ظريف في بيروت... حجر في مياه انتخابات الرئاسة اللبنانية

13 اغسطس 2015
لم يحمل ظريف مبادرة واضحة (حسين بيضون)
+ الخط -
شغل وزير الخارجيّة الإيراني محمد جواد ظريف اللبنانيين في زيارته السريعة. أقفلت شوارع في قلب العاصمة اللبنانية لتأمين مرور سليم لموكب "الزائر السامي"، الذي اكتفى خلال تصريحاته منذ وصوله إلى المطار حتى لقائه الأخير في وزارة الخارجية بتكرار الدعوة إلى تفاهمات إقليمية ولحوار بين الدول لمواجهة الإرهاب، وقد حدّد له شقين: الإرهاب الصهيوني والإرهاب التكفيري والطائفي.

تؤكّد مصادر سياسيّة لبنانيّة أن زيارة ظريف لم تحمل مبادرة جديدة لجهة الوضع الداخلي اللبناني أو الملف السوري. أصلاً، جدول لقاءاته لم يسمح له طرح أي مبادرة في هذا السياق، فمجمل من التقاهم يدورون في فلك المحور الإيراني، إلا رئيس الحكومة اللبنانيّة تمام سلام، الذي لا يملك قدرة الحلّ والعقد في الحكومة فكيف في ملفات كرئاسة الجمهوريّة.

وتشير مصادر فلسطينيّة التقت بظريف إلى أن الزيارة تأتي في سياق جولة بروتوكوليّة يقوم بها رئيس الدبلوماسية الإيرانية لشرح الاتفاق النووي وتأكيد أنه فرصة لتلاقي دول المنطقة وفتح صفحة جديدة للعلاقة بين هذه الدول في سبيل تعزيز فرص السلام في المنطقة.

إذاً، لا مبادرة يحملها ظريف في زيارته اللبنانيّة. لكن مصادر نيابيّة قريبة من رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري نقلت عنه قوله إن هناك مؤشرات لحراك دولي، إيران جزء منه، يسعى لإيجاد حلول للمشاكل اللبنانيّة المتراكمة. وبحسب هذه المصادر، فإن ظريف لا يحمل مبادرة واضحة لها بنود واضحة، بل أراد إبلاغ جميع من التقاهم أن بلاده ترغب في أن يكون لبنان من أولى الدول التي تترجم فيها تفاهمات المنطقة، وهو الذي دعا اللاعبين الدوليين للامتناع عن عرقلة الوصول إلى حلول.

اقرأ أيضاً: عون يبحث عن الطريق إلى التصعيد

وتتقاطع هذه المصادر، مع مصادر أخرى قريبة من السفارة الأميركيّة، تُشير إلى أن هناك بداية جدية للنقاش حول الأسماء التي يُمكن أن يُتّفق على تولّي أحدها رئاسة الجمهوريّة. وبحسب هذه المصادر، فإن البحث في الأسماء تجاوز حكماً اسمي رئيس التيار الوطني الحرّ ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. وتقول مصادر سياسيّة لبنانيّة، إن أحد الأسباب التي دفعت بري إلى شنّ هجوم شرس على عون، هو قناعته بضرورة تحييد عون نهائياً عن معركة رئاسة الجمهوريّة، ولذلك فإن أفضل وسيلة لإقناع عون بأن حظوظه في الرئاسة انتهت وأن عليه القبول بمرشح آخر هو شن هذا الهجوم عليه.

ويلفت أحد السياسيين اللبنانيين ممّن لديهم علاقة جيدة بالأوساط الدبلوماسية الغربية، إلى أن هناك قلقاً غربياً من إمكانية انهيار الوضع اللبناني بالكامل. ويستدرك هذا السياسي بالإشارة إلى أن لبنان ليس أولويّة لدى الغرب حالياً، لكن هناك توقعاً لدى الدوائر الغربية بحصول تطورات دراماتيكيّة في الوضع السوري، ما سيترك انعكاسات كبيرة على لبنان إنْ لجهة الوضع الإنساني واستقبال النازحين، أو لجهة الوضع الأمني، خصوصاً على الحدود الشمالية للبنان، حيث يُعتبر الوصول إلى شواطئ المتوسط هدفاً لـ"داعش". وهنا تجدر الإشارة إلى أن الجيش اللبناني يُعزز منذ فترة مواقعه على الحدود الشمالية، ويزودها بكميات كبيرة من الذخائر وأسلحة جديدة، تخوفاً من محاولات تسلل من قبل "داعش" الذي بات قريباً من الحدود اللبنانيّة، بعد سيطرته على بلدة القريتين في ضواحي حمص الشرقية.

ويُكمل هذا السياسي بالإشارة إلى أن منع التدهور في لبنان كانعكاس للوضع السوري، لا يكون بانتخاب الرئيس فقط، بل عبر سلسلة تفاهمات سيتوّجها انتخاب الرئيس. وتُشير مصادر في أحد الأحزاب المسيحية إلى أن الخوف الغربي من الانهيار بات مرتبطاً بتسارع مؤشرات الانهيار الداخلي اللبناني. وتُكرر هذه المصادر ما تقوله دائماً، بأن الاهتمام الغربي بلبنان سببه أمر واحد: وجود نحو مليوني سوري بين عامل ونازح فيه. وبرأي هذه المصادر، فإن أي انهيار للوضع اللبناني سيدفع هؤلاء باتجاه البحر المتوسط لينضموا إلى آلاف النازحين الذين سبقوهم، وبذلك يتحوّلون إلى مشكلة أوروبية مباشرة.

وبدأ المتفائلون بقرب التوافق على الرئيس العتيد النقاش بالأسماء المقبولة محلياً ودولياً. قد يكون هذا النقاش مبالغاً به حالياً، لكن الأكيد أن هناك مؤشرات تبدو أكثر جدية من أي وقت آخر. وسبق لثعلبي السياسة اللبنانيّة، نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، أن أشارا لهذا الأمر بوضوح. فبري قال فور توقيع الاتفاق النووي إن هذا الأمر سينعكس إيجاباً على انتخاب الرئيس اللبناني، فيما قال جنبلاط إنه إذا كان هناك حسن نية إيرانية فسينعكس ذلك تسهيلاً لانتخاب رئيس توافقي. كما أنّ بري يقول اليوم، إن الزيارة الإيرانية تأتي في سياق جهود دوليّة لوضع انتخاب رئيس الجمهوريّة على مسار الحلّ.

اقرأ أيضاً: تمايز بري عن حزب الله: توزيع أدوار أم اختلاف؟

المساهمون