ أشهر وبعد بدء العدوان الروسي من استهداف المشافي والأسواق والمدارس والمرافق المدنية أكبر دليل على ذلك"، كما ذكر الساكت.


من جهة أخرى، نفى الساكت بشكل قاطع ما روجته بعض وسائل إعلام النظام، عن خروج عدد من المدنيين عبر المعابر التي كان تحدث عنها وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، الخميس الماضي، معتبراً أن "تمثيليات النظام هذه لا تنطلي على أحد، وأهالي حلب لن يتركوها وهم متمسكون بأرضهم رغم كل المآسي التي يتعرضون لها أمام أنظار المجتمع الدولي المتفرج والأمم المتحدة التي لا تقوم بمسؤوليتها".

في غضون ذلك، اعتبرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أن "المعابر المزعومة (التي تحدثت عنها موسكو) هي خديعة كبرى معدّة للقتل ولم يفتح أي منها حتى اللحظة ولم يعبرها أحد من المدنيين"، مضيفة أن "كل مَن سيخرج مِن المعابر سيكون عُرضة للاتهام من قبل النظام وأجهزته الأمنية، ما سيعرّضه للاعتقال وربما الموت تحت التعذيب". كما أكدت الشبكة أن "المعابر لا تكون آمنة للمدنيين إلا إذا كانت تحت إشراف الأمم المتحدة والصليب الأحمر وتغطية من إعلاميين مستقلين"، ذاكرة خلال تقرير لها صدر أمس، أنها كانت قد وثقت "تعرّض 750 شخصاً للاختفاء القسري على يد النظام بعد خروجهم من أحياء حمص المحاصرة تحت إشراف أممي".

إلى ذلك، تروج وكالة "سانا" ووسائل إعلام أخرى تابعة للنظام منذ يومين، أنباء عن خروج عدد من المدنيين، أو "تسليم عدد من المسلحين أنفسهم" لقوات النظام عبر المعابر التي أعلن عنها. وآخر ما جاء في هذا السياق، هو ما أوردته إذاعة "شام إف أم" الموالية للنظام عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك" ظهر أمس، عن "بدء خروج عشرات العائلات من أحياء حلب الشرقية عبر معبر صلاح الدين"، مرفقة ذلك بعدة صور لمدنيين يرفعون صور رئيس النظام السوري بشار الأسد. لكن موقع "تأكّد" الذي يديره ناشطون من مدينة حلب، أفاد بعد تواصله "مع عدة مصادر ميدانية وناشطين في حي صلاح الدين بحلب"، بأن "الصور التي يتداولها الإعلام الموالي للنظام التقطت صباح اليوم (أمس السبت) أثناء توزيع إحدى الجمعيات الخيرية مساعدات على سكان المنطقة الخاضعة لسيطرة النظام في الحي المذكور.

على صعيد التطورات الميدانية السورية أمس، أعلن مدير مركز حماة الإعلامي، يزن شهداوي، لـ"العربي الجديد" أن "كتائب المعارضة استهدفت معاقل قوات النظام في مطار حماة العسكري، بعدد من صواريخ الغراد"، دون أنباء عن إصابات. ويأتي هذا فيما تتواصل المعارك بين قوات النظام وفصائل المعارضة السورية في الغوطة الشرقية لدمشق، إذ أكد المكتب الإعلامي لـ"جيش الإسلام"، أمس، أن "العشرات من عناصر مليشيات الأسد سقطوا بين قتيل وجريح، وذلك في عمليات صد محاولة اقتحام من محور حوش الفارة-ميدعا، لليوم السادس على التوالي". وأشار في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "هذه الحملة تعد من أعنف الحملات التي تشنها مليشيات الأسد منذ أشهر في محاولاتها اقتحام الغوطة الشرقية".

ولفت المكتب الإعلامي إلى أن مقاتلي "جيش الإسلام" تمكنوا من صد "الهجوم وقتلوا أكثر من عشرين عنصراً من المليشيات الإرهابية وجرحوا العشرات، وأعطبوا دبابتين بعد استهدافهما بمضادات الدروع، مما أدى لقتل وجرح كل من فيهما"، لافتاً إلى أن "هذه المعارك تدور وسط قصف مدفعي مركّز من جانب النظام، استهدف مناطق المدنيين في عمق الجبهة بمختلف أنواع الأسلحة وغارات الطيران الحربي".

ذات صلة

الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
الصورة
غارات جوية إسرائيلية على دمشق 21 يناير 2019 (Getty)

سياسة

قتل 16 شخصاً وجُرح 43 آخرون، في عدوان إسرائيلي واسع النطاق، ليل الأحد- الاثنين، على محيط مصياف بريف حماة وسط سورية.