نعى معارضون سوريون، اليوم الخميس، الناشطة السياسية والمعارضة بسمة قضماني، التي وافتها المنية في العاصمة الفرنسية باريس بعد صراع مع المرض عن عمر 65 سنة، قضت أكثر من 50 عاماً منها خارج بلادها.
قضماني أستاذة في معهد العلاقات الدولية الفرنسية، وعضو سابق في "المجلس الوطني السوري"، وساهمت في تأسيسه، وعضو هيئة التفاوض السورية واللجنة الدستورية.
ولدت بسمة قضماني في دمشق عام 1958. وفي عمر 10 غادرت مع عائلتها إلى المنفى في بيروت لثلاثة أعوام، ثم لندن فباريس التي عاشت فيها معظم سنوات حياتها.
فكر الناشطة السياسية بسمة قضماني تأثر بوالدها الدبلوماسي سابقاً، والمعارض لاحقاً ناظم قضماني، في وجه وزير الخارجية السوري الأسبق إبراهيم ماخوس بعد هزيمة الـ67 مطالباً إياه باستقالة الحكومة، الأمر الذي أدى لسجنه ثم نفيه خارج بلاده، فعاش في المنفى الذي اختبرته بسمة منذ طفولتها.
الطفلة السورية منفية
الطفلة السورية المنفية حولتها أيام النفي إلى أكاديمية وحقوقية بعدما حصلت على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من معهد الدراسات السياسية في باريس، كما أسست مبادرة الإصلاح العربي، وهي شبكة من معاهد البحوث والسياسات العربية المستقلة تعمل على تعزيز الديمقراطية في العالم العربي، وكانت المديرة التنفيذية للمبادرة.
ما بين بداية ثمانينيات القرن الماضي والتسعينيات منه أنشأت وأصدرت برنامج الشرق الأوسط في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إفري) في باريس، وكانت أستاذة مشاركة للعلاقات الدولية في جامعات فرنسية، من بينها السوربون، كما قادت من مصر، التي عاشت فيها سبعة أعوام، برنامج الحكومة والتعاون الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة فورد، ثم أصبحت مستشارة في مجال التعاون الدولي في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي.
وحتى عام 2011، كانت قضماني مستشارة مرموقة لمدير البرنامج الأكاديمي في أكاديمي دبلوماسي الدولي، وفي الفترة من 2007 إلى 2009 كانت مستشارة أولية في مجال التعاون الدولي في مجلس البحوث الوطني الفرنسي وباحثة مشاركة في مركز الدراسات الدولية (سيري-العلوم بو)، في الفترة من 2006 إلى 2007، وكانت أيضاً من كبار خريجي الجامعة الزوار في كلية فرنسا من 2005 إلى 2006.
تعتبر بسمة قضماني إحدى أبرز وجوه الحركة السياسية النسوية السورية، ونشطت في مساندتها للنسوية بموضوعية ودون تطرف أو حدة، فطالبت بحماية حقوق النساء من اللائي لا يتوافقن مع فكرها، قبل المتوافقات معها، ودعمت في هذا المجال مبادرات عدة لتمكين وتعزيز دور المرأة السورية، لا سيما في مجال العمل السياسي وحقوق الإنسان.
وخلال فترة نشاطها ركزت قضماني فاعليتها ودعمها للمبادرات والتجارب في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، أي محيط منشأها، وحازت القضية الفلسطينية إلى جانب قضية بلادها على حيز كبير من اهتمامها.
كل هذه النشاطات وغيرها مكنتها بجدارة من الحصول على جائزة ريموند جورج لعام 2011 من أجل العمل الخيري المبتكر لدور منظمتها "مبادرة الإصلاح العربي" في تعزيز الديمقراطية في سياق الربيع العربي.
وإن كانت الراحلة قضماني قد بدأت نشاطها المدني المعارض ضد النظام والسعي لإحداث تغيير ديمقراطي في بلدها، حتى ما قبل الثورة من خلال المراكز والفعاليات التي شاركت فيها، إلا أن اندلاع الثورة في ربيع عام 2011 كان من شأنه أن يجعل قضماني وجهاً معروفاً للكثير من السوريين المناصرين للحراك ضد نظام بشار الأسد، لا سيما من خلال منصبها كمتحدثة رسمية في المجلس الوطني السوري، الجسم الجامع للمعارضة السورية قبل تأسيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.
قضماني شاركت في الكثير من الفعاليات والمبادرات للمعارضة السورية، وكانت عضواً في هيئة التفاوض السورية المعارضة قبل استقالتها بسبب خلافات على آلية اختيار الأعضاء والقوائم، لكنها بقيت عضواً في اللجنة المصغرة لصياغة الدستور عن قائمة المعارضة، وقدمت في اجتماعات اللجنة أورقاً واقتراحات قانونية ودستورية هامة.
في الذكرى العاشرة لاندلاع الثورة قبل عامين، قالت: "أنا بسمة قضماني، من يهدد الشعب السوري هو بشار الأسد، ومن يحميه هو القانون والقضاء المستقل، نريد سورية ديمقراطية دون الأسد".
هكذا رأت بسمة قضماني واقع بلادها، وهكذا حلمت بأن تكون الديمقراطية وسيادة القانون عنواناً لمستقبل سورية، التي لا تزال تعاني جراء الحرب التي فرضت عليها من قبل النظام.