أهالي المناطق العراقية المحررة من "داعش" محرومون من العودة

24 يونيو 2016
القوات العراقية في محافظة صلاح الدين (علي محمد/الأناضول)
+ الخط -
على الرغم من خلوّ عشرات المدن والقرى من عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وخضوعها لسيطرة القوات العراقية والمليشيات، إلا أن الأخيرة ترفض عودة سكان هذه المناطق إليها، وقد مضى على "استعادة" بعضها نحو عامين، بداعي "عدم تأمينها"، فيما يعتبر من بقي من سكانها أنهم "يتعرّضون لمخطط يستهدف تهجيرهم من مناطقهم".

مناطق في العاصمة العراقية بغداد ومحافظات بابل (جنوب)، وديالى (شمال شرق)، وصلاح الدين (شمال)، والأنبار (غرب)، لم تعد ملكاً لأهلها الأصليين، وهي اليوم بين مناطق مهجورة أو مسكونة من قبل سكان جدد، فيما أصحابها يحتمون بخيمٍ في ظلّ أجواء بيئية صعبة.

مخطط تغيير ديمغرافية المدن في العراق لم يعد خافياً، وهو ما أثبته سعي المليشيات الدؤوب لتجسيده على أرض الواقع. وقد أكدت صبغتها "الطائفية" من خلال الكثير من الأدلة والشواهد، التي وُثّقت في مقاطع فيديو مصوّرة تظهر المليشيات وهي تمارس عمليات تعذيب وقتل لمدنيين بحجة الإرهاب، فضلاً عن تصريحات لأهالي تلك المناطق لـ"العربي الجديد" أكدوا فيها أنه تمّت "ممارسة العنف ضدهم من قبل المليشيات، التي تقف حائلاً بينهم وبين بقائهم في مناطقهم، كذلك عودة النازحين إليها". وكان سقوط الموصل بيد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في 6 يونيو/حزيران 2014، قد فتح الباب لسيطرته على مناطق واسعة في العراق، في محافظات صلاح الدين، وديالى، والأنبار، وبابل. ومنذ ذلك التاريخ بدأت رحلة الظلم بحق سكان تلك المدن، الذين قُتل الكثير منهم، فيما غُيّب آخرون في السجون، وغيرهم مهجّرون في مناطق أخرى داخل البلاد، أو غادروا إلى خارجها.

محافظة صلاح الدين
بدأت عمليات استعادة القوات الحكومية والمليشيات سيطرتها على مناطق ضمّها "داعش" لنفوذه، انطلاقاً من محافظة صلاح الدين (175 كيلومتراً شمال بغداد)، بدءاً بمعارك تحرير ناحية سليمان بيك، في 13 أغسطس/آب 2014. وناحية سليمان بيك (90 كيلومتراً شرق تكريت)، تابعة لمركز محافظة صلاح الدين، وتقع بين جبل حمرين ومدينة الطوز، وتضمّ 28 قرية ويقطنها هي وقراها حوالي 80 ألف نسمة. وفي 30 أغسطس/ آب من العام عينه، تمّ تحرير ناحية آمرلي، التابعة لقضاء طوزخورماتو (130 كيلومتراً شرق تكريت). وتوالت عمليات تحرير مناطق صلاح الدين، وتمّ تحرير ناحيتي الضلوعية ويثرب في 27 ديسمبر/كانون الأول 2014.

تقع الضلوعية على بعد 80 كيلومتراً شمالي بغداد، على الضفة الشرقية من نهر دجلة، ويبلغ عدد سكانها 55 ألف نسمة، وهي كوحدة إدارية تتبع قضاء بلد في محافظة صلاح الدين. أما ناحية يثرب، فتبعد عن العاصمة بغداد حوالي 100 كيلومتر شمالاً، وتبلغ مساحتها حوالي 446 دونماً. وهي أرض زراعية بالغالب، يحدّها نهر دجلة من الناحيتين الشرقية والشمالية.






وفي العام 2015 بدأت عمليات تحرير مناطق أخرى في محافظة صلاح الدين، وتحررت الدور في 6 مارس/آذار، وتقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة، وفي الوسط تقريباً بين سامراء وتكريت. كما تبعد عن سامراء شمالاً نحو 30 كيلومتراً، وعن جنوب تكريت نحو 25 كيلومتراً. وبعد الدور بثلاثة أيام تم تحرير ناحية العلم في 9 مارس، والتي تبعد نحو 16 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من مدينة تكريت.
وكان تحرير تكريت في 13 مارس 2015، الأبرز لكونها أهم مدن صلاح الدين ومركزها، وتقع على الضفة اليمنى لنهر دجلة وتبعد 180 كيلومتراً شمال بغداد، و330 كيلومتراً جنوب الموصل. وفي 20 أكتوبر/تشرين الأول 2015، تمّ تحرير مدينتي الصينية وبيجي. وتقع الصينية على بعد 200 كيلومتر شمالي بغداد. وهي ناحية تابعة لقضاء بيجي، وتقع إلى الغرب بمسافة 10 كيلومترات، فيما تبعد بيجي عن شمال بغداد نحو 210 كيلومترات، وتقع في وسط الطريق المؤدي إلى الموصل. ويوجد فيها أكبر مصفاة نفط في العراق المسماة "مصفاة بيجي".

محافظة بابل
بدأت عمليات استعادة القوات الحكومية والمليشيات سيطرتها على مناطق ضمها "داعش" لنفوذه في محافظة بابل (100 كيلومتر جنوب بغداد)، بدءاً من مناطق وقرى تابعة لناحية جرف الصخر، التي سيطر عليها التنظيم في يونيو/حزيران 2014. وانطلقت منذ سبتمبر/أيلول 2014 معارك استعادة هذه المناطق، بدءاً بأقضية البحيرات والعبد ويس والفاضلية، ثم كامل ناحية جرف الصخر، التي عادت للحكومة العراقية بعد تنفيذ عملية عاشوراء، التي بدأت في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2014. وشاركت في المعركة إلى جانب القوات العراقية، فصائل من كتائب حزب الله ومنظمة بدر وعصائب أهل الحق وسرايا السلام. وجرف الصخر ناحية تبعد حوالي 60 كيلومتراً جنوب غرب بغداد، وتبلغ مساحتها 50 كيلومتراً، ويسكنها نحو 80 ألف نسمة (حسب تقديرات سنة 2003).

محافظة ديالى
انطلقت معارك تحرير المناطق التي سيطر عليها تنظيم "داعش" في محافظة ديالى، ومركزها بعقوبة (60 كيلومتراً شمال شرق بغداد)، بدءاً بقضاء المقدادية في 27 يناير/كانون الثاني 2015. وتعتبر المقدادية التي تبعد نحو 90 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من بغداد، و40 كيلومتراً شمال شرق بعقوبة، أكبر قضاء في ديالى بعد مركز المحافظة. وتمتد على أرض زراعية خصبة، تزيد مساحتها على 200 ألف دونم، وتشتهر بالبساتين، خصوصاً في زراعة النخيل والرمان والبرتقال. بعد ذلك وبتاريخ 1 مايو/أيار 2015، تحررت مدينة بهرز، التي تمتاز بمعالم تاريخية مهمة كجامع أبي الغيث، الذي يضم ضريح النبي دانيال، كذلك جامع بهرز الكبير، الذي بُني إبان حكم العثمانيين.

محافظة الأنبار
في نهاية العام 2015 انطلقت معارك تحرير محافظة الأنبار (100 كيلومتر غرب بغداد)، بتحرير الرمادي مركز المحافظة في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وتُعدّ الأنبار أكبر محافظات العراق مساحة، وتُشكّل ما يعادل ثلث مساحة العراق. تبلغ مساحتها 138.500 كيلومتر مربع، ويبلغ إجمالي عدد سكانها 1.6 مليون نسمة (إحصاء 12 يناير/كانون الثاني 2014). وفي 25 مارس/ آذار الماضي، تم تحرير مدينة كبيسة (80 كيلومتراً عن الرمادي)، وبعدها مدينة هيت في 31 مارس الماضي، التي تقع على الضفة الغربية من نهر الفرات إلى الشمال من مدينة الرمادي بمسافة نحو 70 كيلومتراً. ثم تمّ تحرير مدينة الرطبة في 18 مايو/أيار الماضي، التي تبعد عن مركز المحافظة 310 كيلومترات. وتحدّ الرطبة ثلاث دول هي السعودية والأردن وسورية.

المناطق المحررة من هذه المحافظات، التي باتت تحت سيطرة القوات العراقية والمليشيات تعتبر مراكز مدنية مهمة، وهي تحوي على المئات من القرى، وفي غالبيتها مناطق زراعية شاسعة، وهي أراضٍ منتجة ويعتمد السكان عليها في معيشتهم، وقد سكنوها منذ مئات السنين. لكن سكان هذه المناطق صاروا يعانون من عدم قدرتهم على العودة إلى مناطقهم ودورهم ومصالحهم فيها، بسبب منع المليشيات عودتهم إليها، بداعي خطورتها في بعض المناطق، وفي مناطق أخرى هم مهددون بالقتل إن عادوا، لا سيما أن المليشيات فرضت سيطرتها بالكامل على مناطقهم، وذلك بحسب شهادات النازحين من تلك المناطق لـ"العربي الجديد".



المساهمون