العراق: تصعيد المليشيات ينبئ بمعركة بين المعسكرَين الدولي والرباعي

02 ديسمبر 2015
يحاول "الحشد" التفرّد بالملف الأمني في العراق(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تلوّح قيادات في مليشيا "الحشد الشعبي" بالمواجهة المباشرة مع القوات الأميركية الموجودة في العراق، في حال أصرّت واشنطن على تشكيل قوة لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، رافضة زيادة الدعم الغربي للعشائر التي تقاتل التنظيم، فيما توعّد سياسيون بمحاربة أية قوة أجنبية تدخل البلاد.

ويقول مصدر حكومي مطلع لـ"العربي الجديد"، إنّ عدداً من قيادات "الحشد" أبلغوا رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، رفضهم القاطع لأي وجود برّي أميركي في العراق، مهدّدين برفع السلاح بشكل مباشر بوجه أية قوة أجنبية تشترك في معركتَي تحرير محافظة الأنبار (غرباً)، ومدينة الموصل (شمالاً).

ويشير المصدر الحكومي إلى تهديد سياسيين وبرلمانيين مؤيدين لمطالب "الحشد"، بإثارة عدد من الملفات المتعلقة بحكومة العبادي، في حال موافقته على رفع مستوى الدعم الغربي للعشائر التي تخوض معارك شرسة لتحرير مدنها ومناطقها من سيطرة تنظيم "داعش"، رافضين تحرير أية منطقة من دون مشاركة مباشرة من "الحشد".

ويضيف المصدر ذاته، أنّ المعترضين على الوجود الأميركي في العراق، لوّحوا باللجوء إلى التحالف الرباعي (روسيا، وإيران، وسورية، والعراق) والاستعانة بقوات إيرانية وروسية، في حال أصرّت الحكومة على توسيع التعاون العسكري مع واشنطن، معبّرين عن استيائهم من الزيارات المتكررة للمسؤولين الأميركيين للبلاد.

وجاء ذلك بعد لقاء العبادي بوفد أميركي برئاسة رئيس لجنة القوات المسلحة في الكونغرس، جون ماكين، لبحث الاستعدادات الجارية لإكمال تحرير محافظة الأنبار، واتفاق الجانبين على تكثيف طيران التحالف الدولي للضربات الجوية، وزيادة التنسيق مع القوات العراقية لتحقيق النصر، وحسم المعركة بأسرع وقت ممكن، وتوسيع الدور العسكري الأميركي في العراق لحسم معركة الأنبار.

وفي سياق متصل، توعّد رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، حاكم الزاملي، بمحاربة أية قوة غربية أو إسلامية تدخل العراق لقتال تنظيم "داعش"، رافضاً في بيان له، دعوة ماكين لتشكيل قوة تحارب التنظيم. وأوضح الزاملي، أخيراً، أنّ العراق يمتلك قدرات بشرية كبيرة متمثلة بالجيش العراقي، والشرطة، ومليشيا "الحشد الشعبي"، والسرايا والمتطوعين، مؤكداً عدم الحاجة لوجود تدخل أجنبي يقاتل بالنيابة عن العراقيين.

اقرأ أيضاً: خلافات عراقية - أميركية تؤخّر تحرير الأنبار

وحذّر النائب الزاملي من "مخطط خبيث يُراد منه زرع الفتنة بين أبناء الشعب العراقي من خلال تشجيع المتطرفين على القدوم إلى العراق لدعم التطرف"، مبيّناً أنّ العراقيين يحققون انتصارات على الإرهابيين في قواطع العمليات. ويُعدّ الزاملي من قياديي مليشيا "سرايا السلام" التي تعمل ضمن "هيئة الحشد الشعبي"، التي تشكّلت بموجب فتوى المرجع الديني علي السيستاني منتصف العام الماضي، واتُّهمت بارتكاب انتهاكات بحق مدنيين عراقيين.

بدوره، رفض رئيس مليشيا "بدر"، التي تعمل ضمن قوات "الحشد"، هادي العامري، أي وجود أميركي أو أجنبي في العراق، مبيّناً أنّ العراقيين و"الحشد" لن يسمحوا للاحتلال الأميركي بالعودة. وأكّد العامري في حديث صحافي، "رفضنا لمقترحات إرسال قوات برية أجنبية إلى العراق"، متسائلاً عن أهمية وجود أكثر من 5000 مستشار أميركي في البلاد، مشيراً إلى عدم وجود جديّة أميركية في قتال "داعش"، ومبيّناً أنّ واشنطن تحاول احتواء التنظيم في العراق وسورية وليس القضاء عليه بشكل نهائي.

وتداولت وسائل إعلام محلية تصريحات لماكين يدعو فيها إلى نشر قوات بريّة أميركية في العراق وسورية لقتال التنظيم. وتشير تهديدات "الحشد الشعبي" للوجود الأجنبي في العراق، حتى وإنْ كان بهدف قتال "داعش"، إلى مواجهة مرتقبة بين القوات الدولية والمليشيات قد تشهدها البلاد خلال الأسابيع المقبلة، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، حسان العيداني، الذي يؤكّد لـ"العربي الجديد"، أنّ الحرب في العراق ابتعدت عن شعار "قتال داعش" الذي ترفعه جميع الأطراف، لافتاً إلى أنّ المعركة تدور اليوم بين معسكرَين: الأميركي المتمثل بالتحالف الدولي، والروسي المتمثّل بالتحالف الرباعي.

ويحذّر العيداني من استمرار الحكومة العراقية بموقفها المتردد، مؤكداً أنها (الحكومة) تعلن أحياناً أنّها جزء لا يتجزأ من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، وتشير في أحيان أخرى إلى انضمامها للتحالف الرباعي، مبيّناً أنّ مليشيا "الحشد" تحاول الانفراد بإدارة الملف الأمني في جميع المدن، ولافتاً إلى عرقلة الأخيرة مشروع الحرس الوطني بضغوط من قياداتها وممثليهم في البرلمان.

ويوضح الخبير السياسي أنّ "جميع محاولات تسليح العشائر التي تقاتل التنظيم في الأنبار باءت بالفشل، لإرغام سكان المحافظة ومسؤوليها على طلب مساعدة المليشيات"، مشيراً إلى وجود إصرار على عدم تحرير أية منطقة من سيطرة التنظيم من دون مشاركة "الحشد".

اقرأ أيضاً: موازنة غير مسبوقة لـ"الحشد" تؤجج الأزمة السياسية في العراق

المساهمون