الأردن: صفقة الغاز الإسرائيلية تهدّد حكومة النسور مجدّداً

16 ديسمبر 2014
النواب يتهمون الحكومة بوضعهم في مواجهة الملك(خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
فجّرت صفقة الغاز الإسرائيلي مع الأردن، أزمة سياسية بين الحكومة ومجلس النواب في عمّان، تجلّت ملامحها الأسبوع الماضي، بتوصية نيابية غير ملزمة للحكومة بعدم توقيع الصفقة التي يجري التفاوض على إتمامها، ثم تطوّر الوضع إلى تحرك نيابي، مساء الأحد الماضي، لإسقاط حكومة عبد الله النسور، ثمناً للصفقة أو ثمناً لدفاعه عنها بطريقة وضعت النواب في مواجهة الملك.

واتهم بعض النواب الذين كالوا الصفقة شتماً ونقداً، خلال جلستي مناقشة، عقدت يومي الثلاثاء والأربعاء، من الأسبوع الماضي، قبل أن يوصوا الحكومة بعدم توقيعها، "جهات" لم يسمّوها بالوقوف خلف الصفقة، ما اعتبره رئيس الوزراء مساً برموز الوطن، في إشارة منه إلى الملك عبد الله الثاني، من دون ذكره.

اتهامات رئيس الوزراء التي تضع النواب في مواجهة مع الملك، لم ترق لأعضاء المجلس، كما لم يرق لهم ضرب الحكومة بتوصيتهم عرض الحائط، عندما أعلنت على لسان وزير ماليتها أمية طوقان، بعد يوم من التوصية النيابية، أنّها ماضية في إتمام الصفقة. فما كان من النائب أمجد المجالي إلا أن اعتلى منصة المجلس بشكل مباغت، مساء الأحد الماضي، للردّ على الحكومة واتهاماتها.


وحاولت رئاسة المجلس منع النائب المحسوب على صفوف المعارضة، من مواصلة كلامه، وهو يدافع عن علاقة المجلس مع الملك، رافضاً اتهامات رئيس الوزراء، ومهاجماً النهج الاقتصادي لحكومته، وذلك عبر إطفاء المايكروفون له، وعندما عجزت عن ذلك قررت رفع الجلسة بعد أقل من عشر دقائق على افتتاحها.

لكن المجالي لم يهدأ وواصل خطابه، وشعر النواب المعارضون للحكومة بالغضب من تصرف رئاسة مجلسهم المنحازة للحكومة، فصعّدوا تحركهم بالتوقيع على مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة، تعبيراً عن رفضهم صفقة الغاز، وقناعتهم بأن حكومة بلادهم استنفدت أسباب وجودها، وباتت عاجزة عن إدارة شؤون البلاد والعباد.

واستندت مذكرة حجب الثقة التي وقعت في ثورة الغضب النيابي، إلى المادة 53 من الدستور الأردني، التي تنص على عقد جلسة الثقة بالوزارة أو بأي وزير منها، بناء على طلب رئيس الوزراء، أو بناء على طلب موقّع من عدد لا يقل عن عشرة أعضاء من مجلس النواب.
ويرتقب بعد تفعيل المذكرة عبر تسجيلها رسميّاً في الأمانة العامة للمجلس، أن تسير في قنواتها الدستورية، وهو إن تم، فستكون المرة الثانية التي يحاول فيها مجلس النواب إسقاط حكومة النسور خلال عام واحد، كما ستكون إسرائيل المسبب للمرة الثانية في محاولة النواب إسقاط حكومة بلادهم.

وكان النواب قد فشلوا في 18 مارس/آذار الماضي، في إسقاط حكومة النسور، بعدما قرروا طرح الثقة فيها، لعدم تنفيذها توصياته غير الملزمة التي اتخذها رداً على اغتيال إسرائيل القاضي الأردني رائد زعيتر، أثناء توجهه إلى مدينة نابلس في الضفة الغربية بتاريخ 10 مارس.
 يومها، صوّت النواب بالإجماع على جملة من القرارات غير الملزمة للحكومة، من بينها طرد السفير الإسرائيلي من عمّان، واستدعاء السفير الأردني من تل أبيب، والعمل على إلغاء معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية (وادي عربة)، رداً على اغتيال القاضي. وذهب النواب بعدها إلى اختبار حجب الثقة، غير أنهم فشلوا فيه، وانتصرت الحكومة بالحصول على ثقة مجانية جديدة. ويجد النواب أنفسهم اليوم أمام الاختيار نفسه، في حال قرروا تسجيل مذكرتهم رسميّاً.

ويتوقع أن تنطلق محاولات حثيثة في البداية، لثنيهم عن تسجيل المذكرة، كي لا ترتفع حدة التوتر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، من جهة، في وقت يعرض على المجلس جملة من القوانين المهمة، وفي مقدّمها مشروع قانون موازنة المملكة، وكي لا تتكرر تجربة فشل النواب حال وصلوا إلى جلسة حجب الثقة، فيخفقون وتنتصر الحكومة مجدّداً، من جهة ثانية.

ويحتاج إسقاط الحكومة، حسب الدستور الأردني، إلى حجب 76 نائباً، للثقة من أصل 150 نائباً عدد أعضاء مجلس النواب، وهو الرقم الذي يبدو تأمينه مستحيلاً في المجلس الذي يتمتع فيه رئيس الوزراء بنفوذ واسع، ما يرجح إحباط المحاولة التي تقترب من اعتبارها مغامرة.
المساهمون