وقفات احتجاجية جديدة في تونس تنديداً بحملة الاعتقالات.. ومنظمات تنتقد وزير الداخلية
شهدت تونس العاصمة، اليوم الأربعاء، مسيرات عديدة تنديداً بالاعتقالات الأخيرة التي شملت معارضين للنظام.
ونظمت "جبهة الخلاص الوطني" وقفة أمام المسرح البلدي بشارع الحبيب بورقيبة، فيما نظم حراك "نساء ضد الاستبداد" مسيرةً نحو ساحة القصبة، انطلاقاً من أمام وزارة العدل، لتنضم إلى الوقفة التي نظمتها "جبهة الخلاص"، كما سيتم تنظيم وقفة أمام السجن المدني بمنوبة، مساندة للسجينة السياسية المناضلة شيماء عيسى، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.
وقال رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي في كلمة، إن "وزير الداخلية توفيق شرف الدين قال، أمس الثلاثاء، في بنقردان إنه يتابع تحركات الجبهة، ووصفها بأنها تحركات يندى لها الجبين، ووجه اتهامات خطيرة للجميع، من قبيل أن من بينهم إرهابيون، وأن هناك مؤامرة ضد أمن الدولة"، مشيراً إلى أن "النقابيين الذين يتمسكون باستقلاليتهم والسياسيين الأحرار، والإعلاميين والقضاة، جميعهم تم وصفهم بالخيانة من الوزير".
واعتبر الشابي أنه "بمثل هذا الخطاب، تم تحويل وزارة الداخلية إلى وزارة الحرب على الداخل"، مشيراً إلى أن "الوزير يخطئ هنا، لأن لا منصب يبقى، وكل بطش سيتحول إلى معرة، وأن الحرية ستنتصر"، مبيناً أن "كل محاولة لتوظيف جهاز الأمن مرفوضة، لأنه جهاز وطني أقيم لحماية الحريات". وأكد الشابي أن "الأحرار صامدون، وسيواصلون الدفاع عن الديمقراطية".
من جهته، لفت رئيس "حزب العمل والإنجاز" عبد اللطيف المكي إلى أن "أنصار الرئيس قيس سعيّد يروّجون زوراً وبهتاناً أن الاعتقالات جاءت للمحاسبة، ولكن لا شيء منها، فالمعتقلون السياسيون يحاسبون على فقط على أفكار وأقوال، وهذه مغالطات، والسلطة تعتمد على المناوئين الذين لا يخدمون النظام، بل يعيثون فيه فساداً".
وأوضح أن المعتقلين مثل الأمين العام السابق لـ"التيار الديمقراطي" غازي الشواشي، والأمين العام لـ"الحزب الجمهوري" عصام الشابي، "طالبوا بالإصلاح والحوار الوطني وفق أي مبادرة، سواء عبر الاتحاد العام التونسي للشغل أو أي مبادرة أخرى، لكن سعيّد رفض الحوار، والسبب أنه أراد أن تتخمر المشاكل ولا تُحلّ لاستعمالها لاحقاً لتبرير الانقلاب".
بدوره، لفت الناشط السياسي عز الدين الحزقي إلى أن "سعيّد يظن أن المعارضين يخشون السجون، والحقيقة أنهم لا يخشون ذلك"، مؤكداً أن "تهمة التآمر ضد الدولة مغلوطة، فأي تآمر وسعيّد يضع يده على كل المؤسسات؟".
ولفت الحزقي إلى أن "سعيّد لم يجد حلاً لمشاكل البلاد، فاستهدف المناضلين لأنه لا يعرف النضال والحرية"، معتبراً أنه "لم تعد هناك دولة للأسف، ولم تعد هناك مؤسسات".
من جهتها، قالت نائبة رئيس مجلس النواب المنحل سميرة الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "جبهة الخلاص أقرت وقفة دورية أسبوعية مساندة للمعتقلين"، مؤكدة أنهم يساندون اليوم، في اليوم العالمي للمرأة، الناشطة بـ"جبهة الخلاص" شيماء عيسى التي تحاسَب لأنها مناهضة للانقلاب، مضيفة أن "هذه الوقفة فرصة للتذكير بأنه بعد سنتين من الحكم الأحادي، فإن الانقلاب أضر بالصورة الديمقراطية لتونس".
ولفتت إلى أن "تونس اليوم تُنعت بالعنصرية، وهذا الدمار يلزمه سنوات لاستعادة الثقة، وتونس تشهد شبه عزلة دولية لم تشهدها سابقاً".
منظمات تندد بتصريح وزير الداخلية التونسي
في سياق متصل، نددت منظمات وجمعيات تونسية في بيان بتصريح لوزير الداخلية التونسية توفيق شرف الدين، أمس، في بنقردان جنوب تونس، قالت إنه "يصف فيه الإعلام والنقابات ورجال الأعمال والسياسيين بالمرتزقة والخونة، في خطاب تخويني رث، يضع الجميع في سلة واحدة، ويحرض على الأجسام الوسيطة، في استعادة لخطاب شعبوي خطير يبشر بالدولة البوليسية".
وكان وزير الداخلية قد قال، أمس الثلاثاء، على هامش زيارته إلى مدينة بنقردان في الذكرى السابعة للاعتداءات الإرهابية على المدينة، إنه يتابع من وصفهم بـ"الممثلين على المسرح البلدي"، في إشارة إلى "جبهة الخلاص" التي تظاهرت الأحد في المكان نفسه.
وأضاف شرف الدين أن "الكثيرين لا علاقة لهم بالقاضي الحق والإعلامي الحق والنقابي الحق.. ويتاجرون بكلّ القيم"، متسائلا: "من نهب المال العام؟ من خرّب الاقتصاد؟ من تاجر بشعار الحصانة البرلمانية والقضائية وبرسالة الإعلام ورسالة العمل النقابي؟.. لقد كانوا أبعد ما يكون عن القاضي الحقّ والنقابي الحق والإعلامي الحقّ".
وفي ردها على كلام وزير الداخلية، أكدت المنظمات والجمعيات الموقعة على هذا البيان المشترك أنها "بقدر ما تحيي ملحمة بن قردان العظيمة التي أثبتت قدرة التونسيات والتونسيين على هزم الإرهاب والإرهابيين والقوى التي تدعمها وتمولها وتغطي عليها، فإن تصريح وزير الداخلية خارج السياق السياسي للمناسبة، والذي عوض أن يكرسه لخطاب الوحدة والتماهي بين كل التونسيات والتونسيين في سبيل مزيد الالتفاف ضد الإرهاب ثقافة وممارسة من أجل هزمه نهائيا، نراه يجنح لخطاب تقسيمي فئوي يحتكر الوطنية ويسحبها من أغلب القوى التي تصدت للإرهاب وثقافته التي عششت لسنوات في المجتمع التونسي".
واعتبر الموقعون أن هذا التصريح "يأتي في سياق أزمة الإعلام العمومي والخاص التي تهدد وجوده، والتي من أسبابها المباشرة سياسة الحكومة التي تتلكأ في إصلاح الإعلام تمهيدا لتصفيه العديد من مؤسساته في إطار سياسة معاداة الأجسام الوسيطة وتهميش أدوار الصحافة".
ودعت الجمعيات والمنظمات الموقعة على هذا البيان المشترك وزير الداخلية إلى "الاعتذار عن هذا التصريح العنيف والخطير والمتسرع وسحبه من صفحات الوزارة على شبكات التواصل الاجتماعي، وتحمله تبعات خطاب التحريض والتخوين على سلامة وحياة الإعلاميين والنشطاء النقابيين والمدنيين والسياسيين".
ومن المنظمات والجمعيات الموقعة الاتحاد العام التونسي للشغل، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والجامعة التونسية لمديري الصحف.