- تواجه المليشيات الإيرانية في سورية تحديات داخلية تشمل خلافات بين قياداتها ورفض شعبي، مع مطالبات بتحل القوات الروسية محلها في دير الزور بسبب التجاوزات ضد الأهالي.
- يشير الباحث عمار فرهود إلى أن العراق وسورية واليمن تعمل كمنصات لتبادل الرسائل بين الإيرانيين والأميركيين، مع تجنب الصدام المباشر وربط القرارات الاستراتيجية للمليشيات بإيران.
مر قرابة الشهر على إيقاف المليشيات الإيرانية لاستهدافاتها للقوات والقواعد الأميركية في سورية والعراق، بعد أن كانت قد كثفتها في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويأتي هذا التوقف عقب تصعيد أميركي ضد تلك المليشيات، لا سيما في سورية والعراق، في أعقاب مقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة نحو 35 آخرين في استهداف المليشيات لقاعدة أميركية داخل الأراضي الأردنية عند الحدود مع سورية في فبراير/شباط الماضي. حينها اعتبر مراقبون تصعيد المليشيات ضد القوات الأميركية إخلالاً بقواعد الاشتباك بين الطرفين.
تخفيف الضربات ضد القواعد الأميركية في سورية
وفي أعقاب مقتل جنودها، قصفت طائرات أميركية نحو 80 هدفاً للمليشيات المدعومة من إيران في سورية والعراق، وأوقعت في صفوفها خسائر، ما دفع لتخفيف ضربات المليشيات الإيرانية ضد القواعد الأميركية في سورية تدريجياً، ومن ثم توقفها.
عمر البوكمالي: هناك خلافات داخلية بين قيادات المليشيات
وتنتشر عشرات المليشيات، التي يدعمها الحرس الثوري الإيراني، في سورية، خصوصاً شرقي البلاد، وتحديداً في محافظة دير الزور التي تتصل بالحدود السورية العراقية. وتحاول تلك المليشيات فتح طريق يصل طهران ببيروت يمر عبر الأراضي السورية، بالإضافة إلى تنفيذها مشاريع طويلة الأمد.
مشاكل داخل المليشيات الإيرانية
ورأى الناشط عمر البوكمالي، وهو أحد أبناء محافظة دير الزور، أن مليشيات إيران في سورية لديها مشاكل في صفوفها، كما أن هناك رفضاً شعبياً يتفاقم ضدها من قبل الأهالي، لاسيما شرق محافظة دير الزور.
وأضاف البوكمالي، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك وجهاء من مدينتي البوكمال والميادين ذهبوا قبل مدة قصيرة إلى دمشق ومدينة دير الزور لمطالبة القوات الروسية بأن تحل مكان المليشيات الإيرانية في السيطرة على المنطقة، نظراً لكثرة التجاوزات التي تقوم بها بحق الأهالي، وبالتالي فإن المليشيات باتت تخشى تحركات غير متوقعة ضدها، سواء من قبل الأهالي أو غيرهم في المنطقة، وبالتالي فإنها تتحسب للقادم".
وأضاف البوكمالي أن "هناك خلافات داخلية بين قيادات تلك المليشيات، بالإضافة إلى تهم بالخيانة والعمالة، وهناك اعتقالات جرت بين صفوف عناصر وقيادات تلك المليشيات على خلفية تلك التهم. وبالتالي فإن تلك المليشيات تحاول أن تلملم مشاكلها وعدم توسيع خلافاتها وصراعاتها".
ونوه البوكمالي إلى أنه "من الأساس فإن الضربات السابقة على القواعد الأميركية في سورية لم تقدم ولم تؤخر، باستثناء ضربة الأردن، التي أخلّت في قواعد الاشتباك بين الطرفين، وبالتالي فإن إيران تحاول أن تصدر نفسها إعلامياً بمساندتها غزة، لكن ليس إلى حد أن تدخل بصراع مفتوح مع الولايات المتحدة، وهي ليست قادرة على تحمل التبعات".
عمار فرهود: العراق وسورية واليمن صناديق بريد يتبادل فيها الإيرانيون والأميركيون الرسائل
من جهته، لفت الباحث السوري المختص بالجماعات ما دون الدولة، عمار فرهود إلى أن "الاستهدافات الإيرانية للقواعد الأميركية كانت مرتبطة بشكل كبير بالحرب الدائرة في غزة، والانعطاف الكبير الذي أخذته هو استهداف إيران للبرج الأميركي في الأردن الذي تبعته حملة من القصف والاستهدافات الأميركية للتشكيلات الإيرانية في سورية والعراق، ما أجبرها على تغيير عدد من قواعدها ومقراتها ومراكز تخزينها بشكل جذري".
العراق وسورية واليمن صناديق بريد
وأضاف فرهود، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "العراق وسورية واليمن هي صناديق بريد يتبادل فيها الإيرانيون والأميركيون الرسائل بين بعضهم البعض، ولا يمكن أن تتحول إلى ساحة صراع بين الطرفين، فالأميركيون إذا أرادوا الصدام المباشر مع إيران فالطريق مفتوح أمامهم إلى طهران".
ولا يعتقد فرهود أن "الطرفين يرغبان في الوصول إلى حالة الصدام المباشر بين بعضهما البعض وذلك لسبب مهم جداً، وهو عدم القدرة على ضبط كرة النار التي ستتدحرج في الإقليم في حال اشتعال هذا الصراع. والغالب هو استمرار سياسة الضغط من دون السماح له بالوصول لمرحلة الانفجار".
وأشار فرهود إلى أن "القرار الاستراتيجي للتشكيلات العسكرية مرتبط بإيران، فطهران هي التي تقدم التعليم والخبرة العسكرية وحتى العلاقات التجارية التي تساعد على تأمين خطوط تمويل خارج إطار الدولة. وعليه، فقراراتها الرئيسية والاستراتيجية مرتبطة بطهران، على عكس القرارات الداخلية والمحلية والتي تتخذها وفقاً لما تراه مناسباً لها وللمجتمع الذي تتواجد فيه، كالتجنيد أو الانتشار أو التحالفات المحلية".