غموض يلفّ حادثة استهداف قاعدة عين الأسد غربي العراق: رسائل ضغط؟

18 يوليو 2024
جنود أميركيون في قاعدة عين الأسد يجمعون مخلفات هجوم سابق، 13 يناير 2020 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **الهجوم على قاعدة عين الأسد**: تعرضت القاعدة لهجوم بطائرتين مسيّرتين ملغومتين، وأسقطت أنظمة الدفاع الجوي إحدى الطائرات دون وقوع إصابات مؤكدة.

- **التوتر بين الفصائل المسلحة والوجود الأميركي**: الفصائل العراقية المسلحة قد تعود للتصعيد بعد الهجوم، خاصة مع عدم تحقيق نتائج ملموسة في المفاوضات مع واشنطن واستمرار الدعم الأميركي لإسرائيل.

- **الرسائل السياسية والتعامل الحكومي**: الهجوم يُعتبر رسالة ضغط على الحكومة العراقية لمعاودة التفاوض مع الأميركيين، بينما تحاول الحكومة تحقيق توازن بين المصالح العراقية والضغوط الداخلية والخارجية.

رغم مرور يومين على تقارير إعلامية أفادت بتعرض قاعدة عين الأسد العسكرية التي توجد بها قوات أميركية غربي العراق، لهجوم بطائرتين مسيّرتين، لم تتطرق السلطات العراقية أو الجانب الأميركي رسمياً للحادث، سواء بتأكيد وقوعه أو نفيه، فيما تظل الإجراءات الأمنية التي تتخذها القوات العراقية حول القاعدة، الواقعة أقصى غربي الأنبار، المؤشر الوحيد على وقوع حادث أمني. ومساء الثلاثاء الماضي، قال مسؤولان عراقيان لوكالة "رويترز" إن طائرتين مسيّرتين ملغومتين استهدفتا قاعدة عين الأسد الجوية التي تستضيف قوات أميركية ودولية. وقال مسؤول عسكري عراقي إن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت طائرة مسيّرة بالقرب من محيط القاعدة، مؤكدا أنه "لم ترد تقارير عن وقوع إصابات".

كما نقلت منصات مرتبطة بفصائل عراقية مسلحة الخبر ذاته دون أن تورد أي تفاصيل جديدة حوله. ويتم التعامل مع الحادث عراقياً بتوجّس كبير، إذ إن الهجوم الذي استهدف القاعدة بواسطة طائرتين مسيّرتين ينطوي على مخاوف من فضّ الفصائل العراقية المسلحة تهدئتها التي بدأتها منذ مطلع فبراير/ شباط الماضي، خاصة بعد عدم تحقيق أي نتائج ملموسة بالنسبة لها، في ما يتعلق بمفاوضات الحكومة العراقية مع واشنطن الرامية لإنهاء الوجود الأميركي في البلاد.

ومطلع فبراير، دخلت فصائل "المقاومة العراقية" هدنة مع الجانب الأميركي إثر تصعيد عسكري بين الجانبين، عقب اغتيال القيادي في كتائب "حزب الله العراقية" أبو باقر الساعدي، وتبنى البنتاغون رسميا المسؤولية عن العملية. ولم تنفذ الفصائل أي عملية ضد المصالح الأميركية في البلاد، منذ تلك الفترة، على الرغم من استمرار نشاط الطيران الأميركي المسيّر في الأجواء العراقية، خاصة في بغداد والأنبار وإقليم كردستان العراق.

لا تعليق بشأن حادثة عين الأسد

وإلى غاية منتصف يوم الخميس، لم يصدر عن القيادة المركزية الأميركية أو التحالف الدولي أي تعليق رسمي بشأن الهجوم الجديد على قاعدة عين الأسد، رغم مرور يومين من تسجيل الحادثة، كما لم تُعلق السلطات الأمنية العراقية على الهجوم، سواء بتأكيد وقوعه أو نفيه. غير أن مسؤولاً أمنياً في بلدة البغدادي التي تقع فيها قاعدة عين الأسد قال لـ"العربي الجديد" إنهم سمعوا مساء الثلاثاء دوي تفجير ليس بالقوي آتٍ من القاعدة، دون أن يعرفوا مصدره أو سببه.

وأضاف المصدر، شريطة عدم ذكر اسمه: "بالعادة هناك تدريبات بالذخيرة الحية، وهناك تفجير لمخلفات داعش، لذا نبقى ننتظر الموقف من القيادة المسؤولة عن القاعدة، ولم يرد لنا شيء بخصوص ذلك، وهذا ما يجعل من الصعوبة النفي أو تأكيد الهجوم المزعوم على القاعدة"، مؤكدا أن "إجراءات أمنية بمحيط القاعدة موجودة منذ شهور طويلة، لكن الجديد منذ الثلاثاء هو الطيران المسيّر المخصص للمراقبة التابع للجيش الأميركي في سماء المنطقة".

من جهة أخرى، أكد علي الفتلاوي، القيادي في جماعة "أنصار الله الأوفياء"، وهي جزء من الفصائل التي تطلق على نفسها "تنسيقية المقاومة الإسلامية العراقية"، "عودة الهجمات" ضد القواعد الأميركية. وقال في تصريحات للصحافيين، في بغداد أمس الأربعاء، إن "فصائل المقاومة العراقية أعطت فترة 4 أشهر لوقف عملياتها ضد الأميركيين في العراق، من أجل إعطاء الضوء الأخضر للحكومة العراقية للتفاوض مع الإدارة الأميركية لإخراج قواتها المحتلة، لكن الاحتلال يماطل ويسوف في خروجه وفق المطالبات العراقية الحكومية والبرلمانية والشعبية، بالتالي لكل فعل رد فعل، إضافة الى استمرار الدعم الأميركي للكيان الصهيوني في حربه ضد غزة"، وفقا لقوله.

وشدد الفتلاوي على أن "العمليات العسكرية ضد الوجود الأميركي عادت، وهذا يعني استئناف الهجمات ضد هذا الاحتلال"، محذرا من أن "أي رد من الأميركيين على عمليات فصائل المقاومة العراقية، سيقابله تصعيد في العمليات ضد الأهداف والمصالح الأميركية في العراق".

رسائل سياسية

الخبير في الشأن العراقي أحمد النعيمي اعتبر الحادثة "مجرد رسائل ضغط على الحكومة لمعاودة إدارة عجلة التفاوض مع الأميركيين"، واصفا الهجوم بأنه "مجرد تذكير من الفصائل المسلحة". وأضاف النعيمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تدير الملف المتعلق بالوجود الأميركي من خلال تغليب المصلحة العراقية قبل أي مصلحة أو حساب آخر سياسي أو إقليمي، وهذا ما ينبغي الثناء عليه".

واعتبر عدم تبني أي فصيل للعملية يعني أن "الهجوم كان للضغط الداخلي على الحكومة التي حققت تقدماً أمنياً واستقراراً واضحاً في مختلف المدن العراقية بالفترة الأخيرة"، مشددا على أن عدم نفي السلطات العراقية وقوع الهجوم أو تأكيده "استراتيجية لتخطي الحادث وعدم التوقف عنده، لكن بالمقابل، فإن جهود التهدئة غير المعلنة تتواصل".

بدوره، علّق الخبير بالشأن الأمني العراقي، مجاهد الصميدعي، على حادثة عين الأسد بالقول إن "تصعيد وتهدئة الجماعات المسلحة هما محاولة ضغط لتحقيق نتائج معينة"، مضيفا أن "الحكومة تحاول مسك العصا من الوسط في التعامل مع الجماعات المسلحة، ومع الولايات المتحدة الأميركية".

والشهر الماضي، عقدت "تنسيقية المقاومة العراقية"، التي تضم عدداً من الفصائل المسلحة الحليفة لإيران، اجتماعا وصفته في بيان مشترك لها بأنه "استثنائي"، وقالت إنه جاء لبحث ملف الوجود الأميركي بالعراق، مؤكدة قدرتها على إنهاء الوجود "بكل السبل". وكانت حركة النجباء العراقية (وهي جزء من "المقاومة") قد أكدت في حينه أن "ضغوطا مجتمعية وسياسية ودينية" دفعت باتجاه ما أسمتها بـ"التهدئة" مع واشنطن، لإفساح المجال "أمام الحكومة العراقية لتأخذ بزمام المبادرة باتجاه وضع حلول لإنهاء وجود التحالف الدولي في البلاد". وتنتظر قيادات الفصائل المسلحة نتائج عمل اللجنة العسكرية العراقية الأميركية، التي يقع على عاتقها تقييم الوضع الميداني في العراق وخطر تنظيم "داعش"، وتحديد موعد لإنهاء وجود التحالف الدولي.