دعم أميركي يعزز التقدّم العراقي في الرمادي

27 ديسمبر 2015
"داعش" يزج بانتحاريين لوقف التقدّم العراقي (سليمان قبيسي/الأناضول)
+ الخط -

 


تتواصل المعارك على أشدها في مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار غربي العراق، في الوقت الذي لا يبدو فيه أن هناك خياراً لمقاتلي "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش) سوى القتال، مع إحكام الحصار على المدينة من اتجاهاتها الأربعة، ومشاركة فاعلة للطيران الأميركي في المعركة عبر ضربات جوية، ومستشارين من قوات المارينز الذين يتحملون مسؤولية رسم خطط المعركة وتحركات القوات العراقية. وبدا التواجد الأميركي كقوات ظل تقود المعركة بكل تفاصيلها لكن بشكل غير معلن، إذ تسعى الحكومة العراقية لتجيير الانتصار المتوقع لصالح قواتها والعشائر، في حين أقصيت مليشيات "الحشد الشعبي" عن المدينة لحساسيتها والمخاوف من تكرار سيناريو تكريت السابق.

وأعلنت قيادة عمليات الجيش العراقي في محافظة الأنبار أمس السبت، تحرير مناطق جديدة من سيطرة "داعش" في مدينة الرمادي، فيما أكد زعيم قبلي محلي أن القوات العراقية المشتركة فرضت سيطرتها على 40 في المائة من المدينة، مشيراً إلى محاولة التنظيم عرقلة تقدّم القوات الأمنية من خلال زج انتحاريين في العمليات.

وقال قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي إن القوات المشتركة سيطرت على منطقة الزوية وأجزاء من الحوز وشارع المعارض شمالي مدينة الرمادي، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد" إلى وجود عدد كبير من العبوات الناسفة التي أخّرت تقدّم القوات الأمنية، لافتاً إلى قيام الفرق الهندسية في وزارة الدفاع بإزالة العبوات الناسفة المزروعة في الطرق الرئيسية وقرب المنازل في وسط المدينة.

وأوضح المحلاوي أن تحرير الزوية أدى إلى سيطرة القوات العراقية بشكل كامل على المنطقة الواقعة بين قيادة عمليات الأنبار وجسر البوفراج شمالي الرمادي، مؤكداً اشتراك طيران التحالف الدولي في عمليات تحرير المدينة.

اقرأ أيضاً: معارك الرمادي... نازحون يترقبون العودة

في سياق متصل، أكد المتحدث باسم مكتب شؤون العشائر في محافظة الأنبار سفيان العيثاوي، سيطرة القوات العراقية على نحو 40 في المائة من مدينة الرمادي، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تنظيم "داعش" لا يزال يسيطر على الأجزاء الجنوبية والوسطى بما فيها المجمع الحكومي.

وأشار العيثاوي إلى تدمير القوات الأمنية شبكة من الأنفاق التي تربط مدينة الرمادي بقرية البوغانم شمالي المدينة، مبيناً أن تنظيم "داعش" لا يزال يسيطر على قرى مهمة أخرى محيطة بالمدينة، كالسجارية والصوفية والبوعيثة والبوبالي. وكشف أن "التنظيم يحاول عرقلة تقدم القوات الأمنية من خلال زج عدد من الانتحاريين لمواجهة القطعات المتقدّمة"، لافتاً إلى مغادرة عدد من عناصر "داعش" مدينة الرمادي إلى مدن أخرى بعد عبورهم نهر الفرات من الجهة الشمالية.

من جهته، أعلن القيادي في قوة العشائر المتصدية لـ"داعش" عمار الفهداوي، أن قوة من الجيش العراقي وأفواج طوارئ الشرطة ومسلحي العشائر تمكّنت من دخول أطراف منطقة الحوز وسط الرمادي التي تضم المجمّع الحكومي الذي لا يزال تحت سيطرة تنظيم "داعش"، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد" إلى وقوع معارك عنيفة مع التنظيم استُخدمت فيها مختلف الأسلحة. ولفت إلى أن "القوات المشتركة فتحت جبهة جديدة ضد الإرهابيين المتحصنين وسط الرمادي من الجهة الشمالية"، مؤكداً دخول قوة عسكرية مساندة انطلاقاً من جسر البوفراج شمالي المدينة لمساعدة القطعات العسكرية في خطوط المواجهة الأمامية مع التنظيم. وأبدى الفهداوي قلقه على مصير المدنيين المحاصرين وسط الرمادي، مشيراً إلى منع "داعش" أي مدني من مغادرة المناطق التي يسيطر عليها.

فيما دعا المتحدث باسم التحالف الدولي ستيف وارن إلى التسامح مع المدنيين الذين قد يقعون ضحايا خلال العمليات العسكرية التي تخوضها القوات العراقية ضد تنظيم "داعش"، مضيفاً في تصريح صحافي: "لا أحد يحب الحرب لأنها تحمل الكوارث، وعلينا البحث عن طريقة تحقق الفاعلية العسكرية ومدى الضرر الذي يمكن تحمّله". وأكد وارن أن الضغط الذي تعرّض له تنظيم "داعش" على الأرض من الجيش العراقي والجماعات الساندة، أدى إلى كشف عناصر التنظيم أمام طائرات التحالف، مشيراً إلى أن كشفهم يمنح طيران التحالف فرصة أكبر لتوجيه ضربات مدمّرة لهم.

في غضون ذلك، يوضح المحلل السياسي، حسان العيداني، في حديث لـ"العربي الجديد" أهم أسباب التقدم السريع الذي تحققه القوات العراقية في معركة الرمادي، مشيراً إلى أهمية مشاركة العشائر المحلية بشكل فاعل في المعارك، والاستفادة من خبراتهم القتالية السابقة ضد تنظيم القاعدة عامي (2006 – 2007) وتوظيفها في قتال تنظيم "داعش". كما يتوقف عند دور طيران التحالف الدولي بشكل مكثّف في عملية تحرير الرمادي، ودورها في قطع جميع خطوط الإمداد عن التنظيم. كذلك يشير العيداني إلى الدور الفاعل للسكان المحليين الذين رحبوا بالقوات العراقية ومسلحي العشائر، مؤكداً وجود تعاون واضح بين أهالي الرمادي والقوات العراقية، وهو ما أدى إلى عزل تنظيم "داعش" في أماكن محددة سهّلت استهدافه من قبل طيران التحالف. ويلفت المحلل السياسي العراقي إلى أن إقصاء مليشيات الحشد الشعبي عن معركة الرمادي بعث برسالة اطمئنان إلى السكان المحليين والقوى السياسية والعشائرية دفعتهم لبذل جميع الجهود الممكنة للإسراع في عملية التحرير، موضحاً أن النصر في الرمادي سيكون مفتاحاً لتحقيق انتصارات عسكرية أخرى على تنظيم "داعش" في مدن أخرى.

اقرأ أيضاً: "داعش" يهاجم عامرية الفلوجة لتخفيف زخم معركة الرمادي

المساهمون