فشل مشروع نتنياهو الديمغرافي: تراجع نسبة المستوطنين في الضفّة

22 نوفمبر 2015
تبلغ نسبة الفلسطينيين في الضفة 88 في المائة (Getty)
+ الخط -


على الرغم من الإمكانيات الاقتصادية واللوجستية والأمنية الهائلة التي تستثمرها إسرائيل في دعم بناء المستوطنات، إلّا أنّ المعطيات تدلّ على فشل المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس في تحسين ميزان التوازن الديمغرافي لصالح المستوطنين اليهود. فبحسب حركة "السلام الآن" الإسرائيلية التي تُعنى بمراقبة الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية، فإن نسبة المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة يشكلون 12% من مجمل السكان فيها، إذ تراجع من 15% إلى 12% في حين تبلغ نسبة الفلسطينيين 88 في المائة. وتظهر خارطة نشرتها "الحركة" على حسابها على "تويتر"، أمس الأوّل الجمعة، تراجع نسبة المستوطنين اليهود، إذ إنّ نسبتهم خلال العام 1995 كانت أكثر من 15 في المائة.

من ناحيته، يلفت القائد الأسبق لقوات جيش الاحتلال في قطاع غزة، الجنرال شاؤون أرئيلي، الأنظار إلى أنّ الاستثمار في المشروع الاستيطاني مثّل فشلاً اقتصادياً واجتماعياً لحكومات إسرائيل المتعاقبة. وفي مقال نشرته صحيفة هآرتس، الخميس الماضي، يوضح أرئيلي أن الاستيطان لا يسهم في تقديم أي مردود إيجابي للاقتصاد الإسرائيلي، إذ إنّه لا يستند في بقائه إلى أي من القطاعات الإنتاجية؛ الصناعة، والزراعة، أو حتى البحث العلمي.

ويشير أرئيلي إلى أنّ مستوطنات الضفة تضم فقط منطقتَين صناعيتَين متواضعَتين، يشكّل الفلسطينيون 95 في المائة من القوة العاملة فيها، في حين أن 60 في المائة من المستوطنين يتّجهون إلى العمل داخل إسرائيل. وبحسب أرئيلي، فإنّ أبرز مظاهر الفشل للمشروع الاستيطاني تتمثّل في عجزه عن استقطاب شرائح جديدة من المجتمع الإسرائيلي، إذ إنّ الأغلبية الساحقة من المستوطنين لا يزالون ينتمون للتيار الديني الصهيوني، إذ يفد أتباعه للإقامة في مستوطنات الضفة تحت وطأة تأثير المنطلقات الأيديولوجية والدينية.

وهناك في إسرائيل من بات يربط بين تخلُّف البنى التحتية في إسرائيل وسلّم الأولويات الذي تعتمده الحكومة الحالية والذي يقوم على منح أولوية للاستثمار في الاستيطان. ويشير الكاتب ران إيدليست، إلى أن انقطاع التيار الكهربائي عن عشرات الآلاف من العائلات في إسرائيل، خلال العاصفة التي ضربت المنطقة قبل شهر، كان نتاج عدم استثمار الحكومة في تقوية شبكات الكهرباء والبنى التحتية التي تخدمها، في حين توجّه مليارات الدولارات للاستثمار في دعم المستوطنات.

وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف" في عددها الصادر الثلاثاء الماضي، ينوّه إيدليست إلى أنّ ما يحصل عليه المستوطنون من موازنات، سواء لخدمات التعليم والرفاهية والصحة، يدلّ على مواصلة الحكومة خطها التمييزي لصالحهم. لكن على الرغم من كل ما تُقدّم، فإن حكومة نتنياهو عاقدة العزم على مواصلة دعمها للمشروع الاستيطاني لدواعٍ أيديولوجية بغض النظر عن مظاهر فشله.

اقرأ أيضاً: ملاحظات حول مأزق المشروع الوطني الفلسطيني ومستقبله

وخلافاً لما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، إنّ "ما بنته الحكومة في المستوطنات أقل من سابقاتها من الحكومات"، فإنّ المعطيات تدلّ على واقع مغاير. فبحسب حركة "السلام الآن"، فإنّ متوسط عدد الوحدات السكنية التي بنيت سنوياً خلال السنوات الست الماضية من حكومة نتنياهو بلغت تقريباً 2189 وحدة، وهذا يتجاوز كل معدلات البناء السنوية في الماضي.

وتشير "الحركة" في تقرير نشرته على موقعها عبر الإنترنت، يوم الخميس الماضي، إلى أن 35 في المائة من البناء يتركّز في مناطق يشكل البناء فيها عائقاً أمام أية تسوية للصراع مع الفلسطينيين، مثل محيط القدس، والمناطق المتاخمة لخط الفصل. وتلفت "الحركة" إلى أنّ عدد مناقصات البناء التي صدرت سنوياً خلال السنوات الست السابقة من عهد نتنياهو بلغت 2283 مناقصة، مقابل 1346 في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت.

وتنوّه "الحركة" بأن نتنياهو تحديداً، كان أول رئيس وزراء يصدر تعليماته لبناء مستوطنات جديدة منذ العام 1992، إذ بنى خلال عهد حكومته الحالية والسابقة 20 مستوطنة، مشيرة إلى أنّ 17 منها دشنت من خلال تبييض النقاط الاستيطانية التي أقامها المستوطنون من دون إذن الحكومة وسلطات الجيش وتحويلها إلى مستوطنات "شرعية".

ويوضح التقرير ذاته، أنّ حكومة نتنياهو صادرت أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية الخاصة، إذ تبلغ المساحة التي تُصادر كل عام 6000 دونم، من دون الأخذ بالاعتبار المساحات الكبيرة التي تُصادَر لأغراض عسكرية ويتم تحويلها في كثير من الأحيان لاستخدام المستوطنات. وتشدّد "الحركة" في تقريرها، على أن أخطر إسهامات نتنياهو في المشروع الاستيطاني تتمثّل في تعمّده جلب المستوطنين للإقامة داخل الأحياء اليهودية في قلب القدس الشرقية، لا سيما في سلوان، ورأس العامود وغيرها، ما زاد عددهم بنسبة 30 في المائة على عدد هؤلاء المستوطنين. وتؤكد "الحركة" أن حكومة نتنياهو كانت الأولى التي تقيم مستوطنة جديدة في قلب مدينة الخليل منذ العام 1980.

اقرأ أيضاً: الاحتلال يتراجع عن بناء 21 وحدة استيطانية في القدس