حلّ اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، هذا العام، مع تزايد بعض التصريحات العربية حول فلسطين، التي تشبه "مبارزة لرفع سقف تسويق المقايضة"، والتي تبدو متجهة لمزيد من التصاعد، في سياق التملّق لطلب دعم اللوبيات بهدف إعادة تدوير الرواية الصهيونية المشروخة عن فلسطين. القصة ليست فقط في ركاكة "الحجج" للرواية المروّجة، ولا في الرد المقابل عن التاريخ والجغرافيا وبُنى الدول الحديثة، ولا عما إذا كانت فلسطين دولة مستقلة قبل إنشاء دولة الاحتلال الإسرائيلي. فالخوض في مسألتي "السيادة والاستقلال" على هذا المنوال من سطحية الحقوق، لا يشبه حتى حجج حركة "ناطوري كارتا" اليهودية في نفي أحقية "وجود إسرائيل"، على الأقل دينياً.
المُلاحظ أنه بهدف تسويق الرواية الصهيونية عربياً عن فلسطين، خلال الأعوام القليلة الماضية، يستخدم البعض لغة وحججاً أقلع عنها الكثير من المؤيدين الغربيين للصهيونية. أما تلقف دولة الاحتلال سريعاً لكل حديث وفعل في هذا السياق، مهما كان بسيطاً لدى البعض، فيشير بوضوح إلى مسرح معدٍ بإتقان لعرض "التهافت الوظيفي" لإقناع الجمهور بضرورة "التحالف". ويمكن طرح أسئلة كثيرة، ومنها عما يُسمى "معسكر السلام الصهيوني"، فهل خرج منهم من يعتمد منحى مروجي "عظمة إسرائيل"؟
التاريخ ليس ببعيد جداً، والأسوأ محاولة إقناع المتلقي بأحقية مبررات صهيونية غارقة برواية "وعد الرب"، مقابل منع الآخر من أن تكون له روايته. هل يكفي أن يعاد تدوير هذه الرواية لإثبات ما لم تثبته كل حفريات الاحتلال في القدس المحتلة؟
حين تصبح مهمة ترويج الرواية الصهيونية مكشوفة بتدافع تسويقي، عبر أكثر من حادثة ومكان، فلا بد من فهم حالة الدهشة عند المكتشفين لتطابق بؤس تسويق الرواية في سياق السؤال التاريخي عن المسؤولية الرسمية والنخبوية العربية عما جرى في فلسطين بشعار تشويهي "باعوا أرضهم". وهو أمر حطمت أركانه جهود عربية تأريخية وحضارية لإثبات المثبت في عدالة القضية. يمكن القول اختصاراً إن مشهد بؤس الشتات والمخيمات، واقتلاع شعب بالمجازر، لإحلال مستوردين بدلاً منه، لن ينتقص من عدالة القضية، مهما تكاثر البائعون الحقيقيون.